تصادف اليوم الواحد والثلاثين من أيار ذكرى وفاة القائد الفلسطيني فيصل الحسيني على إثر نوبة قلبية أصيب بها خلال زيارته للكويت.
وكان الحسيني في أول زيارة يقوم بها مسؤول فلسطيني إلى الكويت بعد حرب الخليج الثانية 1990، وذلك بهدف المشاركة في مؤتمر لمناهضة التطبيع. وقد أعلن عن وفاته في ساعة متأخرة من الليل متأثراً بنوبة قلبية حادة. ونقل جثمانه إلى عمان على متن طائرة كويتية تمهيدا لنقله إلى القدس المحتلة ليوارى الثرى إلى جانب والده الشهيد عبد القادر الحسيني في المسجد الأقصى المبارك.
وينتمي فيصل الذي عُرف بلقب "أمير القدس" إلى عائلة فلسطينية عريقة من أشهر أبنائها جده موسى كاظم الحسيني ووالده الشهيد عبد القادر الحسيني الذي انضم إلى صفوف الثورة الفلسطينية في 1937 ومن ثم استشهد في معركة القسطل قبل سقوط القدس عام 1948.
ولد فيصل في بغداد عام 1940، وتلقى تعليمه الأولي فيها ثم أكمل دراسته الجامعية في القاهرة ودمشق. ومنذ عام 1964 استقر في القدس وانخرط في صفوف العمل الوطني. انضم لمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1965 والتحق بأكاديمية الضباط السورية، وبعد أن أنهى دراسته العسكرية انضم إلى جيش التحرير الفلسطيني عام 1967. قام بتأسيس "جمعية الدراسات العربية" عام 1979 والتي تعمل حتى اليوم في توثيق التغييرات السياسية في القدس، وانتخب عضواً في المجلس الإسلامي الأعلى في القدس منذ عام 1982.
ينتمي فيصل الحسيني إلى المدرسة السياسية التي تدعو إلى تطبيق قرارات الأمم المتحدة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وبالأخص قراري 242 و 338، ويطالب بعودة اللاجئين الفلسطينيين أو بحقهم في التعويض، ويؤكد أن خيار السلام هو أفضل الخيارات المتاحة أمام السلطة الوطنية الفلسطينية حتى في ظل استمرار التصعيدالعسكري الذي تقوم به الحكومة الإسرائيلية، مبرراً ذلك بأن السلطة الفلسطينية ليست مستعدة بعد للأخذ بالخيار العسكري في صراعها مع إسرائيل، وليس معنى ذلك الدعوة إلى وقف الانتفاضة -كما قال في الندوة العالمية للقدس التي عقدت في قطر في نوفمبر/تشرين الثاني 2000- إذ يرى أن أهمية الانتفاضة تكمن في أنها "تسبب قلقاً لإسرائيل، ويزداد معها رجل الشارع الإسرائيلي كل يوم قناعة -حينما يرى إصرار الفلسطينيين على التظاهر والمطالبة بحقوقهم– بأن هذا المكان الذي احتلوه لا يمكن أن يبقوا فيه". وبالنسبة لتأثيرها في المجتمع الدولي فيرى أهميتها في "تغيير قناعات الرأي العام العالمي، وحشد المواقف العربية والإقليمية في صف القضية الفلسطينية".
رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحق شامير مشاركته ضمن الوفد الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام الذي عقد في أكتوبر/تشرين الأول 1991 بحجة أنه من سكان القدس التي تعتبرها إسرائيل جزءا من أراضيها، وحتى لا يجعل مسألة القدس قضية يمكن أن تطرح للنقاش، مما اضطر فيصل الحسيني إلى بناء بيت في الضفة الغربية، وقد أتيحت له بعد ذلك فرصة المشاركة في عهد إسحق رابين.
وكانت جنازته التي نقل فيها من رام الله إلى المسجد الأقصى حدثاً مهيباً وصفته الصحف الفلسطينية بأنه أدى إلى "تحرير القدس لساعات" إذ امتلأت شوارع المدينة بالفلسطينيين، وكان بعضهم يرفع بطاقات هوياتهم الخضراء في إشارة إلى دخول أهالي الضفة إلى القدس التي طالما منعوا من دخولها، فيما خلت شوارع المدينة من المستوطنين والجنود.