نابلس- خاص قُدس الإخبارية: كان يمثّل الوعي والإدراك، إنه الجزء الذي يكمل سلسلة العائلة التي تبدو منقوصة بدونه، لقد كان فرحتها الأولى واشراقة شمسها وهلال بدرها الذي لم يغب حتى عندما غيبته ظلمات سجون الاحتلال، ليعود مؤخرًا مشرعّا سلاحه لأجل وطنٍ لم يبخل عليه.
كبر الفتى المدرك ليكون أكثر وعيًا، فاتجهت فطرته نحو الوطن، وشبّ على ما تربى عليه، حتى وجد أبًا لم يمنعه وأمًا تلاحقه بالدعوات، حفظته مناطق المواجهات على خارطة فلسطين التاريخية وتعلّم وجهه مرارًا من سواد دخان "الكوشوك" الذي أشعله مقاومة.
الأسير المنتصر بالله محمود عيد (23 عامًا) سجن في المرة الأولى لأيامٍ بتهمة مقاومة الاحتلال، ليعود بعدها عنيدًا أكثر، ليعتقل مرة ثانية لمدة عام ونصف بتهمة المشاركة في مواجهات حي المناطير مع قوات الاحتلال، لكن المرة الثالثة التي اعتقل فيها كانت مختلفة نوعًا ما.
في الـ 20 من تشرين الأول الماضي، اعتقلت قوات الاحتلال المنتصر بالله مع بدء الانتفاضة الحالية لتتقيد يداه المشتعلتين بالحجر والنار بقيود من أسر، حتى حكمت عليه سلطات الاحتلال بالاعتقال الإداري لمدة 6 شهور، على أمل أن يعود مرة أخرى ليكمّل سفرة العائلة، لكن ذلك لم يحدث.
فسلطات الاحتلال أصدرت تمديدًا لاعتقاله الإداري للمرة الثانية، في التاسع عشر من نيسان الماضي، الأمر الذي أثار حفيظة المنتصر بالله ليبقى دراسًا لحالته ومستعدًا لتنفيذ فكرة إضرابه التي ينوي خوضها بتروٍ وإرادة احتجاجًا على اعتقاله الإدراي.
الاثنين الماضي 23 آيار، كانت آخر زيارة عائلية له حيث زارت شقيقته الصغرى بعد محاولة قوات الاحتلال منعها من الزيارة لتوارد أنباء عن اضرابه، لكن الزيارة تمت لأنه لم يكن قد أعلن بعد عن إضرابه الذي خاضه منذ أيام مسبقة، فهو قد أجّل الإعلان عن اضرابه حتى زيارة العائلة الأخيرة، بحسب والده.
وأضاف والده لـ قُدس الإخبارية، أن معنوياته خلال الزيارة الأخيرة كانت مرتفعة لكنه تحفظ خلال الزيارة على ذكر تفاصيل حول إضرابه عن الطعام، مع العلم أنه يخوض إضرابًا متقطعًا منذ فترة، مشيرًا إلى أن الاتصالات المتراقبة كانت سبب خشية منتصر من الاضرار بالعائلة والتصعيدات.
وحول خطوة الاضراب، يقول والده إنه على ثقة بقراره لأنه يعلم تمامًا إصرار منتصر على تحقيق هدفه، مجيبًا حال سؤاله عن الخوف عليه، "جميعنا نخاف على أبنائنا لكننا نقول دومًا أن أبناءنا أبناء الوطن ولا نستطيع أن نمنعهم إذا ما قرروا أن يقدموا شيئًا للوطن، فهذه أمنيتنا"
بعد العودة من الزيارة، أُبلغت العائلة بنقل سلطات الاحتلال لمنتصر في العزل الانفرادي لسجن "النقب" الصحراوي واعلانه الفعلي لخوضه معركة الأمعاء الخاوية، في حين هناك احتمالية أن يشهد السجن حملة إضراب ثنائية للأسرى بسجون الاحتلال في خطوةٍ معد لها مسبقًا رفضًا للإداري.
الأسير المنتصر بالله محمود عيد (23 عامًا) من قرية بورين في محافظة نابلس، طالب تصميم الصور بكلية الحجاوي، يواصل إضرابه المفتوح عن الطعام احتجاجًا على استمرار الاحتلال باعتقاله الإداري، منذ الثامن عشر من آيار الحالي.