الاضراب عن الطعام هو وسيلة للنضال السلمي، والمتمثلة في الامتناع طوعًا عن تناول الغذاء تعبيرًا عن رفض الوضع الراهن، والهادفة إلى استنهاض ضمير العامة مما يجري، كما يشكل الاضراب عن الطعام أداة ضاغطة على صناع القرار.
وتكمن فعالية وتأثير الاضراب عن الطعام في إشهاره وتعميمه إعلاميًا لحشد الحجم المطلوب من التضامن الشعبي والمؤسساتي لتحمل المسؤولية المناطة بهم تجاه الحدث.
وفي العصر الحديث، كان المهاتما غاندي من أبرز من استخدم وسيلة الاضراب عن الطعام في معتقله عام 1922 ابان الانتداب البريطاني لبلاده. وفي الأمس القريب حقّق بعض الأسرى الفلسطينيون المعتقلون دون تهمة ودون محاكمة بهذه الوسيلة انتصارًا، كالأسيرة هناء الشلبي والأسير المحرر خضر عدنان الذي استمر في اضرابه عن الطعام 66 يومًا على التوالي.
وإن أطول فترة إضراب عن الطعام قام بها سامر العيساوي لتحقيق مطالبه وهو أسير فلسطيني في سجون الاحتلال الصهيوني، حيث أنه أضرب عن الطعام لمدة تزيد عن ثمانية شهور، واعتقل مطلع العام 2002 بتهمة مقاومة الاحتلال الصهيوني وفي سنة 2012 أعلن عن إضرابه المفتوح عن الطعلم وبعدها بدأ اضرابه عن الماء لابعاد سجانيه عنه وأخيرًا انتصرت إرادة العيساوي على السجان.
ولا بد من الاشارة أن قدرات الأسرى على التحمل ومواصلة الاضراب متفاوتة لاختلاف الأعمار والقدرات الجسدية عدا عن أن كثير من الأسرى يعاني من أمراض مزمنة، لهذا يتم التحضير للاضراب مسبقًا وتبقى العزيمة والاصرار والصمود، وخبر على المذياع بخروج مسيرة تضامن أو حديث لمسؤول من المسؤولين في قضيتهم السر الوحيد في صبرهم وتسلحهم بالأمل في تحقيق ما أضربوا من أجله.
وأن الإضراب عن الطعام هو خيار أخير يلجأ إليه الأسرى بعد استنفاذ كل الخطوات التي من شأنها تحقيق مطالبهم، قبل اللجوء إلى خطوات تصعيدية تدريجية تصل للإضراب.
وضمن هذا السياق، فإن أكثر من ألف معتقل فلسطيني بدأوا إضرابًا عن الطعام في سجون الاحتلال الاثنين الذي يصادف يوم الأسير، وذلك للمطالبة بتحسين ظروف اعتقالهم وجرت أول تجربة إضراب فلسطينية عن الطعام في السجون الإسرائيلية، بـ "سجن نابلس" أوائل عام 1968، حيث خاض المعتقلون إضراباً عن الطعام استمر لمدة ثلاثة أيام.
أن سلطات الاحتلال تبدأ بممارسة ضغوط على الأسرى حتى قبل الإضراب كالتهديد بسحب الإنجازات والقمع والعزل، الأمر الذي يخرج إلى حيّز التنفيذ مع الشروع بالإضراب.
وأن إدارة سجون الاحتلال تشرع بإجراءات وخطوات عقابية أبرزها اقتحام الأقسام وعزل قيادات الأسرى "في محاولة منها لقطع التواصل بين القيادة وقاعدة الأسرى و تبدأ بـ "زرع الفتنة" بين الأسرى وترويج الأكاذيب حول تبعات الإضراب الجسدية، إلى جانب محاولات خفض الروح المعنوية للأسرى.
وتحاول سلطات الاحتلال بداية الإضراب إهمال الأسرى والظهور بمظهر غير المبالي بأحوالهم وأوضاعهم الصحية، قبل أن تبدأ بعمليات المساومة والضغط على بعضهم، وصولًا إلى الجلوس للتفاوض مع قيادة الأسرى والتوصل لصيغة اتفاق بين الطرفيْن
حيث أخرج الأسرى في سجون عسقلان ونفحة وريمون وهداريم وجلبوع وبئر السبع "كافة الأطعمة الموجودة في غرفهم، وأعلنوا بدء إضرابهم عن الطعام"، حسب ما قالت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية "وفا".
ويقود هذا الاضراب الأسير مروان البرغوثي النائب في البرلمان عن حركة "فتح" بزعامة الرئيس محمود عباس، من الأسماء المطروحة لمنصب الرئيس و يحظى بشعبية واسعة ليس لدى الأسرى وجماهير الشعب الفلسطيني وحسب، بل لدى مؤسسات حقوقية عالمية، وأصبح أحد أحرار العالم وأحمد سعدات (أبو غسان) الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ثاني أكبر الفصائل الفلسطينية في منظمة التحرير الفلسطينية
ويتزامن بدء الإضراب عن الطعام هذا اليوم مع إحياء الفلسطينيين ليوم الأسير الفلسطيني، الذي يحتفلون به سنويا منذ عام 1974.
وأشاد القيادي في حركة فتح وعضو لجنتها المركزية، توفيق الطيراوي، بقرار الإضراب، قائلا إن المعتقلين يخوضون "معركة الحرية والكرامة بالنيابة عن كل الشعب الفلسطيني".
وأوضح نادي الأسير الفلسطيني، في بيان سابق، أن الإضراب يهدف إلى "تحقيق عدد من حقوق الأسرى أبرزها إنهاء سياسة العزل وسياسة الاعتقال الإداري".وتشمل قائمة المطالب تركيب هاتف عمومي للأسرى الفلسطينيين، حتى يتواصلوا مع ذويهم، فضلًا عن مطالب تعلق بالزيارات وتوفير العلاج.
وأشار النادي إلى "وجود 6500 أسير فلسطيني موزعين على 22 سجنا بين سجون مركزية ومراكز تحقيق وتوقيف"، ومن بين المعتقلين "62 أسيرة بينهن 14 فتاة قاصرا ونحو 300 طفل".
وضمن ذلك يخوض 23 أسيرًا أردنيا في سجون الاحتلال الإسرائيلي حرب أمعاء خاوية الأحد، لمساندة الأسرى الفلسطينيين في إضرابهم المفتوح عن الطعام، للمطالبة بتحسين ظروف أسرهم.
وأخيرًا وحسب رأيي المتواضع أرى إنه لم يشغلنا عن القضية الفلسطينية سوى الربيع العربي أو الغربي كما يسميه البعض فأنشغل العرب ببلدانهم ونسوا الشعب العربي الفلسطيني واستغلت ذلك حكومة الاحتلال الصهيوني فقامت بتوسيع بناء المستوطنات وزيادة الانتهاكات ضد الفلسطينيين.
وأنني متأكد بأن الاسرى سوف يحصلون على حقوقهم بعد هذا الاضراب في حال لم تطبق حكومة الاحتلال القانون الذي قامت بتشريعه وهو قانون التغذية القسرية للأسرى المضربين عن الطعام وتعارض اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإطعام القسري أو العلاج القسري؛ فمن الضروري احترام خيارات المحتجزين والحفاظ على كرامتهم الإنسانية. ويتفق موقف اللجنة الدولية من هذه المسألة بشكل وثيق مع موقف الجمعية الطبية العالمية والمعلن عنه في إعلاني مالطا وطوكيو المنقحين في سنة 2006.