جنين - خاص قدس الإخبارية: بعد 31 عاما على اغتياله، ما زال الاحتلال يخشى الشهيد خالد نزال ويتخوف من عودته، ليشكل تشييد نصبا تذكاريا جديدا له في مدينة جنين، كابوسا الاحتلال سعى سريعا التخلص منه، ولكن بيد فلسطينية.
ففي الثامن من حزيران وبعد أن دشنت عائلة نزال وبحضور قيادات الجبهة الديمقراطية نصبا تذكاريا للشهيد القيادي خالد نزال في شارع حيفا وسط مدينة جنين، حتى بدأت العائلة تتلقى تهديدات بإزالة النصب.
لتتفاجأ نزال في 15 حزيران بهدم بلدية جنين النصب التذكاري ومصادرته من المكان، ريما نزال زوجة الشهيد خالد تروي لـ
قدس الإخبارية، أن رئيس بلدية جنين أرسل طواقم من البلدية قامت بهدم النصب دون الرجوع إلى عائلة نزال والجبهة الديمقراطية.
وقالت نزال، "الشعب الفلسطيني وحده من يقرر حول ميادين ونصب الشهداء، وليس غيرهم (..) إزالة النصب التذكاري للشهيد خالد ليس أمرا عائليا وإنما وطنيا يمس الشعب الفلسطيني"، مؤكدة على أن تشييد النصب الذي تم بحضور ممثلين عن محافظة وبلدية جنين، الذين اتخذوا قرار إزالة النصب دون الرجوع لها وللعائلة.
وأضافت، "نحن كعائلة نتابع القضية، ونريد معرفة اسم من وجه الأوامر لإزالة النصب من أجل محاسبته لأنه يتحمل مسؤولية كبيرة، وارتكب اساءة كبيرة بحق الشعب الفلسطيني وشهدائه".
فور تشييد النصب، بدأ التحريض الإسرائيلي من أعلى الهرم المتمثل برئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو والذي دعا على صفحته الرسمية على توتير بهدم النصب، تعلق نزال، "الاستجابة لهدم النصب يفتح شهية الاحتلال للاستجابة لمزيد من التنازلات، فمن يتنازل عن قضايا رمزية، فيمكن أن يتنازل عن قضايا أخرى".
والشهيد خالد نزال من بلدة قباطية في محافظة جنين، أحد القيادات العسكرية في الجبهة الديمقراطية وأحد عناصر القيادة الفلسطينية التي قادها الشهيد أبو جهاد، كما كان مسؤولا عن تنفيذ عمليات فدائية حتى اغتاله الاحتلال عام 1986 في اليونان.
وأكدت نزال على أنها حاولت التواصل مرات عدة مع رئيس البلدية الذي لم يرد على تساؤولاتها معتبرا هدم النصب ضمن مسؤولياته الإدارية، فيما حاولت
شبكة قدس الاتصال على بلدية ومحافظة جنين إلا أنها لم يتم الرد على اتصالاتها المتكررة.
فيما علق رئيس بلدية جنين محمد أبو غالي لوكالة رويترز، "هناك حجران مكتوب عليهما اسم الشهيد وغيره.، احتج الإسرائيليون على ذلك... وهددوا: إما أن نزيلها نحن أو يدخلوا هم لإزالتها."
وأضاف، أن "السلطة الفلسطينية قررت إزالتها بنفسها حتى لا يتم هدم كل الدوار الذي سيبقى يحمل اسم الشهيد خالد نزال".
علقت نزال، "كان على رئيس البلدية أن يترك الاحتلال ينفذ قراره، وموضوع التهديد بالاجتياح هو ليس جديدا فهو يوميا يقتحم مدينة جنين واستباحته لها (..) كنا نفضل أن يدمر النصب على يد الاحتلال على أن ينفذ على يد الفلسطينيين".
هدم النصب التذكاري للشهيد خالد نزال أوجع العائلة التي لم تتوقع أن يُخلد ذكرى استشهاد شهيدها بهذه الطريقة، تعلق نزال، "خالد اغتيل قبل 31 عاما، واليوم اغتيل مرة أخرى، فهدم النصب أوجعنا كعائلته وأوجع الشعب الفلسطيني كله، فالقيادة التي تتنازل عن قضية رمزية فيمكنه أن يتنازل عن أكبر منه".
من جانبها، قالت القيادية في الجبهة الديمقراطية ماجدة المصري لـ
قدس الإخبارية، إن جرى الترتيب لافتتاح النصب من قبل عائلة الشهيد والجبهة الديمقراطية، إضافة لمشاركة محافظة جنين والبلدية، إذ ألقى رئيسها كلمة أمام الحضور، "الاحتفال الوطني جاء في وقت حساس جدا ردا على المواقف الإسرائيلية التي تدعوا للتنصل من الشهداء والأسرى وتعتبرهم ارهابين وتطالب بعدم دفع رواتبهم".
وأضافت، أنه بعد افتتاح النصب أبلغت البلدية أنها تلقت اتصال من الارتباط وأبلغهم بإزالة النصب التذكاري وإلا سيتم اقتحام المنطقة وهدم المكان، "الجبهة الديمقراطية وعائلة الشهيد رفضت ما يطالب به الاحتلال، وتوقعنا أن البلدية تتشاور معنا حول الموضوع، لنتفاجأ بهدمها النصب التذكاري".
تنظيم الجبهة الديمقراطية في مدينة جنين أصدر بيانا يستنكر فيه استجابة بلدية جنين لهدم النصب التذكاري الخاص بالشهيد خالد نزال، وقد اعتبرته تنازلا سياسيا كبيرا وخاصة أن نتنياهو أول من دعا لإزالة النصب.
علقت المصري لـ
قدس الإخبارية، "التنازلات الفلسطينية في القضايا الكبرى فتحت شهية نتنياهو وأشكاله للضغط علينا من أجل تقديم المزيد من التنازلات(..) التنكر لشهداءنا وأسرانا إلقاء لروايتنا الفلسطين وتزكية للرواية الإسرائيلية".
وأضافت، "إزالة النصب التذكاري للشهيد نزال، هو أمر مشين ومرفوض من قبل كافة الفئات الفلسطينية، وما قام به رئيس بلدية جنين يسيء للسلطة الفلسطينية (..) المطلوب إعادة النصب والتراجع الفوري عن إزالته، ونحمل مسؤولية هذا القرار الغير وطني".
وتابعت، "نحن تحت حكم الدبابة الإسرائيلية التي تقتحم المدن الفلسطينية ودائما هناك هدم للنصب التذكارية للشهداء (..) ولكن أن نقدم هذا التنازل بأيدنا فهو مسيء جدا للنضال الفلسطيني ولا يليق بمحافظة جنين، محافظة الشهداء في ظل رفض كافة أهالي المدينة والفصائل الفلسطينية".
الاحتلال صعد مؤخرا من الشروط التي يحاول فرضها على السلطة الفلسطينية مقابل استئناف المفاوضات، لتتضمن هذه الشروط مطالبات بالتخلي عن رموز النضال الفلسطيني المتمثل بالشهداء والأسرى من خلال قطع مستحقاتهم المالية.
المحلل السياسي بلال شويكي بين لـ
قدس الإخبارية، أن حرب الاحتلال على الفلسطينيين لا تنحصر فقط في الجانب المادي المتمثل بالقتل والإعتقال والهدم، وإنما تتجاوز ذلك لتهدم البنية النفسية للمجتمع الفلسطيني ليصبح عاجزا عن مقاومة الاحتلال.
يقول شويكي، إن "الاحتلال يحاول إيجاد نمط حياة جديدة للفلسطيني تختلف عن النمط المفترض أن يعيشه الشعب الخاضع للاحتلال (..) يظهر الآن بعض الأمور الإجرائية مثل الضغط على الفلسطينيين من خلال المجتمع الدولي للتخلي عن دعمها المالي للأسرى".
وبين أن ذلك يجعل الفلسطيني يفكر بمقاومة الاحتلال، لا بد له أن يفكر بالعوائق المالية التي ستعيش بها عائلته خلال تواجده بالأسر،
وعن إزالة نصب الشهداء استجابة لمطالب الاحتلال، علق نزال، "السلطة الفلسطينية تتعرض للضغوطات واعتداءات، ما يؤكد أن السلطة الفلسطينية ببنيتها الحالية التي أفرزتها أوسلو، منكشفة على الضغوطات الخارجية والداخلية، فهي ليست بنية مؤسساتية قادرة أن تكون ندا للاحتلال".
وأضاف، "الرسائل التي تصلنا على شكل سياسات يتبعها الاحتلال ضددنا كفلسطينيين، يجب أن تدفعنا لإعادة قراءة العلاقة الحالية مع الاحتلال وفق صيغة جديدة تتجاوز الصيغة الحالية، وخاصة أن السلطة ببنيتها الحالية أضعف من أن تواجه ضغوطات الاحتلال".
في ذات السياق، رد ناشط فلسطيني في مدينة جنين على إجراء بلدية جنين بإزالة نصب الشهيد خالد نزال، بإقامة نصب تذكاري آخر للشهيد، كتب عليه، "وعلينا أن نحرس ورد الشهداء من العملاء".