الخليل- قُدس الإخبارية: كشف تقرير لموقع “واللا” العبري، أن جيش الاحتلال أغلق تحقيقًا في قتل الشهيد عريف جرادات قبل سنتين في الخليل، دون التوصل إلى نتائج، أو تنفيذ عقوبات، ما دفع عائلة الشهيد إلى إقامة دعوى قضائية ضد جيش الاحتلال، مطالبة بفتح التحقيق مرة أخرى، بعد أن تبيّن أن إفادات الجنود فيها تناقضات وتغييرٌ للأقوال.
يدور الحديث هنا عن شهيدٍ يعاني من متلازمة داون، أُصيب برصاص الاحتلال في قرية سعير بمحافظة الخليل سنة 2016، ثم استشهد متأثرًا بجروحه بعد شهرين. تقول عائلة الشهيد عريف، إنه كان يلعب مع أصدقائه عندما اقتحمت قوات الاحتلال المنطقة، واندلعت مواجهات، فهرب أصدقاؤه لكنه لم يستطع استيعاب الموقف، ولم يبتعد فتم إطلاق الرصاص عليه، رغم أن شقيقه صاح في الجنود بأن عريف مريض.
ووفق “واللا”، فقد توجهت عائلة الشهيد في شهر أيار/مايو 2016 من خلال “اللجنة الشعبية لمناهضة التعذيب في إسرائيل”، إلى النيابة العسكرية الإسرائيلية، للمطالبة بفتح تحقيق في الملف، ثم في شهر شباط/فبراير 2017 جاء الرد بأنه تم بالفعل فتح تحقيق. وفي تشرين الأول/أكتوبر الماضي طلبت العائلة التعرف على التقدم الذي حدث في التحقيق، فاكتشفت أنه تم إغلاق التحقيق بحجة عدم توفر أدلة كافية.
ويُشير التقرير إلى أن المسافة الزمنية بين استشهاد عريف وفتح التحقيق في قتله بلغت 9 أشهر، وقد ادّعى الجنود أنهم سمعوا أصوات إطلاق نار تبيّن أن مصدرها “ضابط الصف”، وأنه أطلق النار بسبب زجاجة حارقة. أفاد أحد الجنود بأنه “لم يكن هناك أي خطر حقيقي ومباشر على حياتنا من جانب معيّن”. فيما زعم قائد الفرقة بأن إطلاق النار تم بعد مشاهدة شخص من مسافة 20 مترًا يقترب نحوهم حاملاً زجاجة حارقة مشتعلة، وأن الواقعة بالكامل استغرقت ثلاث ثواني.
يُعلّق المحامي الموكّل من العائلة بمتابعة القضية خليل ظاهر، بأن هناك تناقضًا في إفادات الجنود، فالجنود يقولون إنهم سمعوا صوت رصاصتين، بينما يقول ضابط الصف إنه أطلق رصاصة واحدة، مبينًا أنه لا يوجد مبررٌ يُعلل عدم اعتقال عريف بدل إطلاق الرصاص عليه.
وأضاف المحامي ظاهر، في الاستئناف على إغلاق ملف التحقيق، أن الجندي القاتل انتهك تعليمات إطلاق النار، رغم أنه “يتبين لكل عاقل أنه كان بالإمكان التصرف بشكل مختلف دون التسبب بإصابة قاتلة أدت إلى وفاة شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة دون أن يشكل أي تهديدٍ على الجنود”.
وأكد الاستئناف أن رفض الجندي القاتل الخضوع لاختبار كشف كذب، والتناقضات بين إفادات الجنود، وتغيير الإفادات، كافة بحد ذاتها لإثبات ذنب الجندي الذي أطلق النار، مطالبًا بفتح ملف التحقيق من جديد بغرض استكماله.
وانتقدت عائلة الشهيد جرادات طريقة إدارة ملف التحقيق، وقد عبّر شقيقه عن “خيبة أمله” من مماطلة “الشرطة العسكرية” في فتح التحقيق، ثم إغلاق التحقيق دون محاسبة المتهمين أو حتى محاكمتهم، مبينًا أن جيش الاحتلال اعتقل أحد أفراد العائلة بتهمة التحريض بعد نشر صورة الشهيد، كما أن والده توفي بعد 40 يومًا من استشهاد عريف قهرًا وألمًا عليه.
وأفاد موقع “واللا” -نقلاً عن الناطق بلسان جيش الاحتلال- أن الجيش نقل كافة الإفادات التي تلقاها إلى النيابة العسكرية، وتم إغلاق التحقيق الذي وصفه بأنه “جذري” وفق زعمه، مبينًا أن الجيش يفحص الآن إمكانية إعادة فتح ملف التحقيق بناءً على الاستئناف الذي تقدّمت به العائلة.
يُذكر أن تقريرًا سابقًا لمنظمة “بتسيلم” الحقوقية الإسرائيلية أكد أن أغلب جرائم القتل العمد التي ارتكبها جنود الاحتلال في الضفة، تم إغلاق التحقيق فيها دون محاكمة الجنود القتلة، وأن حالات معدودة على أصابع اليد الواحدة هي التي تم تحويل ملفاتها إلى المحاكمة، والقاسم المشترك بينها أنها مُصوّرة بالفيديو، وقد انتهت جميعها بتبرئة المتهمين، أو تنفيذ عقوبات مخففة بحقهم، بل إن إحدى القضايا انتهت إلى ترقية ضابط كان قد قتل شابًا قرب الجدار الفاصل عند مدخل القدس.