شبكة قدس الإخبارية

"التمويل" معضلة أمام إجراء انتخابات مقبلة

هيئة التحرير

غزة- قُدس الإخبارية: عقبة جديدة على طريق الانتخابات المقبلة التي باتت حديث السياسيين مؤخرًا، ودعواهم للمصالحة والديمقراطية واجراء انتخابات في كل حين، إلا أن الحديث الأكثر واقعية في هذا الإطار أن الانتخابات المقبلة ليست محكومة فقط بدعوى القادة والسياسيين والمؤسسات الحقوقية، إنما يشكل "التمويل الانتخابي" أحد أهم العقبات أمام اتمامها.

وأكد الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان" اليوم الثلاثاء في لقاء حواري حول "الواقع القانوني والمؤسساتي المتعلق بتمويل الحملات الانتخابية في فلسطين"، أن الإطار القانوني الناظم لهذه العملية اقتصر على تحديد مجالات تمويل العملية الانتخابية وكيفية استخدام الاموال، ومحظورات التمويل فضلا عن استخدام الرشوة وحظر التمويل الأجنبي، إلا أن غياب الرقابة الجدية عن عملية التمويل تعد إحدى أهم المشاكل التي تواجه الانتخابات، ما يترك المجال مفتوحا للتلاعب وغياب النزاهة عن هذه الجزئية.

وينظر اللقاء في تعزيز النزاهة والشفافية والمساءلة في العملية الانتخابية، والتمهيد لتأسيس إطار قانوني وإجرائي يضبط عملية التمويل الانتخابي، على اعتبار أن التمويل غير المضبوط يفتح الباب أمام مظاهر مختلفة من الفساد الانتخابي ويؤثر بشكل كبير ومباشر على نتائج الانتخابات، تهدف لضبط عملية تمويل الحملات الانتخابية تتماشى مع الخصوصية الفلسطينية في هذا المجال.

ودعا المركز الدائمة إلى اتمام اجراءات الرقابة التامة بنزاهة وشفافية، مشدداً على أن النزاهة هي الأساس في تقييم نجاح أي انتخابات انطلاقاً من مدى نزاهة النظام الانتخابي، الجهة المشرفة، العملية الانتخابية والأطراف المشاركة فيها مرشحين او ناخبين.

المال يحكم الانتخابات

وقال المدير التنفيذي لائتلاف أمان مجدي أبو زيد إنه يجب أن يكون هناك وثيقة توجيهية متفق عليها فلسطينياً تحتوي على مبادئ أساسية يستند إليها المشرّع في صياغة قانون انتخابات عصري ومحكم، بحيث يكون الاساس وجود ضوابط خاصة في تمويل الحملات الانتخابية بشكل عادل ومنصف، لأن من يدفع أكثر يحصد أصواتا أكثر.

واستنكر أبو زيد غياب تمويل عام للانتخابات وعدم وجود حساب موحد للحملات الانتخابية يتم الإشراف عليه من جهات الاختصاص، موضحاً أن الخطة تشمل العمل التشاركي مع الأحزاب والفصائل والقوائم الانتخابية الفلسطينية ومع لجنة الانتخابات ووزارة المالية، وسلطة النقد وديوان الرقابة المالية والإدارية ومجلس القضاء الأعلى والمؤسسات الأهلية.

مآخذ على الإطار التشريعي

من ناحيتها قالت المحامية عنان جبعيتي إن تقييم نصوص التشريعات الفلسطينية التى تحكم عملية التمويل والإنفاق فى الانتخابات، يبين وجود عدد من الايجابيات تتمثل بحظر التمويل الأجنبي، وتحديد سقف معين للانفاق على الدعاية الانتخابية، وضع بعض القيود على الدعاية الانتخابية، وحظر تقديم الرشاوي الانتخابية وفرض عقوبات على كل من يرتكبها.

وبرغم الايجابيات سابقة الذكر فانها لا تحقق النزاهة المنشودة لضبط عملية التلاعب فى الإنفاق الانتخابي وتحقيق الرقابة الحقيقية عليها حتى يتوافر مبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين ويتم منع التلاعب فى الإنفاق المالي على الدعاية الانتخابية، وذلك لاغفال التشريعات الفلسطينية معالجة عدد من النقاط المتعلقة بكل من، التمويل والإنفاق على الحملة الانتخابية، تعريف النفقات الانتخابية، رقابة الهيئة المشرفة على الانتخابات، إغفال الرقابة الشعبية على الإنفاق، العقوبات و إغفال دور المجتمع المدنى فى الرقابة على تمويل الحملات الانتخابية"

ولم يتطرق القانون الفلسطيني لمبدأ التمويل العام المباشر واكتفى بالتمويل الخاص للحملات، رغم ما يوفره هذا المبدأ من تكافؤ للفرص وفتح المجال للاحزاب الجديدة، فيما غفل القانون عن تحديد حساب بنكي موحد تضع فيها القائمة الانتخابية حسابها وترفع عنه السرية ويخضع للرقابة، فضلا عن غياب أي ضوابط تتعلق بالإشهار السياسي حيث يلجأ بعض المتنافسون إلى بدء حملاتهم الانتخابية قبل فترة الدعاية الانتخابية ولا يتم في هذه الحالة احتساب الأموال التي يتم صرفها ضمن السقف الموضوع للحملات الانتخابية.

كما أغفلت التشريعات وضع حدود وسقوف عليا للتبرعات وخاصة الفردية لما لذلك من أهمية في منع رجال المال من التحكم بالمرشحين وادائهم بعد فوزهم، فيما لم يحظر القانون تمويل عدد من الجهات للحملات كالأموال المتحصلة من مصادر غير مشروعة او جرائم وسرقات، إلى جانب عدم إلزام المرشحين بالكشف عن أعضاء حملاتهم الانتخابية ورواتبهم وغيرها من معلومات تخدم الشفافية والنزاهة في ظل غياب تعريف واضح للنفقات الانتخابية وتحديد معناها.

وحول الدور الرقابي، أكدت عدم وجود آليات ووسائل للرقابة على تمويل الحملات في ظل اكتفاء الجهات المعنية بانتظار تقديم القوائم الانتخابية لحساباتها المالية خلال شهر من انتهاء الحملة، فيما تم إغفال الدور الرقابي للجهات الشعبية والمجتمع المدني في ظل غياب الشفافية المعلومات المتوفرة حول المبالغ المحددة للإنفاق على الحملات الانتخابية، وعدم وجود عقوبات رادعة للتلاعب في الانفاق على الدعاية الانتخابية.

الرقابة حل أمام التلاعب

ويعتبر المال السياسي يبقى الانتقاد الاساسي في أي انتخابات، بحسب المدير التنفيذي للجنة الانتخابات المركزية هشام كحيل، حيث قال إن الانتخابات مهما كانت نزيهة في اجراءاتها فإن غياب قانون الأحزاب (للخصوصية الفلسطينية) يشكل تحديا لمعالجة الموضوع.

وأشار نواب بالمجلس التشريعي أن الواقع الفلسطيني معقّد في ظل الظروف المحيطة، وأن غياب الرقابة على قضايا أكبر وأهم ذات علاقة بالمال العام كالموازنة العامة يعني غياباً ضمنياً للرقابة على العملية الانتخابية، على الرغم من أهمية وجود حدود دنيا توافقية بخصوص ضبط التمويل الانتخابي بين الكتل والأحزاب المشاركة في الانتخابات.

كما أن موضوع ضبط تمويل الحملات الانتخابية سواء الرئاسية أو المحلية يشكل قضيّة حساسة في مجتمعنا الفلسطيني بسبب الخصوصية السياسية، معتبراً أن الانفاق على الانتخابات بشكل مبالغ فيه يحدث نفوراً لدى المواطنين بما يثبت أن من يملك المال ليس فائزا دوماً.

وطالبت جهات مؤسساتية بضرورة تحديد جهة التمويل حتى تكون الانتخابات أكثر عدلا ونزاهة مستقبلا، في ظل ما يلعبه المال من دور فيما وصفه ب "شراء الأصوات" إضافة إلى تقديم بيان يوضح عملية صرف أموال الانتخابات منبهاً إلى أن المشكلة هي أن الرقابة تتم بشكل لاحق عوضاً عن وجود رقابة مسبقة من خلال تعيين محاسب او فتح حساب بنكي غير سري.

يشار إلى لجنة الانتخابات المركزية ساهمت في انتخابات عام 2005/2006 آنذاك في تحديد سقف أعلى للحملات حدد بمليون دولار لكل من الرئاسة والقائمة بينما حدد مبلغ 60 ألف دولار للفرد. وأشار دويك إلى أنه وفي قرار بقانون عام 2007 بشأن الانتخابات تقرر إعطاء لجنة الانتخابات الصلاحية في وضع الأنظمة الانتخابية دون الحاجة إلى موافقة مجلس الوزراء، وان الفرصة كانت وما زالت مواتية لصياغة أنظمة انتخابية تضبط التمويل الانتخابي بموجب هذه الصلاحية.