لم تكن القضية الفلسطينية بالنسبة للصحافي السعودي جمال خاشقجي أمراً عادياً، بل دافع عنها وساندها منذ شبابه وحتى اللحظات الأخيرة لحياته.
ولم تكن آراءه مقتصرة على لقاءات تلفزيونية بل وثق النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي منشوراته التي تحدث عن فلسطين بها قبل يومين فقط من اغتياله.
وكان منشوره الأخير الذي كتبه ضمن سلسلة منشورات قبيل اغتياله وقعاً خاصاً لدى النشطاء العرب عامة والفلسطينيين خاصة، حيث قال فيه: "أغادر لندن وفلسطين في البال، حضرت مؤتمرا وتعرفت على باحثين وناشطين مؤمنين بعدالة قضيتها من أطراف الأرض، رغم قوة اللوبي الاسرائيلي الذي حاصر اَي تعاطف معها إلا أن صوتها لا يزال عاليا هنا، في عالمنا يحاولون تغييب فلسطين لكسر الغضب فينا ولكنها حاضرة في ضمير كل مواطن، وإن صمت".
وبالعودة للوراء قليلاً فإن حديثه قبل بضعة شهور عن القدس والمسجد الأقصى تحديداً ومنادته لولي العهد السعودي محمد بن سلمان بضرورة الدفاع عنها وأنها مكملة للحرمين المسجد الحرام والمسجد النبوي، يثبتان حجم ارتباط هذا الكاتب والصحافي العربي بالقضية الفلسطينية.
خاشقجي الذي كان يرى فيه أنه أنموذجاً للصحافي السعودي العربي المدافع عن القضية الفلسطينية بالرغم من محاولات التغييب للقضية طوال السنوات الماضية والنظر إليها على أنها باتت شيئاً هامشياً في ظل المتغيرات الإقليمية الكبيرة على الساحة العربية.
وبالعودة للوراء أكثر فإن الصحافي جمال خاشقجي ليس ذو حديث عهداً مع مناصرة القضية والمظلمين سيما وأنه سبق ووقف مع مبعدي مرج الزهور حينما كان مراسلاً صحافياً في الحياة اللندنية وكان أول من أدخل إليها الكاميرات في حينه التي وثقت حجم المعاناة لعشرات القيادات الفلسطينية التي أبعدت في حينه.
وكان موقفه من التطبيع منسجماً مع مبادئه التي لطالما نادى بها إذ سبق وأن طرح متسائلاً في مقالة كتبها في صحيفة الحياة اللندنية بعنوان: "هل تحتاج السعودية إلى علاقات مع إسرائيل؟" وأكد خلالها على عدم حاجة الرياض لذلك.
واعتبر أن ذريعة التطبيعيين بأن العلاقة مع دولة الاحتلال ستفضي بالضرورة إلى تحسين أوضاع الفلسطينيين ما هو إلا مجرد أوهام.
إن ما سبق وغيرها من المواقف التي وقف فيها هذا الرجل مدافعاً عن القضية الفلسطينية ومطالباً بالوقوف إلى جانب شعبها ومقداساتها يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن قضيتنا كانت على سلم أولوياته وتشكل بالنسبة له مصدر إلهام.