نابلس - خاص قُدس الإخبارية: يشتعل الشوق في نفوس الآلاف من أهالي قرى كفر قليل وبورين جنوب نابلس، لينابيع "عين مخنة" التي حوّلها سلاح المستوطنين، لبرك تربية للأسماك ومحطة استجمام للعديد من المستوطنات القريبة.
كانت الينابيع مصدراً مائياً للرعاة من أبناء القريتين، بالإضافة للرعاة والبدو المتنقلين من منطقة الخليل فيما تضاف للموقع أهمية أخرى يمثلها مقام "أبو اسماعيل" الديني الإسلامي الملاصق للينابيع، والذي استولت عليه سلطات الاحتلال ليصبح مزارًا للمستوطنين القادمين من مستوطنة "براخا " المجاورة.
المتابع للشؤون الاستيطانية، الإعلامي نواف العامر، يوضح أنه "بعد اجتياح الضفة الغربية عام 2002 فيما عرف بعملية السور الواقي، بات الأهالي والرعاة في المنطقة محرومين من الوصول للعين، مما أعطى الفرصة للمستوطنين للسيطرة التامة عليها، بعدما كانوا يلوثونها بالمواد السامة للحيلولة دون الوصول إليها والانتفاع بمياهها وأشجارها المثمرة.
وبحسب العامر، فانه يمكن في الوقت الحالي رؤية برك السباحة والمتنزه وبرك تربية الأسماك بالعين المجردة من منطقة تسمى الخلة في قرية كفر قليل جنوب نابلس.
وتتوارد في ساعات النهار سيارات المستوطنين نحو العين التي يقصدونها للاستجمام في المنطقة المذكورة تحت حماية مشددة من قوات الاحتلال بينما ينمي المستوطنين هوايتهم في التدرب على الأسلحة في الموقع بين الفينة والأخرى لفرض أجواء من الخوف والترهيب على مالكي الاراضي لهجرها والى الأبد.
وشهدت منطقة العين والبيوت الثلاثة الملاصقة لها بما يعرف بمنازل آل الكردي إستهدافاً منظماً من المستوطنين للسيطرة عليها أحياناً، بالإضافة لزيارات أعضاء حركة (شهود يهوه) القادمين من الولايات المتحدة الأمريكية للتبرك والعبادة في المنطقة التي يقف مقام أبو اسماعيل الإسلامي فيها شامخاً دلالة على الوجود الفلسطيني في المنطقة منذ قرون.
وبحسب العامر المتابع منذ سنوات طويلة لحال الينابيع، فان مياه العين الغزيرة، حيث تزوّد مزارع المستوطنين لري أشجار العنب والزيتون في السهل المحاذي لشارع القدس وحاجز حوارة ،حيث تبدو أشكال الزراعة فيها مختلفة عن مثيلاتها في الأراضي التي يزرعها الأهالي.
وإستكمالاً لدور المستوطنين يُسَيِر جيش الاحتلال دوريات متواصلة في الطريق الرئيسي والطرق الترابية المحاذية للعين لمنع الرعاة الفلسطينيين ومالكي الأرض من الوصول إليها تحت ذرائع أمنية، بينما تُشق الطرق في المنطقة لتمكين المستوطنين من بسط سيطرتهم بالقوة على المنطقة.
وشهدت المنطقة في الرابع عشر من كانون أول 1988، مواجهةً بين الرعاة والمستوطنين، تمكن خلالها الفلسطيني حمدان النجار من قرية بورين من قتل ضابط أمن في مستوطنة براخا المقامة على أراضي كفر قليل وبورين قبل أن يستشهد برصاص الاحتلال.
ويحذّر المهندس محمود الصيفي مدير مركز أبحاث الأراضي، من توسعة استيطانية جديدة على حساب الأراضي المجاورة والتي بدت في نصب خيام وبركسات جديدة قبل أيام في منطقي "الحرجوج" و"الخلة" من أراضي كفر قليل.
ويستنكر الصيفي متسائلًا "إذا كان المستوطنون تدعمهم دولتهم، ويساندهم الملياردير العربي المعروف مسكوفيتش، فأين رجال الأعمال والمليارديريين والجهات الرسمية من دعم الأهالي الفلسطينيين في الاستصلاح والثبات على أرضهم في مواجهة الاستيطان وجرافات "خرابه" التي تغرس أنيابها في أشجار الزيتون والأراضي البكر في المنطقة؟"
العديد من أهالي المنطقة، يروون ذكرياتهم مع الينابيع التي كانت تزوّد معسكر الجيش العربي الأردني (معسكر حوارة) بالمياه إبان وحدة الضفتين قبيل الاحتلال، عدا عن كونها مصدراً هامًا للمزارعين في المنطقة، وواحة طبيعية يستمتعون ويستجمون فيها قبيل استيلاء المستوطنين وحكومتهم عليها.