شبكة قدس الإخبارية

خريجو غزة.. حكايا أمل انتهى لطريق كاحل السواد!

مصطفى البنا

غزة - خاص قُدس الإخبارية: حياة وردية تعمّها الحرية والأمل في مستقبلٍ واعد، تلك كانت نظرة الشابة روان الكباريتي للحياة الجامعية وما بعدها قبل أن تودع كليتها الجامعية للعلوم التطبيقية خريجةً قبل شهور، لتبدأ بعدها رحلةً جديدة سبقها إليها عشرات الآلاف من الخريجين، الذي عفى الزمن على شهاداتهم وحوّل ثوب التخرج الزاهي إلى كفنٍ لسنواتٍ قضوها في سبيل الدراسة والجِد ليجدوا أنفسهم في طريق "كاحلِ السواد"، كما وصفته الكباريتي.

تحولت النظرة إلى مستقبل الخريج وسوق العمل لدى الكباريتي حين اقترابها من التخرج، فلم تجد مكانًا تتدرب أو تتطوع فيه في مجال تخصصها، الأمر الذي ولّد لديها إحباطًا دفعها للتساؤل باستغراب "لماذا أضعت سنين من عمري في الدراسة الجامعية وتكاليفها الشاقّة التي أثقلت كاهليّ، ما دمت سأتخرج دون الحصول على فرصة عمل أو حتى تدريب؟!".

سئمت الكباريتي التي بلغت (21 عامًا) من البحث عن فرص عملٍ أو تدريب أو تطوع، تقول لـ قُدس الإخبارية، "قدمت طلباتٍ للكثير من المؤسسات والشركات، لكن غالبيتهم رفضوها والبقية قبلوا ولكن في عمل لا علاقة له بمجال تخصصي ودراستي"، معتبرة أن سوق العمل في غزة بات حِكرا على من يمتلكون الواسطة والمعارف حتى وإن لم يكونوا من حملة الشهادات والخبرات الكافية التي تؤهلهم للعمل، مضيفة، "في المقابل هناك من اضطرهم هذا الواقع للبحث عن عملٍ في غير اختصاصهم".

أما إلهام المبحوح صاحبة الـ (26 عاما)، فقد اعتقدت بأن تخرجها بدرجة الامتياز سيشفع لها في معركة البحث عن فرصة عمل، لكنها اكتشفت أنها على خطأ حين طرقت أبواب العديد من المؤسسات بحثًا عن عمل ولم تجد، على الرغم من تحصيلها العلمي العالي.

تقول المبحوح لـ قُدس الإخبارية، "لأنني أعي جيّدًا أن الجامعة لا يمكن أن تمنحنا العلم والمهارة في ذات الوقت، فقد عملت منذ دخولي للجامعة على تطوير نفسي أكثر فأكثر من خلال الدورات واللقاءات وورش العمل والتدريبات، وحصلت على العديد من الشهادات المعتمدة محليًا ودوليًا، التي ستساعدني على ممارسة العمل بأداء أفضل".

هذا الأمر رفع من حماستها وتفاؤلها في الحصول على فرصة عملٍ مناسبة بعد التخرج، لكنها صدمت بسوقٍ خالٍ من الوظائف، وتوضح المبحوح أن "كل الأماكن التي تطوعت فيها من مؤسسات أو وزاراتٍ أو جمعيات تدعو متطوعيها لتطوير مهاراتهم أكثر فأكثر، وما أصبحت متأكدةً منه أنهم يستغلون الخريجين ويستفيدون منهم كطاقةٍ بشرية تحت حجة الخبرة وتطوير المهارة"، في نهاية حديثها لم تخفِ ندمها على التخرج وتمنيها لو أنها لم تتخرج.

وما يفاقم من أزمة الخريجين وسوق العمل؛ التزايد التراكمي لأعدادهم في قطاع غزة، دون مبالاةٍ من الجامعات التي تخرجٍ الآلاف عامًا بعد عام بلا دراسةٍ لاحتياجات السوق ولا لنسب البطالة التي ارتفعت في القطاع إلى 44% حسب آخر إحصائية لمركز الإحصاء الفلسطيني.

ولا يختلف حال الفتيات كثيرًا عن حال الشباب، فالشاب علاء الشافي (22 عامًا) الذي أنهى دراسته الجامعية في ثلاث سنين ونصف، حصل على العديد من شهادات الخبرة والتحق بأكثر من 20 دورةً تدريبية وتطوع في العديد من المؤسسات والمراكز، لكن وبرغم كل هذه الخبرة إلا أن اسمه لم يترشح لأي مؤسسةٍ من اللواتي تقدم للعمل فيهن.

ولم يكن الشافي يتوقع أن يصل به الحال إلى ما وصل إليه، وعلى الرغم من أنه كان يواسي نفسه دائمًا بالقول "بتميزك ستحصل على العمل"، إلا أنه بات يقر الآن بصعوبة الأوضاع وتعقيدها، وهذا ما دفعه إلى الالتحاق ببرنامج الماجستير من ناحية وتأسيس فريقٍ شبابيٍ يكسب من خلاله الخبرة ويساعد فيه المجتمع بدلًا من إضاعة الوقت في البحث عن الوظيفة.

الأمر ذاته حصل مع المهندس الشاب اسلام أبو بكر الذي تبددت لديه النظرة الإيجابية للحياة الجامعية كطريقٍ يوصل إلى الحياة الرغيدة، بعدما رأى العديد من أصدقائه الخريجين مشتتين بين العمل الخاص الذي يتهدده التوقف في أي وقت، وبين عقود البطالة المقنعة.

لكن حظ أبو بكر كان أفضل حالًا ممن سبقوه، فقد أوضح في حديثه لـ قدس الإخبارية، "أن العمل الشخصي الحر الذي كوّنه قبل تخرجه بعامين ساعده على التأقلم مع واقع سوق العمل"، لكنه أكد في الوقت ذاته أنه ما زال ينتظر في طوابير الخريجين أملًا في الحصول على وظيفةٍ ثابتة، برغم استبعاده لها لعدم امتلاكه لما أسماه "فيتامين واو" في إشارةٍ إلى الواسطة.