بناءً على ما استنبطته واستطعت استنتاجه من مراقبة العملية الدعائية لانتخابات مجلس الطلاب في الجامعة العربية الأمريكية، وصلتُ إلى أن معادلة الحزبية المقيتة والانتماء المُتوارث هي المُسيطرة على المشهد الانتخابي حتى هذه اللحظات.
وتعليقًا على ما يُسمى "مُناظرات" أجريت يوم الاثنين في ساحات الجامعة، وهي آخر فصول الدعاية الانتخابية، يمكن قول ما يلي:
1- طلاب الجامعة الذين ينظر إليهم على أنهم ممثلو المجتمع المحلي الفلسطيني ونخبته، لم يأبهوا بتلك المناظرات ولم يشارك فيها سوى عدد من المنتمين للأحزاب والأعضاء فيها، مما يدل على استهتار الطالب أولا بالمادة المطروحة، واعتماد الأحزاب على أعضائها ومؤيديها فقط من أجل كسب المعركة دون محاولة لفت انتباه الآخرين على الأقل أو توجيه أي خطاب دعائي ملائم للأغلبية الصامتة.
2- استهتار الأحزاب كافة بالطالب نفسه وهو الجهة المعنية بالانتخابات، واقتصار الدعاية الانتخابية على الشؤون السياسية على الصعيدين المحلي والدولي سواءً بالضفة الغربية أو قطاع غزة، واقتطاع جزء بسيط من الدعاية لمواكبة الشؤون النقابية والتي بكل تأكيد تحتل مرتبة متقدمة في حسابات لطالب.
3- استخدام صور القيادات السابقة للأحزاب الفلسطينية، كالشيخ الشهيد أحمد ياسين، والرئيس الشهيد ياسر عرفات، والشهيد أبو علي مصطفى، إلى جانب عدد من الأسرى الذين كابدوا مرارة السجن والاحتلال كالأسير سامر العيساوي وأحمد سعدات، مما يشير أيضاً إلى حالة من فقدان الثقة بالقيادات الحالية للأحزاب، إضافة إلى انعدام تلك الشخصيات القيادية الوحدوية التي من شأنها أن تجمع الطلاب على كلمة واحدة.
4- استغلال الأحزاب للمنصة من أجل تفريغ الطاقات وشن الهجوم السياسي على جميع الكتل الطلابية المشاركة بلا استثناء، فقد يمكن إجمال مشهد المناظرة المزعومة بكلمة واحدة "تفريغ الأحقاد الحزبية" فحسب، مما يعني عدم استغلالها من أجل جذب الطالب من خلال طرح برنامج عمل نقابي لخدمته، إنما العمل على إثارة المكبوت العاطفي والوطني فحسب.
5- تبدو حالة اليأس واضحة من خلال عدم مشاركة النزر الأكبر من طلاب الجامعة وحضورها للمهرجانات حتى من بعيد، وهذا يدّل أولاً على حالة إحباط وفقدان ثقة من الأحزاب التي تخوض غمار هذه المعركة، وعدم وعي الطالب لحقوقه ومضمون العملية الانتخابية ومآربها والمعنى منها ثانيًا، وتلك الأخيرة أعظم.
وأخيرًا، ورغم كل هذه الملاحظات، أتمنى أن تجري عملية الاقتراع يوم غد الثلاثاء بصورة مزينة من التوافق والانسجام وتفهم لمعنى التعددية الحزبية والفكرية واحترام الغير بعيدًا عن أي مناكفات حزبية من شأنها أن تعرقل مجرى العملية الانتخابية، وأن تشرع الأحزاب كافة في أعقاب الانتخابات بالعمل والتحضير لانتخابات العام المقبل، على أن تكون بنكهة أخرى مغايرة، انتخابات يشارك فيها الطالب ذاته بقناعته وحده، يصوت لمن يشاء ويعبر عن رأيه ويقرر مصيره بذاته، فكل أحزابنا الفلسطينية في نهاية المطاف هي أحزاب مقاومة سابقًا وحاضرًا على الرغم من بعض التحفظات، وجميع الأحزاب تمثل عددا لا بأس به من أبناء هذا الشعب المُقاوم، والأحزاب المجتمعة تدل أيضا على ثقافة هذا الشعب وديمقراطيته وحريته وقبوله بمبدأ الرأي والرأي الآخر.