غزّة- خاص قُدس الإخبارية: لم يسبق أن أثار فنٌ غنائيّ الجدل بين معارضيه ومناصريه كما فعلت الدحية خلال اليومين الأخيرين، حيث تكفّل انتقاد واحد بقلب الطاولة على المنتقدين وعدا بأصحاب النخوة التراثية إلى الدفاع عنها باعتبارها تراثًا وطنيًا لا يقبل الاهانة والانتقاد، والوصف الذي يرونه لا يليق بكونها ميزة للبدو وتاريخهم.
الخميس الماضي، نشر وزير الثقافة الفلسطيني السابق عطا الله أبو السُبح، منشورًا على صفحته على فيسبوك يعبّر فيه عن رأيه بالدحية الفلسطينية متنكرًا لكونها تراثًا وطنيًا أصيلًا، قائلًا إنه لا يُفهم منه تفاصيل الكلام ومعاني الكلمات.
وقال أبو السبح في منشوره الفيسبوكي إن "الدحية التي لا يخلو منها فرح من أشد الملوثات السمعية، فضلا عن أنها من أتلف صور الفن الغنائي، فقط هي جعير، وكلام أعجمي بدائي غير مفهوم لدي البتة"
28 كلمة كانت كفيلة بإثارة عشر أضعافها من الردود والتعليقات والمهاجمات لكلمات أبو السبح، من مختلف فئات المجتمع الفلسطيني، وحتى من الفصيل الإسلامي الذي ينتمي إليه، إلا أن ذلك لم يمنع منتقديه من توجيه النصح والارشاد مؤكدين أنه أخطأ بحق فئة هامة من الناس وتجاوز بوصفه لفن تراثي بطريقة لا تليق.
https://www.facebook.com/iqarra/posts/10153818772492651 https://www.facebook.com/drisamshawar/posts/1764413817159427بعض التعليقات تجاوزت المنشور للحديث عن تاريخ الدحية البدوية التي يرجع اصلها بحسب مناصريها إلى القبائل العربية قديمًا، والحديث عن البدو ودورهم الوطني وأصل وجودهم بالمجتمعات، معتبرين أن ما كتبه عن الدحية مسيء للفن والتراث وللبدو بشكلٍ عام، مطالبينه بالاعتذار عما بدر منه.
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=10153996730761476&id=646446475 https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=710851709071025&id=100004386076639 https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=1794055104171122&id=100006999497644 https://www.facebook.com/mahmoud.elmadh/posts/10206414441634478 https://www.facebook.com/ab0kalil/posts/633806590127320لم يقتصر الأمر على الردود والتفاعل الفيسبوكي فحسب، بل تجاوز ذلك إلى الحديث عنه باللقاءات العامة والشوارع بغزة وفلسطين عمومًا، ويبدو أنه لم يعد هناك بدوي لم يسمع باساءة السيد أبو السبح للدحية الأمر الذي يعتبرونه تجاوزًا للاساءة إلى البدو بشكل عام، رافضين وصفها "جعير" وكلام أعجمي.
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=710947469061449&id=100004386076639وقامت جماعات بدوية تمارس فن الدحية باقامة فنونها اليوم خلال أحد المناسبات بمدينة غزة مارّة بشوارع المدينة ومفترقاتها، وقد وجهوا رسالة إلى وزير الثقافة السابق في حكومة غزة، عطا الله أبو السبح، على لافتات رفعها الفتية والشبان تضمنت عبارات "الدحية تراث"، "الدحية ليست جعير".
في المقابل، فإن جماعات من قبائل بدوية في قطاع غزة أصدرت عددًا من البيانات الاستنكارية لما ورد في منشور أبو السبح، رافضين بشكل قاطع إهانة الدحية ووصفها بالجعير، داعين المسيء لها إلى الاعتذار الفوري، إضافة إلى مطالبات للحكومة بمراجعته، ودعوة لحركة حماس بالتدخل لما أسموه "درء الفتنة".
وقال تجمع شباب قبيلة الترابين إنه يتوجب على السيد أبو السبح الاعتذار عما قاله بمنشوره "الجعير والملوث السمعي والكلام الأعجمي الغير مفهوم" مهددين بالتوجه للنائب العام إذا لم تتلق القبيلة اعتذارًا رسميًا منه عما بدر من إساءة.
في المقابل، فإن قبيلة الترابين لم تكن وحدها في هذه الخطوة، لقد تعدى الأمر إلى التواصل مع القبائل البدوية وأصدار بيانات استنكارية مماثلة، تدعو فيها إلى تجاوز الإساءة بالاعتذار، وإلا فإن خطوات جدّية ستتخذ بهذا الشأن.
قبيلتا الحناجرة والسواركة هددتا باتخاد اجراءات قانونية وعشائرية، قالتا إن عليه "دفع الثمن" و"الاستعجال بالاعتذار بشكل رسمي وعبر وسائل الإعلام وببيان رسمي وليس أمامه الكثير من الوقت وإلا فانه سيلقي شيئًا لن يرتضيه أمام الشارع الفلسطيني".
مناصرو الدحية، لم يقفوا مكتوفي الأيدي ومتربطي اللسان أمام ما اعتبروه محاولات تشويهها والإساءة لها، فانبرى المئات من البدو وغيرهم للدفاع عنها، لتأخذ صدى واسعًا سيطر على وسائل التواصل الإجتماعي وبعض الوسائل الإعلامية.
والدحية هي فن غنائي بدوي الأصل، ورقصة بدوية تمارس في منطقة النقب من فلسطين والأردن ومناطق الخليج والعراق، وكانت تمارس الدحية قديما قبل الحروب لإثارة الحماسة بين أفراد القبيلة، وعند نهاية المعارك قديما يصفون بها المعركة وما دار بها من بطولات وأفعال أما الآن فهي تمارس في مناسبات الأعراس والأعياد وغيرها من الاحتفالات.
تؤدى الدحية بشكل جماعي، يصطف الرجال بصف واحد أو صفين متقابلين ويغني الشاعر المتواجد في منتصف أحد الصفين قصديته المغناة والتي تشبه الهجيني يردد الصفين بالتناوب (الرداده)، البيت المتفق عليه سلفاً بالتدرج بين كل بيت شعر يلقيه الشاعر وغالباً هو البيت التالي:
هلا هلا به يا هلا | لا يا حليفي يا ولد |
القصائد تتنوع من المدح والفخر إلى الذكر وحمدالله والفرحة والغزل، تؤدى بأسلوب قصصي هو جوهر ما تم الاجتماع عليه كموضع قصصي سردي لمعركة ما أو وصف لديار أو هجاء أو مدح من أشهر مطلع القصائد في الأردن
أول ما نبدى بالقول | صلوا على طه الرسول |
أحيانا يتواجد الحاشي أو المحوشي أمام الصف أو بين الصفين ويقوم برقصة المحوشي "المحوشاه" بين الصفين.