شبكة قدس الإخبارية

"البلاط" ملاذ عائلات غزة للهروب من حر الصيف

هيئة التحرير

غزة – خاص قدس الإخبارية: مع حلول ساعات المساء تفترش الأسر الفلسطينية في قطاع غزة الأرض "البلاط" هرباً من ارتفاع درجات الحرارة وغياب التيار الكهربائي وانقطاعه لساعات طويلة تصل في بعض الأحيان إلى نحو 20 ساعة يومياً مقابل 4 ساعات وصل فقط.

وأضحى مشهد افتراش الأسر بكبيرها وصغيرها للأرض وهي مكشوفة أملاً في ملامسة أجسادهم بضعاً من برودة "البلاط"، حدثاً متكرراً خلال السنوات الأخيرة بفعل استمرار أزمة انقطاع التيار الكهربائي وعدم حل الأزمة منذ بدايتها قبل 12 عام.

ولا يبدو أن هذه الأزمة التي تقترب من عامها الثالث عشر على التوالي في طريقها للحل نظراً لارتباط الكثير من أزمات قطاع غزة بالواقع السياسي وفشل كل الجهود التي بذلت عبر أطراف عدة من أجل إيجاد وسائل وبدائل أخرى.

وباتت اللقطة الأكثر تداولاً في الأيام والساعات الماضية في أعقاب تفاقم أزمة التيار الكهربائي بشكل إضافي بغزة، هي مشهد افتراش الأطفال للأرض وتحديداً لـ "البلاط" وهو الاسم الدارج شعبياً بين الفلسطينيين هي السمة الأبرز للحديث عن هذه الأزمة.

وتحول ليل أهالي غزة المظلم بفعل انقطاع الكهرباء إلى مصدر للألم والقهر خصوصاً في ظل عدم قدرة الكثير من الأسر على توفير البدائل كالمولدات نظراً لتكلفته المرتفعة؛ في الوقت الذي ترتفع فيه معدلات الفقر والبطالة في صفوف معيلي هذه العائلات.

أما المشهد الثاني وهو الأكثر حضوراً في مجالس أهالي غزة فهي الأواني البلاستيكية الفارغة المستخدمة للطعام في الأساس، والتي تحولت إلى "كونديشن" كما يصفه أهالي غزة كونها تساهم في التخفيف عليهم وعلى أبنائهم الصغار من حدة الحرارة التي ترتفع بشكل كبير في فصل الصيف.

ووفقاً لبيانات سلطة الطاقة بغزة وشركة توزيع الكهرباء فإن قطاع غزة الذي يقطنه ما يزيد عن مليوني نسمة ضمن مساحته التي لا تزيد عن 365 كيلو متر مربع، يحتاج إلى 550 ميجا واط لا يتوفر في أفضل الأحوال سوى 120 ميجا واط، بنسبة عجز تقترب من 430 ميجا واط.

وتدفع هذه الأزمة التي يصفها سكان القطاع بالمستعصية الكثيرين منهم إلى ترك منازلهم والهرب نحو شاطئ البحر للتخلص من ارتفاع درجات الحرارة في منازلهم أو الجلوس في المنتزهات العامة لساعات طويلة في ظل انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة.

وفي الشهور الأخيرة توقفت محطة التوليد الوحيدة عن العمل لأسباب عدة أهمها غياب الوقود الخاص بها تارة بفعل قلة الجباية المالية وتارة بفعل إغلاق المعابر ما أدى لتردي واقع الكهرباء واشتداد الأزمات وتضاعفها عما كانت عليه في السابق.

وأسهمت العقوبات التي فرضتها السلطة الفلسطينية منذ آذار/ مارس الماضي وحتى الفترة الحالية في تعزيز الأزمة، إذ توقفت عن دفع فاتورة كهرباء غزة إلى جانب قيامها بتقليص رواتب الموظفين وغيرها من الإجراءات التي اتخذت تحت ذريعة الضغط على حماس لتسليم قطاع غزة لحكومة الوفاق.

وخلال السنوات الماضية برز إلى السطح عشرات المقترحات الخاصة بحل أزمة كهرباء غزة عبر جلب سفينة ترسو قبالة شاطئ القطاع أو تركيب خلايا شمسية أو زيادة الكميات الواردة من الخطوط المصرية والإسرائيلية لكنها لم ترى النور.

ودمر الاحتلال الإسرائيلي محطة توليد كهرباء غزة عام 2006 في أعقاب أسر المقاومة الفلسطينية للجندي الأسير سابقاً جلعاد شاليط ما أسهم في بروز المشكلة حيث تدرجت ساعات الانقطاع طيلة السنوات الماضية من ثماني ساعات قطع إلى 12 ساعة وصولاً إلى 16 و20 ساعة حالياً.

وفي أعقاب الحروب الثلاثة التي شنها الاحتلال الإسرائيلي على غزة استبشر أهالي القطاع بإمكانية أن يكون ملف الكهرباء أحد الأزمات التي من الممكن أن يتم حلها والتخلص منها إلا أن ذلك لم يتم إذ ارتفعت حدة الأزمة.