رام الله – خاص قُدس الإخبارية: طفح الكيل وما عاد الصبر يحتمل صبرهم، ليعلن المختطفون الستة في سجون السلطة الإضراب المفتوح عن الطعام، إضراب لا عدول عنه إلا بحريتهم.
خمسةُ شهور مضت، والمحاكم الفلسطينية تصدر القرار تلو الآخر بتمديد توقيف الشبان الستة "هيثم سياج، باسل الاعرج، محمد حرب، سيف الإدريسي، محمد السلامين، وعلي دار الشيخ"، دون توجيه لوائح اتهام لهم.
وكانت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية اختطفت الشبان في التاسع من نيسان الماضي، وقد أعلنت مصادر أمنية فلسطينية وإسرائيلية متطابقة أن الاعتقال تم على خلفية تخطيطهم لعملية فدائية.
المحامي مهند كراجة من مؤسسة الضمير أكد أن الشبان الستة تعرضوا في الأيام الأولى من اختطافهم، للضرب والتعذيب والشبح والشتائم خلال التحقيق، وهو ما أفادوا به أمام النيابة العامة، وبعد ما أحدثه ذلك من ضجة، فقد توقف التحقيق معهم.
وحسبما أبلغ المختطفون الستة عائلاتهم فقد تم نقلهم إلى مركز الخدمات الطبية للعلاج من آثار التعذيب، وخاصة باسل الأعرج (٣٣ عامًا) الذي يعاني أوجاعًا متواصلة بسبب وجود "حصاوى" لديه، وسيف الإدريسي (٢٦ عامًا) الذي يعاني من مشاكل مزمنة في القلب.
وحول إضرابهم، يوضح المحامي كراجة لـ قُدس الإخبارية، أن باسل الأعرج أصبح يعاني مؤخرًا من مرض السكري - لم يكن مصاب به قبل اختطافه - وهو ما يسبب له تخدر متواصل بالأطراف، مشيرا إلى أن الإضراب عن الطعام يضع باسل وسيف في دائرة الخطر الشديد على حياتهما.
ورغم تقديم تقارير طبية تتناول الوضع الصحي لباسل وسيف، والتي تضمنت تخطيط قلب لسيف تظهر خطورة وضعه الصحي الغير مستقر، إلا أن المحكمة رفضت التعاطي معها متحججة بوجود خدمات صحية في السجن.
سيف الإدريسي من مدينة طولكرم، وكان قد تعرض مرات عدة للاستدعاء والتحقيق لدى السلطة، يبين شقيقه سهيل، أن سيف يعاني مؤخرا من عدم استقرار ضغط الدم لديه بسبب ما يعانيه من مشاكل في القلب، وهو وضعه في حالة نفسية وصحية صعبة.
ويضيف لـ قُدس الإخبارية، أن شقيقه ورغم وضعه الصحي كان ينام على الأرض طوال فترة اعتقاله، ومؤخرًا فقط قد حصل على "برش"، "اتصل عليّ وكان سعيدًا جدًا، وطلب مني المباركة له فقد حصل أخيرًا على سرير"، يقول سهيل.
وأوضح سهيل أنه يشعر أن شقيقه يتعرض للتهديد والتخويف، وهو ما يجعله دقيقًا جدًا في الأحاديث التي يجريها مع العائلة خلال الزيارة وعندما يسمح له بالاتصال، حيث بات يعتبر الكثير من الأحاديث هي حساسة ويمتنع عن الخوض بها.
سيف الذي يحمل درجة البكالوريوس في التسويق، منع مؤخرًا والشبان الستة من قراءة الكتب التي لم يسمح لهم بنقلها معهم من سجن أريحا، فيما نقلوا ليوضعوا في زنازين تحتوي على موقوفين جنائيين، وهو ما يثير قلق عائلاتهم.
ولكنّ ما يبدو لافتًا في اختطاف الشبان الستة، هو نقلهم خلال فترة قصيرة بين ثلاث سجون "سجن المخابرات –رام الله، سجن المخابرات– أريحا، سجن المخابرات –بيتونيا) وهو ما أرهق بشكل خاص عائلاتهم الذين يتوافدون لزيارتهم من الخليل وجنين وطولكرم ورام الله وبيت لحم، كما ألحق بهم أضرار مادية ومعنوية في ظل ما يمرون به من تفتيش مذل وظروف زيارة صعبة جدا.
ويبين سهيل أنهم يتعرضون خلال الزيارات للتفتيش المهين والمذل، ويتركوا لساعات على أبواب السجن قبل أن يسمح لهم بالدخول، "الزيارة يكون فيها ما يقارب ١٥ شخص في ممر ضيق جدًا، لا نستطيع سماع بعضنا البعض، ولا نتحدث إلا بالصراخ وهو ما يرهقنا كثيرا، فيما لم يستطع والدي تحمل ظروف الزيارة"، مشيرًا أنه والده أعلن إضرابه عن الطعام تضامنا مع نجله، مؤكدا أن لن يفك إضرابه إلا بالإفراج عن سيف.
أما عن إجراءات المحاكمة، فيوضح كراجة لـ قُدس الإخبارية، أن المحاكم تتعمد المماطلة والاستمرار في إصدار أوامر توقيفهم على ذمة التحقيق، فيما رفضت خلال الشهور الخمسة الماضية ما تم تقديمه من طلبات إخلاء سبيل مقابل كفالة مالية.
وترد المحاكم على معظم طلبات إخلاء السبيل بالرفض، مدعية أن الشبان الستة موجهة لهم تهم تهدد الأمن والنظام العام، على الرغم أنها لم تقدم أي تهم تجاههم خلال الجلسات القضائية التي كانت تعقدها، بينما يطالب المحامي بضرورة تكاتف كل المؤسسات الحقوقية والوقوف مع الشبان الستة ومحاول انتزاع قرار بالإفراج عنهم، وخاصة أن موقوفون على ذمة التحقيق كعقاب لهم، وهو ما يتناقض مع القانون.
شهر واحد فقط، وسيصبح توقيف الشبان على ذمة التحقيق يخالف القانون الذي يسمح بالتوقيف لستة شهور فقط، فيما يتخوف المحامي كراجة أن تواصل المحاكم توقيف الشبان الستة ولكن تحت بند التوقيف لحين استكمال إجراءات المحكمة والتي لا سقف زمني لها.