شبكة قدس الإخبارية

"القصف بالقصف".. هل يؤدي فرض المعادلة الجديدة لمواجهة شاملة؟

هدى عامر

غزة- خاص قُدس الإخبارية: توالت أيام التصعيد على غزة خلال الشهر الأخير، لأكثر من مرة، وصعدت معه معادلة جديدة لفرض قواعد الاشتباك، مفادها أن "القصف بالقصف"، وأوصلت المقاومة رسائلها للاحتلال بأن غزة لم تعد ميدان رماية لطائرات "F16" الإسرائيلية، وستردّ المقاومة في حال أقدم الاحتلال على ارتكاب حماقات في القطاع.

وأعلن جيش الاحتلال، أمس الأربعاء قصف 25 هدفًا من بينها مواقع عسكرية وأراضٍ زراعية في قطاع غزة، فيما ردت المقاومة الفلسطينية بقصف مستوطنات غلاف غزة بنحو 45 صاروخًا وقذيفة.

وبعثت المقاومة الفلسطينية، رسائل واضحة للاحتلال، مفادها أن غزة لم تعد مرتعًا للصواريخ، وأنها لن تصمت، في وقت بدأت فيه معركة "الثلاث كلمات" قالت فيها حماس "لا تختبروا صبرنا" وقال الاحتلال "ما فعلتموه خطأ"، وسط تساؤلات شعبية حول إمكانية أن تؤدي هذه الجولات التصعيدية إلى اندلاع حرب قريبة على قطاع غزة.

المقاومة تبطل قواعد الاحتلال

من جهته، قال المحلل السياسي حمزة أبو شنب، إن حكومة الاحتلال سعت من منذ أسابيع عديدة لفرض قواعد اشتباك جديدة، تفيد بأن أي حريق شعبي، من الطائرات الحارقة، سترد عليه "إسرائيل" عسكريًا، وهو ما ترفضه المقاومة، وتسعى لفرض قواعدها بأن القصف العسكري سترد عليه بالمثل أيضًا.

وأضاف في حديثه لـ"قُدس الإخبارية"، أن الاحتلال يمارس نهج الرد على الطائرات الورقية، من أجل الضغط على المقاومة، ورفع ثمن الطائرات الورقية بقصف مواقع عسكرية لكن المقاومة ردت بالقصف في محاولة لإبطال قاعدة الاشتباك التي يحاول الاحتلال فرضها على غزة.

وبحسب أبو شنب، فان هناك تفريق في الحديث عن الاغتيالات بين القيادات أو عناصر تطلق الطائرات الورقية، والمقاومة بكل الأحوال ترفض تمرير سياسة الاغتيال بحق قياداتها أو مطلقي الطائرات الورقية، على حدود غزة، لذا فمن المتوقع أن تؤدي هذه السياسة في حال نفذها الاحتلال إلى اندلاع مواجهة شاملة بالرغم من المحاذير حولها.

وفيما يتعلق باندلاع حرب قريبة على غزة، أكد أن الأمور وفق المنظور الميداني لا زالت في إطار السيطرة، فالاحتلال لا يريد مواجهة شاملة وستبقى الأمور في إطار رد عدوان الاحتلال، ولن تتوسع "إسرائيل" في المواجهة لأنها لا تريد حربًا، وسيطول نسبيًا الشكل الحالي من المواجهة.

غزّة على صفيح ساخن!

من جهته، قال المحلل السياسي إبراهيم المدهون، إن غزّة الآن على صفيح ساخن، بعد حالة تصعيد جرى فيها قصف مواقع للمقاومة، وأعقبه الرد، مضيفًا "يمكن أن نذهب لأبعد مدى، خاصة وأن المقاومة تدرك تعقيدات الموقف، ولكن قدرنا العيش هنا حيث العين تجابه المخرز".

وأضاف المدهون في حديثه لـ"قُدس الإخبارية"، أن قصف الاحتلال لن يكون رتمًا طبيعيًا على القطاع دون رد، ولن يستطيع الاحتلال فرض معادلات بقوة النار، لأن ما فشل فيه في 2014، لن يحققه بألف حرب، متابعًا "أي عدوان على غزة سيفشل صفقة القرن وسيعيد قضية فلسطين لما قبل عام 48، حيث تعزز الروح للأمة بإمكانية هزيمة "إسرائيل".

وأكد أن معادلة القصف والعدوان مقابل الطائرات الورقية تعبث بقواعد الاشتباك، ولا أعتقد ستقبل بها المقاومة، لأن الطائرات الورقية فعل شعبي سلمي احتجاجي ابداعي، مشددًا على أن المقاومة تريد الفصل بين العمل الجماهيري السلمي وتداعياته وما بين العمل العسكري وقواعد الاشتباك، الرسالة واضحة بالأمس والمقاومة ترفض أي خلط وأي اختراق سيتم الرد عليه بشكل عسكري من المقاومة الفلسطينية.

وبحسب المدهون، فان قواعد الاشتباك تُفرض "ما بين شد وجذب"، ما بين المقاومة والاحتلال، وهناك شبه تفاهم ضمني دون حديث مباشر، بأن أي عدوان سيقابل برد من المقاومة، مشيرًا إلى أن الاحتلال أيضًا لن يمرر عمليات للمقاومة، وحتى لو إطلاق صاروخ سيكون عليها رد فعل إسرائيلي عسكري.

وفيما يتعلق بجولات التصعيد التي كان آخرها أمس، أوضح أن ما حدث بالأمس هو محاولة من الاحتلال لردع الطائرات الورقية وما تحدثه من أضرار، ومقابلتها بالرد العسكري، في المقابل فان المقاومة تعتبر نشاط الطائرات "سلمي عفوي جماهيري"، وترفض اعتباره عسكريًا ولهذا كان ردها على الاحتلال "القصف بالقصف"، وبشكل سريع جدًا.

وعن تعزيز المقاومة لمبادئ جديدة، بيّن المدهون، أن المقاومة تريد أن تعزز مبدأها بأن أي عدوان على غزّة سيكون مكلفًا وباهظًا، والاحتلال بات يدرك أن قطاع غزة لم يعد سهلًا، لكنه يفضل استمرار الحصار والتضييق بدلًا من اختيار مواجهة عسكرية شاملة، وكذلك المقاومة لا ترغب في جرً القطاع إلى مواجهة مكلفة جدا.

أما بالنسبة للحديث عن توقعات الحرب على غزة، قال المدهون، إن جميع الاحتمالات مفتوحة، وغزّة على صفيحٍ ساخن، ونذر الحرب موجودة لكن الاحتلال والمقاومة لا يرغبان في اندلاع حرب، لأسباب تتعلق بالاحتلال والمقاومة.

أما فيما يتعلق بالاحتلال، فان هناك أسباب لعدم رغبته في الدخول بمواجهة مع غزة، أولها أن أولويتهم الآن هي مواجهة إيران وتواجدها في سوريا، كما أن أي حرب في غزة غير مضمونة الحسم وقد تمتد لشهور، وبطبيعة الحال سيؤثر على حالة "إسرائيل" بالمنطقة التي تشهد أجواء من التطبيع وحالة الاحتواء العربية، وتخشى أن تُفشل الحرب جهود الولايات المتحدة في التصفية وصفقة القرن، لذا فان الاحتلال يختار الحصار على المواجهة لأنها مكلفة له بشكلٍ كبير خصوصًا وأنه لا أهداف سياسية كبيرة للاحتلال في غزّة، بحسب المدهون.

وعلى صعيد آخر، أوضح أن المقاومة كذلك غير معنية بحرب، لكنها معنية بلجم الاحتلال الإسرائيلي وفرض قواعد اشتباك ولديها أسبابها بعدم جرّ القطاع إلى حرب إضافة إلى ما يعانيه من الحصار والظروف الصعبة، خاصة في وقت لا يوجد لها فيها تحالفات اقليمية قوية، فالواقع الدولي والبيئة الإقليمية لا تشجع أن تذهب المقاومة إلى حرب، وهي تستغل كذلك حالة التخبط داخل حكومة الاحتلال والانفصال بشأن الحرب على غزة.

يتفق المحللان أن نذر الحرب موجودة لأن هناك مزاودات إسرائيلية داخلية، وحالة الاحتقان على أوجها وقد يفجر حدثٌ صغير مواجهةً كبيرة، لكن الجميع يحاول أن يتحاشاها بالرغم من عدوانية الاحتلال، لكن المقاومة تصدّ وتلجم، مضيفًا المدهون "الواقع ليس سهلًا".