الحكومة الفلسطينية ليست بحاجة للكذب والتبرير في اعتقال أو إحتجاز الصحافيين واستباق نتائج التحقيق مع الصحافي، اذا ارتكب مخالفة قانونية. لكن الحكومة ربما هو غباء أو ضيق أفق، وربما هي متعمدة تبرير الإعتقال كي تقول أنه قانوني حتى لو تم اختطافه من الشارع وبطريقة عصاباتية كما جرى مع الصحافي جهاد بركات، الذي صوّر موكب رئيس الوزراء رامي الحمد الله على حاجز للجيش الاسرائيلي وقد أخضعه الجنود للتفتيش.
الحكومة أعلنت أنه لم يخضع للتفتيش ولم يتم ايقافه، وادّعت أن الأجهزة الأمنية قامت بإعتقال شابين نتيجة تجاوزهما القانون وقيامهما بتصوير موكب رئيس الوزراء الفلسطيني بالقرب من مدينة طولكرم بشكل غير قانوني، وأن الأجهزة الأمنية كانت ترصد تحركاتهم منذ مدة طويلة وسيتم التحقيق معهم وإحالتهم إلى جهات الإختصاص، واعتبرت الصحافي يروّج للشائعات ومغرض. لقد مسّها الشيطان كيف يتم تصوير رئيس الوزراء وجنود الاحتلال يقومون بتفتيشه، وهذا يؤثر على صورته أمام شعبه وسيادة السلطة وعدم قدرتها على حماية نفسها، مع أن كثير من المسؤولين الفلسطينيين وفِي مقدمتهم الرئيس ورئيس الوزراء لديهم تصاريح مهمّة لتسهيل مرورهم على الحواجز الاسرائيلية، ومع ذلك يتم ايقافهم وتفتيشهم ربما حسب مزاج الجندي أو بتوجيهات من قيادته.
صورة رئيس الوزراء ان ظهرت والجنود يفتشونه، ماذا يضيره أن تتم معاملته كباقي المواطنين الذين يعانوا على الحواجز ويتم إهانتهم وتأثيرهم وتفتيشهم، أم أنه من قماشة مختلفة عن الناس، الحكومة ليست بحاجة للكذب ونفي توقيف الموكب وتفتيش رئيس الوزراء وكيف علمت الأجهزة الأمنية أن الصحافي يرصد الموكب.
الأجهزة الأمنية تكذب لذا اعتقلت الصحافي بركات كي تخيف باقي الصحافيين وتنبيه الرقيب الذاتي في رؤوسهم بأن لا يفعلوا فعله، وممنوع الاقتراب من رئيس الوزراء وهز صورته وهيبته أمام الناس، وهذا تفكير قاصر وكي للوعي بان الفلسطينيين يرزحون تحت الاحتلال ويعانون يوميًا من الانتهاكات الاسرائيلية.
كما أن الحكومة وأجهزتها الامنية إضافة إلى ايقاظ الرقيب الذاتي إرادت التأثير على الرأي العام واستئذانه باتهام الصحافي جهاد قبل انتظار نتائج التحقيق، والسماح لحرس رئيس الوزراء باحتجازه، مع أنها ليست بحاجة لذلك وهي تدعي احترامها لحرية الرأي والتعبير والعمل الصحافي، وإصدار بيان من الحكومة بأن الأجهزة الامنية كانت ترصد تحركاته.
حكومة الحمد الله تفعل كما فعل فرعون عندما قال "ذروني أقتل موسى" لتهيئة الناس لقتله باستئذانهم، فهو لم يكن بحاجة لذلك، لكنه استأذن ليهيئ الرأي العام لما سيفعله تجاه موسى الذي كان يواجه فساد فرعون. والسلطة بجميع إحراءاتها التعسفية وغير المسبوقة والعقاب الجماعي ضد المواطنين في غزة، وضد الصحافيين وحقهم في العمل والتغطية الصحافية، والكتابة والانتهاكات ضد حرية الرأي والتعبير والتغطية على الانتهاكات التي تقوم بها في مخالفة للقانون تمارس ذلك الفعل.وهي كما فعلت الحكومة في غزة عندما تحتجز الناشطين على مواقع التواصل، ولا تزال تحتجز عامر بعلوشة ووجهت له تهمة إساءة التكنولوجيا.
الرأي العام يدرك الحقيقة وأن الصحافيين ومن يمارسون مهنة الكتابة لا يمكن لأي حكومة أن تعاديهم، والتأثر على الرأي العام بتأليبه للتحريض ضدهم وتسيئ للقانون وتنتهكه، وعلى الرغم من أن الصحافيين يمتلكون من الأدوات لمواجهة ظلم وكذب السلطة وتضامن الرأي العام معهم ضد الانتهاكات والفساد والاعتداء على الحريات، إلا أن إجراءات السلطات الحاكمة وقمعها للصحافيين وضعت رقيبًا داخليًا في عقول عدد. كبير من الصحافيين الذي اختاروا السلامة كما يعتقدون على حماية أنفسهم من تغول السلطات الحاكمة وتهديدهم.