شبكة قدس الإخبارية

غزّة: هل يحقن الصلح العشائري الدماء؟

إسلام الخالدي

غزّة- خاص قدس الإخبارية: حوادث عدة شهدها قطاع غزة مؤخرًا، من قتل واغتصاب وتفجيرٍ وسط حي سكني، دفعت الصلح العشائري لاتخاذ إجراءاتٍ إضافية تكون مكملة لخطوات القضاء، لكنها أبدًا ليست بديلًا عنه، وذلك في محاولة لتسريع احتواء القضايا وإيجاد حلول لها، وإنقاذ الموقف ووقف النزيف؛ حفاظاً على سلامة الناس، مع مراعاتهم لإجراءات النيابة العامة ووزارة الداخلية، فهل ينجح الصلح العشائري من حقن الدماء في غزة؟

حفاظًا للأرواح

وعن دور رجال الإصلاح والعشائر في حقن الدماء وصون الحقوق، قال علاء الدين العكلوك ممثل دائرة الإصلاح العشائري بوزارة الداخلية بغزة، "العرف العشائري هو المظلة الآمنة التي يحتمي تحتها الشعب الفلسطيني، فله الدور البارز في حقن الدماء، لذلك نجد أن القضاء العشائري يسارع بمجرد حدوث أي إشكالية يبادر على الفور بالتدخل لحقن الدماء بين الأطراف المتنازعة، ولعله يسبق الأجهزة الأمنية كونه الأقرب من الشارع والأكثر في الحضور والقبول للتدخل بين الناس.

وأضاف لـ "قدس الإخبارية"، "نتدخل لنشر الوجه بين الأطراف المعنية، ومن ثم نقوم بالحصول على التكليف من الطرف المعتدي إلى الطرف المعتدى عليه، وهذا ما يقال عنه في عرفنا "من استتار استجار"، ويتم بعد ذلك أخذ العطوة من الطرف المعني وترتيب الأمور، متابعًا "إما أن نصل بين الخصوم إلى الصلح والتراضي وتشريع الحق أو يلجأ الطرف المعتدي عليه إلى القضاء وبهذا تندثر الخصومة بين طرفي النزاع، ومن هنا يساعد الصلح العشائري بإخماد فتيل الأزمة".

وعن العقبات التي تواجهه، أوضح العكلوك، "نسير بين الناس في الإصلاح والصلح، ولا شك أن هناك عقبات نستشعر بها، فنجد أن أطرف النزاع لا يفقه كثيراً في الأعراف العشائرية، وبعض الأفراد يعلو باسم عائلته وسطوته ضد العائلة الأخرى التي ربما أن تكون ضعيفة ولا تتوازى مع العائلة الأخرى". وناشد العكلوك، كافة المعنيين بأن يكون لهم النظرة الثاقبة عن دور رجال الإصلاح، الذين يعملون لتوفير السلم المجتمعي، ولا بد أن يكون هناك نظرة احترام وتقدير على جهودهم المبذولة.

ويشير إلى أن بعض من المشكلات كان لهم فيها دوراً بارزاً بحقن الدماء وتهدئة النفوس الغضبة، فبعد الأحداث المؤسفة التي وقعت في حي الصبرة ونجم عنها ارتقاء 8 ضحايا قبل عدة أسابيع، أسرعوا إلى المنطقة من أجل الاستعانة بسيارات الإسعاف وطواقم الدفاع المدني للقيام بواجباتهم المنوطة، وتم إنقاذ الجرحى وإخراج القتلى وهم من عائلات مختلفة.

وأضاف، " بعد تشييع الجثامين ودفنهم بالمقبرة الشرقية، العائلات رفضت أن تفتح بيوت العزاء لأبنائها، لكن بجهود الخيرين من الوجهاء ورجال الاصلاح والمخاتير، استطاعوا اقناعهم بأن يقدموا على هذه الخطوة لن يضيع حقوقهم على الإطلاق".

وتابع، "توجهنا مكلفين من قبل عائلة أبو عاصي إلى العائلات الخمسة، للقيام بالواجبات العرفية المعهودة من أجل امتصاص الغضبة التي أصابت العائلات المنكوبة، فكان الدور الكبير لأهل العلم ورجال الدين بتهدئة النفوس، فناشدناهم بالله بأن يعفوا ويصفحوا لكن المصاب جلل، لذلك طلبنا من العائلات أن يمنحونا الأمن والأمان للشيوخ والنساء والأطفال، وتم منحهم ذلك وتحديد الطرقات حتى لا يكون هناك احتكاك مباشر بين عائلة الجاني وعائلات المجني عليهم"، مؤكداً على أن القانون يأخذ مجراه وتم دفع تعويضات للمصابين وأصحاب البيوت المتضررة.

الصلح لا يلغي القانون!

من جهته، قال الناطق باسم الشرطة أيمن البطنيجي، إننا نفتح مجالًا كبيرًا للعشائر بالتدخل السريع لحل بعض القضايا الشائكة حتى قضايا القتل منها، ولا يتم الحل العشائري إلا بالتنازل أمام النيابة العامة والتوقيع على وثيقة تثبت ذلك، وبعد ذلك يأخذ القضاء العرفي مجراه".

وأكد لـ "قُدس الإخبارية"، أن التدخل السريع من قبل رجال العشائر يعيق بعض القضايا والتي من الممكن أن تزيد تعقيداً مما كانت عليه، ومن هنا لم يكن دورهم رئيسياً وجذرياً للتخلص من انتشار توسع بؤرة المشكلة، مشيراً إلى أن الخطر الكبير في هذه المرحلة، أنه إذا لم يستطع العرف السيطرة على الوضع، فان ذلك يستدعي من النيابة أخذ إجراءات تعجيلية.

ونوّه إلى أن هناك قضايا لم ينجح العشائر في حلها وما زالت معلقة، مشيراً إلى تدخل لجنة رابطة علماء فلسطين ومطالبتهم بالقصاص الفوري خاصة في حالات القتل، التي من الممكن أن تتسبب أضراراً بليغة بالمجتمع، وإخلالًا بسير إجراءات القضاء.

في المقابل، ثمّن دور رجال العشائر والإصلاح في حقن الدم والتخفيف من المصاب، مؤكداً على أن هذا الاجراء لا يغني عن إجراء النيابة العامة سواء تمت المصالحة أو لم تتم، مضيفًا "نحن صارمون وبشدة لاستكمال ملفات القضايا؛ تحقيقاً للعدالة والردع العام والخاص"