غزة – خاص قُدس الإخبارية: يقع على عاتق المؤسسات العاملة مسؤولية تجاه المجتمع الذي تنشأ فيه وتحقق أرباحها من خلاله، هذا ما تؤكده سلطة النقد وتسميه "المسؤولية المجتمعية"، وقد جعلت الحد الأدنى لهذه المسؤولية 2% من إجمالي أرباح المؤسسات المصرفية، وهذا الرقم يعتبر الأقل مقارنة بالنسب المعمول بها في الدول العربية .
وحسب دراسة أجريت على مدى التزام المصارف بدفع مبالغ مالية لنشاطات تنطوي تحت المسؤولية المجتمعية، فقد سجل بنك فلسطين أعلى نسبة في الالتزام وبلغت 5%، وذلك بناء على ما أعلنه البنك في تقريره السنوي لعام 2014، فيما لم يصدر التقرير الخاص بالعام 2015.
ويقول التقرير، إن البنك قدم دعماً في اتجاهات الثقافة والفنون والتعليم والشباب والإبداع والرياضة والصحة والبيئة، بالإضافة للتنمية والشؤون الاقتصادية وعلاقات المغتربين، وشؤون المرأة والمساعي الإنسانية.
وقد اندرج في الشأن الاقتصادي لدى البنك من باب المسئولية الاجتماعية مكافحة الفساد المالي "غسيل الأموال"، والتأسيس لاقتصاد مستدام من خلال حشد القطاع الخاص لعمل صندوق تقاعد للعاملين غير الحكوميين، ودعم الإصلاحات التشريعية وتوفير الخدمات المصرفية في الأماكن البعيدة والمهمشة.
فيما تُنفق الشركة الفلسطينية للإقراض والتنمية "فاتن" مانسبته 3% من إجمالي الأرباح السنوية في شق المسؤولية الاجتماعية، وفقا لما أفادت به منى العلمي مديرة إقليم غزة في المؤسسة، مبينة، أن المشاركات تتمثل في إعادة تمويل المشاريع الاقتصادية المُقترضة من المؤسسة والتي تضررت أثناء الحرب على قطاع، إضافة لإعفاء 37 شهيدا من قروضهم.
وتوضح العلمي، أن المشاريع تمثلت أيضا في إنارة 50 منزلا لعائلات فقيرة بنظام الطاقة الشمسية، وإدراج مجموعة من القروض لضمان حياة كريمة للفقراء دون فائدة ضمن المسؤولية الاجتماعية للمؤسسة، وقد كان إجمالي ما أنفقته "فاتن" على مدار ثلاث سنوات 494 ألف دولار.
ودعت العلمي لإيجاد تخطيط استراتيجي لترشيد طرق إنفاق أموال المسؤولية المجتمعية وفق خزينة واحدة معنية بتمويل مشاريع تنموية لمواجهة مشكلة البطالة، وإعطاء أولوية لمعالجة مشكلة البطالة في قطاع غزة.
وبموجب قانون المصارف رقم (9) لسنة 2010؛ فقد صدر المرسوم الرئاسي رقم (132) للعام 2011 بشأن نظام الترخيص والرقابة على مؤسسات الإقراض المتخصصة، وأصبحت هذه المؤسسات تخضع لإجراءات رقابية وتنظيمية موحدة تحت مظلة سلطة النقد الفلسطينية.
وتتبع سلطة النقد نهج الرقابة المخفف على هذه المؤسسات بالنظر إلى أنه غير مسموح لها قبول الودائع من الجمهور.
ويقوم نهج الرقابة المخفف على حوكمة هذه المؤسسات من حيث الجوانب الإدارية والمالية والإفصاح وأعمال التدقيق الداخلي والخارجي، وبالتالي وضع استراتيجية لتنظيم آلية الإنفاق على المسؤولية المجتمعية، فيما لا تطمح لفرض قانون يجبر المصارف على الالتزام بنسبة معينة كونها تنفق بنسب أعلى مما فرضته سلطة النقد.
وتحقق المصارف نمواً عالية نتيجة ارتفاع سعر الفائدة، ووفقا لسلطة النقد فقد بلغت قيمة إجمالي محفظة القروض القائمة لمؤسسات الإقراض المتخصصة المرخصة حوالي 113 مليون دولار أمريكي، محققة نسبة نمو بلغت 30% مقارنة مع نفس الفترة المالية من العام السابق 2014، فيما بلغ عدد المقترضين 50 ألف مقترض موزعين على ست مؤسسات إقراض متخصصة ومرخصة لدى سلطة النقد.
ويبين المحلل المالي والخبير الاقتصادي أمين أبو عيشة، أن المسؤولية المجتمعية تعرف بأنها تقديم المؤسسات العاملة في المجتمع على دفع جزء من أرباحها في التطوير والتنمية كواجب إلزامي تجاه المجتمعات التي تستفيد منها، كتقديم مساعدات تنموية للقطاعات التعليمية والصحية والاقتصادية .
ويقول أبو عيشة، إنه من الضروري التركيز على تكريس المؤسسات المصرفية للمسؤولية الاجتماعية نحو القطاعات الاقتصادية وإنشاء المشاريع الريادية التي تصب باتجاه مكافحة البطالة، نتيجة تسجيلها أرقاماً مرتفعة في نهاية 2015 وصلت إلى 42% حسب المركز الفلسطيني للإحصاء .
ويعتبر أبو عيشة أن النسبة التي أجازتها سلطة النقد ليست مرتفعة فقد وصلت لـ 2%، فيما فرض البنك المركزي في الأردن نسبة ما تقدمه البنوك من أموال في بند المسئولية الاجتماعية 10% من إجمالي موجودات البنك.
وسلط الضوء على بعض المشكلات الموجودة في تطبيق هذا الواجب، مثل العشوائية أو استخدامها لنواحي دعائية بعيدة عن الدور الذي فُرضت من أجله، بالإضافة لعدم وجود جهة رقابية صارمة وعدم وجود جهة تخطط بشكل استراتيجي لإنفاق هذه الأموال .
ودعا لوجود لوائح وقوانين ترشد طرق إنفاقها ورفع النسبة المُقرة وفرضها بشكل رسمي على جميع المؤسسات المصرفية، مُقيماً الوضع القائم لأداء المؤسسات المصرفية في قطاع غزة بأعمال المسؤولية المجتمعية بالعشوائية .