لو كانت الأقلية الثورية على خطأ لما انتصرت دائماً ولما انتصرت العلوم والثورات الاجتماعية الكبرى و تغير العالم، ولكن مأساة الأقلية الثورية كامنة في طبيعتها عبر التاريخ، تأتي عكس السائد والمهيمن والتقاليد، غريبة وعجيبة، فالهدف هو التغيير وليس التكيف أو التحول إلى أكثرية إنتخابية أو التواطئ مع ما يطلبه الجمهور ولذلك تدفع الثمن دائماً.
والأقلية الثورية ليست أقلية تابعة ملحقة كما هو حال أكثر أحزابنا اليوم ذلك لأنها ثورية أي لا ترضى أن تكون هامشية الفعل حتى لو كانت هامشية العدد تقدم نفسها بديلاً ولو كنا عشرة رفاق كما يقول ماو تسي تونغ.
كان في وسع النبي العربي محمد (ص) أن يكون أكثرية سهله جدًا جدًا، لو أراد أن يتوجوه ملكاً على العرب لكن حينها كان سيخسر مُلكه في اليوم التالي وسوف لن يحدث التغيير.
وسقراط وهو أبو الفلسفة، لم يشرب السم اعتباطاً وهبلاً، جاليلو قال "الأرض تدور" يعني؟ أنها كروية، وظل يقول "لكنها تدور" حتى حين وضعوه بين منطق الكنيسة وحبل المقصلة وكان يدرك أنه ذاهب إلى حتفه.
وهكذا كان ناجي العلي أيضا، قال مرّة "أنا يا عمي من جماعة سبارتاكوس" يعني أنه ينتمي إلى ثورة العبيد ومن يقاتل حتى آخر رسمة/ طلقة، ولم تقنعه كل وجوه الأكثرية الطاغية ولا كثرة السحيجة، أو الذباب، لا فرق حول كعكة وكوفية "الزعيم".
وفي زمن مضى كانت البرجوازية طبقة الأقلية الثورية في مواجهة الاقطاع المتخلف وتسيدت وصارت أكثرية لكن هذا لن يدوم لأن الأيام دول والطبقات ستظل تنشأ وتهرم مثل البشر ومثل الأحزاب وستظل تاتي أقلية وتصير أكثرية وهكذا.
العبرة في سؤال قديم عن جوهر ومعنى التغيير الحقيقي، هل يكون لصالح الانسانية أم فقط لصالح مجموعة من الكهنة وتجار الدم والمال والبشر؟