شبكة قدس الإخبارية

مياه غزة.. سموم يتجرعها آلاف الفلسطينيين

هيئة التحرير

غزة - قدس الإخبارية: يواجه ما يقارب 2 مليون نسمة في قطاع غزة أزمة مياه بسبب الحصار الذي مضى على فرضه على القطاع عقدًا من الزمن، وتؤثر هذه الأزمة على كمية وجودة المياه في هذه المنطقة الجغرافية الساحلية التي لا تتجاوز مساحتها 360 كم2.

وحذرت العديد من المؤسسات الدولية من الوضع المتردي في قطاع غزة بسبب شح المياه في السنوات الأخيرة الماضية، لكن الوضع يزيد سوءًا نظرًا لعدم وجود أي حل يلوح في الأفق.

وحذرت الولايات المتحدة في عام 2012 من احتمالية تحوُّل المياه في غزة إلى "مياه غير صالحة للاستعمال بحلول عام 2016، وأنه بحلول عام 2020، لن تكون هناك قابلية لإصلاح الأضرار المترتبة عليها.

ولزيادة الطين بلة، أصبحت غالبية مياه الشرب في غزة مالحة.

ويقول المدير العام لمصلحة بلديات الساحل في غزة منذر شبلاق لموقع Newsweek Middle East: "95% من مياه غزة غير مناسبة للاستخدام المنزلي بسبب ارتفاع مستويات التلوث والملوحة فيها".

وفقًا لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، يجب أن يتوفر الكلور في المياه بنسبة لا تزيد عن 250 ملغ/لتر، إلا أن نسبته في مياه غزة تصل إلى 1500 ملغ/لتر، كما أن تركيز النترات يتجاوز النسبة التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية وهي 50 ملغ/لتر.

ويضيف شبلاق: "إذا لم يتغير وضع المياه في غزة حتى عام 2020، لن تكون هناك مياه صالحة للاستخدام المنزلي".

ويقول د. عبدالله قيشاوي، مدير قسم غسيل الكلى في مشفى الشفاء في غزة: "إن هذه العوامل هي السبب الرئيسي وراء أمراض الكلى والتهاب المسالك البولية لدى سكان غزة،" ويضيف: "تسبب النترات والكلور حصى الكلى بالإضافة إلى الالتهاب، والذي يؤدي إلى فشل الكلى،  ويسبب أمراضًا في أوساط النساء الحوامل والأطفال الرضَّع، موضحا أن 550 مريضًا يجري غسل الكلى وآخرين بنفس العدد تقريبًا يعانون من التهابات مزمنة.

ويحمل شبلاق الاحتلال الاسرائيلي مسؤولية هذه الأزمة، بالإضافة إلى الرأي العام الذي لا يحرك ساكنًا.

ووفقًا له، فقد منع الاحتلال وصول الموارد إلى غزة من خلال إنشائه آبار استصلاح وسدود على مسافة ليست بعيدة من خزانات المياه الجوفية التابعة للقطاع، مما يعيق تدفق المياه لغزة، وبذلك تفقد غزة 10-20 مليون لتر من المياه سنويًا.

وتُقدَّر كمية المياه التي يحتاج سكان قطاع غزة استهلاكها بـ180-200 مليون متر مكعب من المياه سنويا، لكن ما تستقبله من المياه لا يعادل الثلث: 55-60 مليون متر مكعب سنويًا.

فعلى الرغم من انسحاب الاحتلال رسميًا من قطاع غزة عام 2006، لا يزال يمارس عليه قيوده على الأرض والجو والبحر.

ويقول الفلسطينيون إن قوات الاحتلال والمستوطنين هم من تسبب بتلوث المناطق في قطاع غزة قبل مغادرتها.

ويفيد شبلاق أن إحدى المصادر الرئيسية للتلوث هي برك مياه الصرف الصحي التي وضعها الاحتلال في جنوب وشمال القطاع، ويمتد أثر هذه المشكلة إلى الحيوانات والنباتات في القطاع.

وتعمل سلطات الاحتلال أيضًا على عرقلة أي جهد لحل أزمة المياه في غزة، وذلك على سبيل المثال من خلال تدميرها لخزان المياه الخرساني وغيره من المرافق خلال حرب عام 2014، وبالإضافة إلى الأضرار التي ألحقتها في شبكت الصرف الصحي، تسببت الضربات بتسرب هذه المياه إلى المياه الجوفية في القطاع، فقد أعلنت الأمم المتحدة أن 90% من المياه الجوفية في قطاع غزة لا تصلح للشرب إذا لم يتم معالجتها.

بالإضافة إلى ذلك، ترفض سلطات الاحتلال دخول مواد البناء اللازمة لإصلاح هذه المرافق، وتؤخر إصدارها لتصاريح موافقة على الشروع بمشاريع من شأنها تقديم حل لأزمة المياه، وقد تؤخر سلطات الاحتلال إصدار موافقتها إلى ما يقارب السنة.

ومما زاد من شدة الأزمة توقُّف تمويل ودعم الجهات الدولية المانحة لمشاريع القطاع الرئيسية ومنها مشاريع محطات تحلية المياه بعد فوز حماس في الانتخابات عام 2006.

وفي سبيل لحل الأزمة، أنشأ سكان القطاع ما لا يقل عن 4000 بئر مياه غير قانوني، مما يشكل نضوب حقيقي للمصادر الطبيعية للمياه في غزة، ويسبب فقدان حوالي 150 ألف لتر يوميًا.

ويعتمد معظم سكان قطاع غزة في الحصول على المياه بشرائها من شاحنات المياه العذبة التي تحصل على المياه من الآبار المحفورة في جميع أرجاء القطاع.

المصدر: موقع Newsweek Middle East/ ترجمة: نسرين الخطيب