الخليل- خاص قُدس الإخبارية: أثارت عملية الخليل أمس ارتباكًا على الساحة الإسرائيلية بشقيها السياسي والأمني، ووضعت وزير جيشها أمام تحدٍ بالغ الصعوبة في قدرته على التصدي للعمليات الفدائية الفلسطينية، لا سيما تلك التي تأتي متزامنة مع محاولته تغطية فشله في المرات السابقة.
ونفذ مقاومون بإطلاق الرصاص عملية إطلاق نار أمس الجمعة، من سيارة مسرعة تجاه سيارة للمستوطنين على الشارع 60، قرب المستوطنة المقامة قرب بلدة السموع قضاء الخليل، لتنقلب السيارة بعد ذلك وتتسبب بمقتل أحد ركابها على الفور وإصابة اثنين آخرين بجروح، بينما تمكّن المقاومون من الانسحاب بسلام.
حالة من الجدل أثارتها هذه العملية التي اعتبرها الاحتلال طعنة جديدة في خاصرة "الأمن" المزعوم، كما تسببت بحالة من الارتباك والتضارب دفعت بالمجلس الوزاري المصغر إلى الانعقاد لإقرار خطوات عقابية تؤكد استمرار حالة الفشل في التصدي لها.
وبالحديث عن عملية الخليل فان ما يعطيها أهمية، حسب المحلل السياسي عادل شديد هي مسألتي "الزمان والمكان" حيث جاءت في الخليل وتحديدًا بعد 24 ساعة من عملية سبقتها في "كريات أربع" دون أن يتوصل الاحتلال إلى حلٍ لتداركها.
وأوضح شديد لـ قُدس الإخبارية، أن النتائج المؤلمة التي تركتها عملية الخليل تمثلت في وقوعها على الطريق واستهدافها سيارة يستقلها حاخام كبير هو ابن عم رئيس جهاز "الموساد"، وقد لقي مصرعه في العملية، إضافة إلى توقيتها عقب اعدام الاحتلال للشهيدة سارة قرب المسجد الابراهيمي قبلها بساعات.
وأشار شديد إلى أن العملية أكدت بشكل أو بآخر أننا لسنا أمام حالة عفوية ولا عابرة، وأن الانتفاضة مستمرة باستمرار العمليات الفدائية، ما يعني أن الأمر أصبح يشكل قوة دفع وحالة تحدي أمام منظومة الاحتلال الأمنية والسياسية.
وحول مؤشرات التخطيط المسبق للعملية، قال شديد إنه لا يمكن الجزم بتعمد استهداف السيارة بعينها والحاخام ذاته، كما لا يمكن الجزم بأنها جاءت ردًا سريعًا على اعدام شهيدة الحرم نظرًا لقلة المعلومات حولها.
وأضاف، "لكن من المهم التأكيد على أن العملية ليست عابرة برغم كونها غير فصائلية، مع الإشارة إلى أن استقلال سيارة خاصة وحمل سلاح واستهداف سيارة إسرائيلية لا يمكن أن تكون ردة فعل فقط أو أمر عفوي وقرار لحظي".
العملية جاءت "استجابة متطورة للرد على السلوك الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين بشكل عام بالفترة الأخيرة تحديدًا، ليثبت أيضًا أن وسائل العقوبات والتضييق ما هي إلا ترسيخ للفشل أمام التصدي للعمليات التي تزداد نوعيتها المرة تلو الأخرى"، بحسب شديد
كما أن المجموعات الفدائية أصبحت أكثر ذكاءً في تعلم الدروس من التجارب السابقة، وعليه فان الفدائيين من الشبان المنفذين يشهد لهم التطور الذاتي بشكل وأسلوب الكفاح، إضافة إلى الإشارة لأهمية التوقيت والأمكنة التي يختارونها، مع عدم الجزم بتعمدها بشكل دقيق.
وإثر العملية، تحدث وزير المعارف في حكومة الاحتلال نفتالي بنيت عن "خطة حرب" سيطرحها على "الكابنيت" بهدف التصدي للمقاومة الفلسطينية. وتتضمن الخطة توسيع الاعتقالات وطرد عائلات منفذي العمليات وهدم آلاف المنازل بحجة أنها غير مرخصة، وتكثيف البناء الاستيطاني.
ويرى المختص في الشأن الإسرائيلي محمد أبو علان، أن الخطة بمجملها تعبير إسرائيلي رسمي عن فشل كل الحلول الأمنية في مواجهة المقاومة الفلسطينية، فكل بنود خطة بينت لا يوجد فيها أي إجراء جديد لم يمارسه الاحتلال الإسرائيلي على مدار الـ67 عاماً من الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.
وأضاف أبو علان، أن هناك من سبق بنت في التعبير عن فشل الحلول الأمنية، وكان هارتسي هليفي رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الذي اعترف في الشهور الأولى من الانتفاضة بأن موجة العمليات لا يمكن وقفها، بل ستتصاعد ما لم يكن أفق سياسي ما.
ويعلق الكاتب والمحلل السياسي عبد الستار قاسم إن سلطات الاحتلال والمستوطنين لا تفهم سوى لغة المقاومة، وهذا ما يمكن الحديث عن جدواه وحق الشعب الفلسطيني في اتخاذ أساليبه الكفاحية دون قيد أو شرط.
وأضاف لـ قُدس الإخبارية، أن الانتفاضة الفلسطينية الحالية لا تشكل ثقلًا دون العمليات الفدائية، الأمر الذي يعني أن العمليات هي الأساس بغض النظر عن استمرار الانتفاضة ونجاحها أم لا، مشيرًا إلى أن استمرار العمليات يحتاج إلى نفسٍ فلسطيني طويل وهذا ما نفتقر إليه، بحسب قاسم.
ولفت إلى أن المستوطنين كانوا إذا ما شعروا بالتهديد على حياتهم هربوا من البلد "نافدين بجلدهم"، إلا أن شعار المقاومة السلمية والانتفاض الشعبي العام بالشعارات لا يشكل ترهيبًا لهم، "ولذا فانهم موجودون، ولن يكون خروجهم إلا باستمرار المقاومة المسلحة"، كما يقول.