كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية في عددها الصادر اليوم الجمعة أن مدينة "تل ابيب" تحولت إلى قناة مركزية للتصدير والاستيراد الأقليمي، في أعقاب "الحرب الأهلية" الجارية في سورية"، وأن قوافل شاحنات تركية وأردنية تعمل تحت حراسة الشرطة على خط ميناء حيفا – الأردن لنقل بضائع أردنية وعراقية إلى تركيا.
وتحدثت الصحيفة عن وجود مخطط لتحويل الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى جسر بري بين البحر المتوسط والدول العربية، نظرا للموقع الاستراتيجي الذي تتمتع به، غير أن تطبيق هذا المخطط يتطلب إغلاق الطريق على البحر المتوسط من سورية.
وأوضحت الصحيفة "أن الأردن محاطة بحدود برية من جميع الجهات، وليس لديها أي منفذ سوى عن طريق العقبة الذي يبعد كثيرا على غالبية مناطق المملكة، ولذلك فإن غالبية حركة البضائع التجارية من وإلى الأردن تتم عن طريق البر، وكانت السفن القادمة من أوروبا وتركيا ترسو في موانئ سورية، وخاصة في ميناء طرطوس الجنوبي، حيث يتم إنزال الشحنات، لتنقلها شاحنات إلى الأردن والعراق، غير أن "الحرب الأهلية" في سورية عرقلت هذا المسار.
وأشارت الصحيفة إلى أن قيام النظام السوري برفع الرسوم على استخدام الأراضي السورية أولا، وبعد ذلك فقدان القدرة على تأمين سلامة السائقين وسلامة البضائع، اضطر التجار من تركيا والأردن للبحث عن بدائل مختلفة، بضمنها العبور من تركيا مباشرة إلى العراق، ومن هناك إلى الأردن، بيد أن الطرق غير الصالحة وغياب الأمن في المناطق الكردية العراقية في الشمال، وشرق تركيا، جعلت الممر أكثر تعقيدا.
وأضافت أن من بين البدائل الأخرى التي كانت مطروحة استخدام ميناء بورسعيد، ونقل البضائع برا وبعبارات إلى السعودية فالأردن، غير أن هذه الطريق طويلة وتستغرق نحو 7 أيام، وبالتالي فإن خسائر فادحة ستلحق بالتجار إذا ما اضطروا لاستخدام هذه الطريق.
وقالت الصحيفة "بعد تجربة كافة الطرق الالتفافية والمعقدة، توجهت الأردن إلى "مكتب التعاون الإقليمي في إسرائيل"، وبعد عدة أيام تقدمت تركيا بطلب استخدام الموانئ الإسرائيلية كممر تجاري، وبضمن ذلك نقل شاحنات تحمل الأكسجين الطبي إلى المستشفيات الأردنية".
ولفتت الصحيفة إلى أن "الرد الإسرائيلي لم يكن سهلا، حيث أن الشاباك كان قلقا من قلة المعلومات المتوفرة لديه عن سائقي الشاحنات وأصحابها، خلافا للشاحنات الفلسطينية التي تدخل الخط الأخضر، وبعد مباحثات مطولة، وبضغط من وزير التعاون الإقليمي "سيلفان شالوم"، تمت المصادقة على دخول بضعة شاحنات أردنية، ارتفع عددها مع مرور الوقت".
وبحسب الصحيفة فإن الشاحنات تدخل إسرائيل عن طريق جسر الشيخ حسين، وتتجه مباشرة إلى ميناء حيفا بمسار يصل طوله إلى 80 كيلومترا، وتخضع لفحص أمني شامل، كما تتحرك الشاحنات بقوافل تصل إلى 10 شاحنات وبمرافقة الشرطة.
وأشارت إلى أن هذه العملية تتم أيضا بشاحنات تركية، حيث تصل ميناء حيفا عبّارة من نوع "رورو"، وعلى متنها نحو 50-150 شاحنة تركية محملة بالبضائع، وتواصل طريقها للأردن برا عبر نفس المعبر الحدودي ويقودها سائقون أتراك.
وبحسب سلطة الجمارك الإسرائيلية أيضا فإنه لا يوجد معطيات حول حجم الاتجار المالي، إلا أن الشاحنات التي تتحرك من الأردن إلى تركيا تحمل في الغالب منتوجات زراعية إلى جانب صناعات النسيج ومنتوجات صناعية خفيفة. ومن تركيا إلى الأردن يتم نقل مواد خام للصناعة ومواد تغليف وأغذية محفوظة.
وأكدت الصحيفة أن الممر البري يعمل منذ سنة بدون أية مشاكل خاصة، وأنه تم إخفاء ذلك بشكل جيد عن الجمهور، بهدف محاولة عدم المس بالعلاقات الحساسة مع الأردن، ونقلت عن مسؤول إسرائيلي قوله "إنه لا يوجد على الشاحنات ما يشير إلى أنها مرت في إسرائيل، كما لا يتم ختم جوازات سفر السائقين، وذلك لأن بعض الشاحنات تواصل طريقها إلى العراق، وأحيانا إلى السعودية اللتان لا يوجد لهما علاقات دبلوماسية مع إسرائيل".
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين قولهم "إن السماح للشاحنات الأردنية بالسفر في إسرائيل هو تعاون مهم ويقرب بين الدولتين، كما أن ما بدا على أنه بادرة إسرائيلية حسنة تجاه الأردن وتركيا، من الممكن أن يتحول مستقبلا على مصدر ربح، حيث أنه من الممكن الوصول إلى أرباح تقدر بـ200 مليون شيكل سنويا من رسوم الميناء والوقود ورسوم لوزارة المواصلات والتأمين، مؤدين على أن الربح الحقيقي هو تحسين العلاقات مع تلك الدول وعلى رأسها الأردن.