فلسطين المحتلة - خاص قدس الإخبارية: ملفات مزورة في أدراج وزارة الصحة الفلسطينية، كانت سبباً لأن تعاد الفحوصات الطبية لـ 1700 جريحاً كانوا أسرى سابقين في سجون الاحتلال، أرغموا على الوقوف مجدداً أمام لجنة مختصة حيث أخضعوا لفحوصات طبية جديدة بهدف تقييم أوضاعهم.
1700 جريحا، بعضهم مصابين برصاص الاحتلال والبعض الآخر أصيبوا بأمراض وساءت أوضاعهم الصحية جراء الظروف في السجون الإسرائيلية، انتزعوا قراراً في عام 2011 يمكنهم من الحصول على مستحقات مالية ثابتة رغم أنهم قضوا (ثلاث سنوات ونصف - أربع سنوات وثمانية شهور) داخل سجون الاحتلال، وذلك لعجزهم عن العمل وإعالة أسرهم، ليتم تخصيص مستحقات لهم تتراوح بين (1500-2400) شيقل شهرياً، والتي باتت مصدر رزق وحيد لهم ولعائلاتهم.
مصادر خاصة أكدت لـ قدس الإخبارية، أن كافة الجرحى خضعوا للجنة التي أقامتها وزارة الصحة في مدينة رام الله، وذلك بحضور ومشاركة مسؤولين في حركة فتح ممثلين عن كل مدينة، مشيرة ذات المصادر أن التقييم الأولي للجرحى الذين أخضعوا للجنة كانت إيجابية، أي أن مستحقاتهم لن تتوقف، فيما تم إصدار قراراً بإيقاف مستحقات سبعة جرحى دون وجود تفاصيل حول ذلك.
وبينت أن المشكلة بدأت عند اكتشاف أحد أعضاء اللجان الطبية في وزارة الصحة في مدينة نابلس زور تقاريراً طبية لمجموعة من المتقدمين في المدينة، وذلك بهدف أن يحصلوا على مستحقات مالية تحت إدعاء أنهم جرحى أو أصيبوا بأمراض خلال تواجدهم في سجون الاحتلال، وهو ما دفع وزارة الصحة لإجراء تحقيقات واسعة يخضع لها كافة الجرحى الذين يتقاضون مستحقات مالية على بند "العجز الطبي" الصادر عام 2011.
فيما أكد الناطق باسم وزارة الصحة أسامة النجار لـ قدس الإخبارية، على أن قرار إخضاع الجرحى لفحوصات طبية جديدة جاء بعد اكتشاف وثائق مزورة والتلاعب بنتائج من قبل بعض أعضاء اللجان الطبية في وزارة الصحة، ومن قبل بعض المتقدمين لتلك اللجان، وهو ما استدعى إعادة الفحوصات.
وأضاف أن كل الجرحى الذين أخضعوا سابقا للجان الطبية في وزارة الصحة عليهم الخضوع مجدداً وإعادة الفحوصات، وذلك نتيجة لما وصفه بـ "التلاعب الخطير ومس حقوق جرحى آخرين"، متابعاً، "الهدف هو إعطاء كل صاحب حق حقه بما ينص عليه القانون، وخاصة أنه كان هناك تزوير وتلاعب من قبل بعض اللجان والمتقدمين".
ولفت النجار إلى أنه تم اكتشاف مجموعة من الحالات التي جرى فيها التزوير والتلاعب ما يشكك بوجود حالات أخرى، وهو ما دفع وزارة الصحة لإجراء "تحقيق جنائي" حول ذلك مع بعض أعضاء اللجان الطبية.
ما يقارب 300 جريحاً في مدينة جنين، رفضوا الخضوع اللجنة واعتبروا إعادة إخضاعهم للفحوصات مساساً بكرامتهم وتضحياتهم، وتشكيكاً بهم، فيما بين جهاد أبو الكامل أمين سر حركة فتح في جنين لـ قدس الإخبارية، أن جرحى المدينة وافقوا مؤخراً على الخضوع للجنة بحضور عدة مسؤولين في حركة فتح، وذلك بعد أن كانوا يرفضون الخضوع للفحوصات.
وأشار إلى أن النتائج الأولية كانت إيجابية بما يضمن استمرار حصول الجرحى على مستحقاتهم، مبيناً أنهم لم يحصلوا بعد على قرارات نهائية، "الفحوصات كانت ممتازة وايجابية.. مستحقات الجرحى ستبقى كما هي".
واستغرب أبو كامل من اخضاع كافة الجرحى لهذه الفحوصات على الرغم أنه حالات التزوير حصلت في مناطق محددة ولأشخاص محددين، إلا أنه تم إجبار كل الجرحى الذين سبق أن أخضعوا لهذه اللجان، أن يجروا الفحوصات الطبية مجدداً في مقر الوزارة في مدينة رام الله، مبيناً أن تم تشكيل عدة لجان والتواصل مع المجلس الثوري في حركة فتح وأعضاء المجلس التشريعي لبحث هذه المشكلة التي تم تعمميها على جميع الجرحى.
وعن حالات الجرحى، بين أن بعضهم مصاب برصاص الاحتلال وبعضهم الآخر أصيب بأمراض جسدية ونفسية خلال تواجده في الاعتقال، مؤكداً على أن هؤلاء الجرحى يعانون من نسب عجز كبيرة جداً، "هؤلاء الجرحى لا يطالبون بثمن مقابل تضحياتهم، وإنما يطالبون فقط بضمان مستحقاتهم التي تضمن أن يعشوا وعائلاتهم عيشاً كريماً".
علاء أبو عابد (31) عاماً قضى ثلاث سنوات ونصف في سجون الاحتلال، بين لـ قدس الإخبارية أنه تعرض خلال التحقيق في سجون الاحتلال عام 2006 للشبح لساعات طويلة، ما أدى لحصول انزلاق غضروفي لديه، وضغط على العصب، إضافة لفقدانه النظر في إحدى عينيه، وهو ما جعله غير قادراً على العمل.
وأضاف أنه منذ عام ونصف فقط يعيش على المستحقات المالية التي تصرف له ولأسرته المكونة من طفلين، "إذا نقطعت هذه المستحقات فهو رزقي الوحيد، وأنا لم أستطع استكمال تعليمي بسبب اعتقالي لدى الاحتلال.. هذه المستحقات المالية البسيطة هي بصيص الأمل الوحيد لدينا في هذه الحياة"، مشيراً إلى أنه عند خضوعه للجان الطبية وحصوله على تقرير يؤكد عجزه الصحي كان ذلك في ظل إجراءات شديدة جداً.
وتابع، "إذا كان هناك أي خلل أو تزوير، فيجب أن يعاقب شخص بعينه.. رغم أننا نعلم أن الفساد الذي أصله حدث في وزارة الأسرى وليس بـ 1700 أسير لا ذنب لهم بشخص حاول أن يفسد حياتهم"، مؤكداً على السلطة الفلسطينية والصليب الأحمر لديها التقارير الكاملة حول أوضاعه الصحية وما تعرض له من تحقيق قاس في سجون الاحتلال.
وأوضح أنه منذ عام ونصف فقط يحصل على مستحقاته المالية فيما السنوات السابقة كان يخضع لعلاجات مكلفة على حسابه الخاص، مشيراً إلى أنه بعد الإفراج عنه قبل عدة شهور من الاعتقال الأخير تم نقله إلى المشفى الحكومي حيث أخضع للعلاج لأكثر من أسبوعين، وهو ما تؤكده التقارير الطبية.
من جانبه، يبين رامي أبو غليون (39) عاما والذي قضى أربع سنوات ونصف في سجون الاحتلال لـ قدس الإخبارية، أنه يعاني من إصابة خطيرة أسفل القلب بسم واحد، إضافة لمشكلة بقدمه ومشاكل بالنظر، مشيراً إلى أنه يتناول أدوية أعصاب، "أنا اختصر وضعي الصحي أنني نص بني آدم".
وأشار إلى أنه منذ عام 2011 حصل على حقه بالحصول على هذه المستحقات المالية، "لقد كنت أول من حصلوا على هذا الراتب، وذلك بعد كفاح طويل.. وخاصة أنني كنت عسكرياً قبل أن يتم اعتقالي، حاولت العودة إلى سلك الشرطة حيث كنت أعمل إلا أنه تم رفض عودتي، واقترحوا علي العودة إلى بند العجز الطبي الذي كان مطروح حديثاً".
أبو غليون الوالد لطفلين يؤكد أن هذه المستحقات (2400 شيقل) هي مصدر رزقه الوحيد، "بعد أن تورطنا في ديون وقروض أصبحنا مهددين بقطع هذه المستحقات.. أنا شخصياً لا مشكلة لدي إذا تم إيجاد بديل آخر لي أستطيع منه إعالة أسرتي"، متابعاً، "ليس ذنبي أن يتم قطع راتبي، بسبب اكتشاف بؤرة فاسدة في وزارة الصحة كانت تزور وتقبض مبالغ مالية من الأسرى... ليس ذنبي أن أتحمل خطأ ارتكبه غيري".
ويتخوف الجرحى أن يتم تنفيذ تقليصات، بوقف رواتب بعضهم أو تخفيض رواتب آخرين كمرحلة أولية، استجابة للضغوطات الأمريكية التي تمارس على السلطة الفلسطينية وما تقدمه من مستحقات مالية لعائلات الجرحى والأسرى والشهداء.