قلقيلية – خاص قُدس الإخبارية: لا يكتفي الاحتلال وسرطانه الاستيطاني بابتلاع 60 ألف دونم من أراضي محافظة قلقيلية، وإنما يتمادى أكثر من ذلك لينغص على المواطنين حياتهم حتى في البقية الباقية من أراضيهم ومواردهم، فحقد المحتلين لا يقتصر على الإنسان فقط بل يطال الحجر والشجر والماء ولطالما كانت البيئة الفلسطينية مستهدفة بشكل ممنهج.
وتتعدد أشكال انتهاكات الاحتلال للبيئة في محافظة قلقيلية ابتداءً من سرقة الأراضي مروراً بتلويث المياه وليس انتهاءً بالنفايات السامة ذات التأثير التراكمي بعيد الأمد.
رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وليد عساف يستنكر أعمال الاحتلال العدوانية تجاه البيئة الفلسطينية في كل محافظات الضفة، مؤكداً أن الأضرار الواقعة على البيئة في قلقيلية أكثر شراسة نظراً لعدد المستوطنين الكبير.
ويذكر عساف عدداً من أشكال الانتهاكات الإسرائيلية للبيئة في قلقيلية، والتي كان أبرزها مصادرة عشرات آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية والمراعي وتقطيع مئات آلاف من أشجارها وحرمان الأهالي من زيارتها، إضافة لتسريب المياه العادمة إلى المياه الجوفية والينابيع مما أدى لتلوثها.
ويضيف عساف، "يتعمد الاحتلال تسريب مخلفات المصانع ومياه الصرف الصحي الناتجة عن المصانع إلى المياه الجوفية والتي تصل إلى الأراضي الزراعية وتتسبب بتلف مئات الدونمات، وبعد بناء الجدار الفاصل يقوم الاحتلال بإغلاق العبارات مما يؤدي لغرق منازل المواطنين ومزارعهم بفعل الأمطار".
وتعاني مدينة قلقيلية وقريتي حبلة وعزون بشكل أساسي من تسرب مياه الصرف الصحي إليها من المستوطنات المقامة على أراضي المواطنين في قلقيلية، حيث تسبب التسريب بتكون بحيرة من مياه الصرف الصحي المؤذية للبيئة والإنسان في بعض المناطق.
وحذر مدير سلطة جودة البيئة في قلقيلية عصام القاسم من خطورة مخلفات المصانع على المناطق الزراعية في قلقيلية كونها السلة الغذائية لمحافظات الشمال، مما يؤثر سلباً على الأرض والنبات ومن ثم المواطن، فالأراضي لا يمكن استصلاحها للزراعة بعد تلوثها.
ويضيف القاسم، " قلقيلية تعيش كارثة بيئية بسبب الاستيطان، وما يقوم به الاحتلال من استهداف البيئة مبرمج وممنهج لقتل المواطن الفلسطيني وتخريب الأراضي، فالمخلفات الصناعية لا يظهر تأثيرها مباشرة وإنما أثرها تراكمي يظهر بعد فترة، وقد لوحظ ارتفاع نسبة الإصابة بالسرطان في قرية عزون".
واستهجن القاسم ما يفعله بعض السكان بنقلهم النفايات من الداخل الفلسطيني المحتل إلى الأراضي الزراعية في الضفة الغربية، مؤكداً أنه يتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق من يفعلون ذلك، ومناشداً المواطنين للتحلي بضمير حي ومعرفة خطورة هذه الأفعال.
وفوق ذلك كله هناك مكب نفايات يقع بين قريتي جيوس وعزون شرق قلقيلية أنشأه الاحتلال عام 1982، ثم أغلقه مع بداية انتفاضة الأقصى بعد أن دفن فيه مواد سامة وخطيرة إضافة لمخلفات معسكرات جيش الاحتلال ومصانع الأسلحة.
ويقول القاسم، "الاحتلال استغل الحكم العسكري لإنشاء المكب ونقل النفايات الممنوعة إليه ثم تركها ورفع مسؤوليته عنها، ونحن باتفاق مع كافة الجهات في قلقيلية لن نسمح بمعالجة هذه النفايات داخل الأراضي الفلسطينية ولن نقبل أن يستمر المكب أو أن يتخلص منه في زهرة الفنجان أو غيرها".
ويؤكد القاسم، أن سلطة البيئة أطلعت مجموعة من القناصل على حجم المشكلة التي يسببها المكب متمسكاً بضرورة معالجة النفايات في الداخل المحتل؛ لأنه وفقاً لاتفاقية أوسلو فإن الاحتلال ملزم بمعالجة النفايات الخطرة الناتجة داخل الأراضي الفلسطينية وليس الناتجة في الداخل المحتل عام 1948.
ومن أشكال الاعتداء على البيئة في قلقيلية مقالع الحجر التي أنشأها الاحتلال بعد استيلائه على مساحات واسعة من أراضي قرية جيوس شرق لصالح مستوطنة تسوفيم، إضافة للإزعاج والضوضاء التي تسببها هذه المقالع.
ويوضح رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وليد عساف، أن الهيئة تعد تقريراً شهرياً لتوثيق انتهاكات جيش الاحتلال ومستوطنيه لإرفاق هذه التقارير بالملف الذي سيرفع لمحكمة الجنايات الدولية من أجل محاسبة الاحتلال.
وفي السياق ذاته توثق سلطة جودة الطاقة كل شاردة وواردة من انتهاكات بحق البيئة في قلقيلية وترسلها مباشرة لسكرتاريا اتفاقية بازل، ويقول مدير سلطة البيئة عصام القاسم، "اتفاقية بازل تمنع تهريب النفايات من دولة لأخرى، وبالتالي فإن الاتفاقية ستكون نصيراً لنا عند تقديم الملف لمحكمة الجنايات الدولية ولكن الاتفاقية لا تستطيع أن تحاسب إسرائيل".
ويؤكد القاسم أن أهمية هذه الاتفاقية تكمن في أن الاحتلال يحسب لها حساباً فقد أعاد قبل أيام شاحنة محملة بالنفايات الخطرة كانت دخلت لإفراغ حمولتها في قلقيلية، مضيفا، "لأول مرة يحصل أن يعيد الاحتلال شاحنة بعد دخولها للأراضي الفلسطينية وذلك نتيجة تخوفه من تواصلنا مع الجهات الدولية".
ورأى القاسم أن ملاحقة "إسرائيل" مسألة تراكمية ومتواصلة، مؤكداً أم مكب جيوس سيكون له نصيب منها فهو أحد أهم الشواهد على جرائم الاحتلال بحق البيئة الفلسطينية.