شبكة قدس الإخبارية

مناجم الحجر الأحمر كنز فلسطيني مسلوب

هيئة التحرير
 

سلفيت - خاص قدس الإخبارية: لا يكتفي الاحتلال بسرقة الأرض وتغيير الواقع التاريخي والجغرافي لفلسطين فقط، فنهب وسرقة الثروات الطبيعية الفلسطينية والسيطرة عليها بقوة السلاح، من خلال استخدامها لأساليب الترهيب الممنهجة وخلق فراغ كبير بين أصحاب الأرض الفلسطينيين وثرواتهم الطبيعية لإضعاف هويتهم الوطنية والتاريخية بهذه الأرض، هو نهج آخر يعتمده الاحتلال.

وفي محافظة سلفيت، وبالتحديد في قرية سرطة الواقعة جنوب غرب من مدينة نابلس، توجد العديد من مناجم الحجر الأحمر في الجبال الصخرية للقرية، التي تزينها حقول الزيتون والزعتر الفلسطيني.

مناجم الحجر الأحمر هي عبارة عن تجويفات واسعة ومغائر كبيرة، لبعضها مداخل تحت الأرض ويتميز الحجر بارتفاع ثمنه بالإضافة للونه المميز، كما أن الطلب والاقبال عليه كبير، لجودته العالية وتحمله لكافة الظروف المناخية التي تشهدها فلسطين.

تهميش وابتزاز نفسي

من جانبه يقول المحلل السياسي يوسف حجازي لـ "قدس الاخبارية"، "مناجم الحجر الأحمر بالضفة الغربية مهمشة ولا تلاقي اهتماماً ودعماً من قبل السلطة الفلسطينية، حيث يتعرض أصحاب هذه المهنة لسياسة الابتزاز والتنكيل النفسي لهم بهدف منعهم وتجريدهم من المعدات التي يعملون بها لاستخراج الحجارة في محاولة من الاحتلال لثنيهم عن العمل بهذه المناجم".

وبين حجازي، "أن وقوع هذه المناجم في المنطقة (جيم) أدى لاستغلال المستوطنين لهذه المناجم باعتبارها توجد في مناطق تقع تحت السيطرة الإسرائيلية، وأنه لا يحق لأي عامل فلسطيني العمل أو التواجد في هذه المنطقة لاستخراج الحجارة الحمراء، حتى أصبح بعضهم يقوم بالعمل خلسة خوفاً من ملاحقة المستوطنين له، وفي أحيان أخري يتم مصادرة معداتهم وأدواتهم حتى لا يتمكنوا من العودة إلى العمل مجددًا".

وأكد حجازي لـ "قدس الإخبارية"، "أن الاحتلال يمارس عنصريته الواضحة اتجاه الفلسطينيين، من خلال منح الامتيازات للمستوطنين للاستفادة  من هذه الأراضي وخيراتها الكامنة في باطنها والبنى التحتية والبناء في المنطقة (جيم)، وتقوم بحرمان أصحاب الأرض من حقوقهم المشروعة في استغلال مقدراتهم والاستفادة من مواردهم ومن بينها استخراج الحجارة الحمراء".

وطالب حجازي بضرورة فضح الممارسات والانتهاكات الإسرائيلية ضد العمال الفلسطينيين للدفاع عن حقوقهم، ومناصرة قضاياهم العادلة في حرية العمل والتنقل وذلك بالتعاون مع المنظمات الحقوقية والمؤسسات الإقليمية والدولية.

يذكر أمه عقب توقيع اتفاقية أوسلو الثانية بين الاحتلال ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1995، تصاعدت الحملة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، وبخاصة المتواجدين في المنطقة (جيم) والتي تشكل 61% من مساحة الضفة الغربية، بحجة أنها أقيمت خلافاً لأحكام المخططات الهيكلية الإسرائيلية في تلك المناطق، حيث يتوجب على الفلسطينيين القاطنين فيها الحصول على التراخيص اللازمة من الإدارة المدنية الإسرائيلية للبناء والعمل واستصلاح الأراضي لأي غرض كان.

تضييقات إسرائيلية

من جانبه يتحدث خالد سلمان (45 عاماً) وهو أحد العاملين في مناجم الحجر الأحمر في قرية سرطة فيقول   لـ "قدس الإخبارية"، "أذهب منذ ساعات الفجر الأولى للوصول لأحد المقالع لاستخراج الحجارة الحمراء لتوفير لقمة العيش لعائلاتنا بالرغم من كافة التضييقيات والصعوبات التي نواجهها وتمارس علينا من قبل الاحتلال، ناهيك عن الحواجز الإسرائيلية المتواجدة والانتظار لساعات طويلة حتى يتم السماح لنا بالمرور، والذي غالباً ما يمنعنا من الوصول الى عملنا في هذه المناجم".

ويضيف سلمان لـ "قدس الاخبارية"، "العمل بمناجم الحجر الأحمر يحقق لنا عوائد مالية جيدة، ولكن تضييقيات المستوطنين المتواصلة تجعل عملنا غير منتظم، بالإضافة لقيام الاحتلال بمصادرة معداتنا الثقيلة والتي تقوم بحفر واستخراج الحجارة من باطن الأرض، وكذلك فرض غرامات مالية باهظة علينا، بحجة أننا نعمل في منطقة تتبع السيادة الإسرائيلية ولا يحق لنا العمل فيها، في حين يتقلص عدد المناجم يوماً بعد الآخر حتى وصل مجموعها في القرية نحو 10 مقالع فقط".

وبين أن "الاحتلال يمنع منذ سنوات منح العمال، تصاريح للعمل في مقالع الحجر الأحمر، ولكن على النقيض تماماً فهو يسمح للمستوطنين باستخراج هذه الحجارة ويوفر لهم الحماية اللازمة لأداء عملهم".

"نحن نذهب خلسة لمقالع الحجارة ونتعرض لمخاطر كبيرة أثناء العمل ومن بينها الاعتقال، لمنعنا من الحصول على التراخيص اللازمة للعمل في استخراج الحجارة".

غرامات مالية

أما محمد أبو جيش (35 عاماً) فيقول لـ "قدس الاخبارية"، "تم اعتقالي عدة مرات من قبل جيش الاحتلال، لعملي في أحد مناجم الحجر الأحمر وذلك بحجة عدم وجود تصريح للعمل، على الرغم من أن المنجم هو مملوك لأحد أشقائي ولكننا نمنع جميعاً من الدخول أو العمل فيه لاستخراج الحجارة والتي تعتبر مصدر دخلنا الوحيد".

وبين أبو جيش، "أن الأمر يحتاج لوقفة جادة من السلطة الفلسطينية وكافة المؤسسات الحقوقية لوقف اجراءات الاحتلال التي تهدف لإغلاق مناجم الحجارة الحمراء وتحظر علينا مزاولة أنشطتنا في استخراج الحجارة، مما يؤثر علينا سلباً وخاصة في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة، والارتفاع الهائل في معدلات البطالة".

افتعال الازمات

أما الخبير الاقتصادي يوسف أبو عرقوب فيؤكد أن "الاحتلال يواصل عزل قرى ومدن الضفة الغربية اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً من خلال الإمعان في التضييق على العمال الفلسطينيين لخلق وافتعال الأزمات، والذي سيؤدي بدوره لتردي الأوضاع الاقتصادية بشكل كبير، وارتفاع معدلات البطالة لمستويات غير مسبوقة".

وبين  أبو عرقوب لـ "قدس الإخبارية"، "أن ذلك يظهر جلياً من خلال عمليات المصادرة المستمرة للأراضي، وإغلاق العديد من المنشآت والمصانع بحجة عدم حصولها على التراخيص اللازمة، بهدف ضرب الاقتصاد الوطني الفلسطيني والذي يعتمد اعتماداً كلياً على الاقتصاد الإسرائيلي".

وأشار أبو عرقوب، "هناك موارد في الضفة الغربية لو تمكن الفلسطينيون من استغلالها ستحقق عوائد مالية جيدة وسترفع الناتج المحلي الفلسطيني، ولكن المصادرات الإسرائيلية لها والتضييق على العمال، وغياب المتابعة الرسمية من قبل المسئولين في السلطة الفلسطينية، كل ذلك يحول دون حصول الفلسطينيين على حقوهم المشروعة في العمل والصناعة".

 وبحسب الجهاز المركزي للحصاء الفلسطيني ووفقاً لمعايير منظمة العمل الدولية فإن نسبة البطالة في فلسطين قد بلغت 26.9%، وبلغ عدد العاطلين عن العمل 360 ألف شخص خلال عام 2016 ، منهم حوالي 153 ألفًا في الضفة الغربية، وحوالي 207 آلاف في قطاع غزة.