لا يخفى على أحد أن ظاهرة الاعتقال زادت بشكل رهيب خلال الشهرين الأخيرين، وذلك في ظل الانتفاضة المستمرة ومحاولات الاحتلال المتعلقة، ما يثير القلق حول المعتقلين في ظل قلة الوعي لدى الشارع الفلسطيني حول ما يواجهه الأسير بعد اعتقاله، وكيف يمكنه التعامل مع المحققين، وما هي حقوقه، وخاصة الأطفال والقاصرين الذين لم يتعرضوا لأي تجربة اعتقالية سابقة.
في هذه المادة نرصد ما يمكن أن يواجهه الأسير منذ اعتقاله، وما يجب أن يعرفه كل منا في ظل استهداف الاحتلال للفلسطينيين بشكل عام، وتنفيذه اعتقالات تعسفية وجماعية لأهداف انتقامية، ومن ذلك، الية الاعتقال، مرحلة الاحتجاز، مرحلة التحقيق، المحكمة، إرشادات عامة وتوصيات.
- الية الاعتقال: يقوم ضابط المنطقة العسكري باصدار مذكرة اعتقال بحق شخص معين بناء على معلومات استخباراتية لديه، تشير إلى أن الشخص يقوم باعمال تضر بمصالح الاحتلال.
وبناء على ذلك يرسل الضابط المذكرة لضابط الاعتقال لتنفيذ الأمر، بمداهمة منزل الشخص أو اعتقاله على أحد الحواجز، وعادة تتم عملية المداهمة في وقت متأخر، أي بعد منتصف الليل، وذلك رغم الانتقادات التي وجههتها جهات حقوقية للاحتلال بسبب هذه السياسة.
وخلال عملية الاعتقال، يمارس الجنود تصرفات هجمية مثل تكسير المنزل والعبث بمحتوياته وتفتيشه بشكل تخريبي والصراخ على الجميع، وفي حالات كثيرة يعتدي جنود الاحتلال على المعتقل بالضرب، وذلك بهدف تخويفه وبث الرعب في قلبه منذ البداية، وتسهيل عملية التحقيق معه لاحقا.
نشير هنا إلى أن الاعتقالات أحيانا قد لا تكون بناء على معلومات مسبقة حول الشخص، بل تتم بشكل عشوائي وجماعي ودون أي معلومات، ويحدث هذا عادة بعد وقوع عمليات ضد أهداف إسرائيلية، ويستهدف الاحتلال خلال ذلك المناطق المجاورة لموقع العملية.
***
- الحجز والتوقيف: بعدما تنفيذ أمر الاعتقال؛ ينقل الأسير لأحد مراكز التوقيف الموجودة في منطقته، وخلال الطريق قد يضرب الجنود الأسير أو يحاولوا تخويفه بهدف إضعاف نفسيته بشكل أكبر. ومن مراكز التوقيف المعروفة في الضفة ما يلي:
* مركز معسكر حوارة: ويقع في أطراف مدينة نابلس في داخل معسكر لجيش الاحتلال.
* مركز المجنونة: مقفل حالياً، وكان قد أقيم داخل معسكر لقيادة جيش الاحتلال في جنوبي الخليل.
* مركز بيت إيل: وهو عبارة عن مجمع للدوائر الحكومية الإسرائيلية، مثل: المحاكم وأقسام الاستخبارات والشرطة، ويقع جنوبي شرقي رام الله ويضم أيضا مركز توقيف.
* مركز عتصيون: يقع بالقرب من بيت لحم، ضمن المجمع الاستيطاني "كفار عتصيون".
* مركز كدوميم: ويقع ضمن مستعمرة "كفار كدوميم" قرب قرية كفر قدوم قضاء قلقيلية.
* مركز سالم: ويقع في داخل مجمع المحاكم العسكرية في منطقة سالم شمالي غربي جنين، وفي وسط معسكر لجيش الاحتلال.
* مركز عوفر (بنيامين): ويقع بالقرب من سجن عوفر ومجمع المحاكم العسكرية في عوفر، وأقيم على قرية أراضي بيتونيا جنوبي رام الله.
وخلال هذه الفترة يتعرض المعتقل لجميع اساليب الاهمال المتعمد والشتم والضرب .
***
- مرحلة التحقيق: بعد فترة التوقيف عادة ينقل المعتقل لاحد مراكز التحقيق، وهذه أهم مرحلة والتي تحدد مدى صمود الأسير. ومن مراكز التحقيق المعروفة:
* كيشون (الجلمة): يتبع لإدارة سجون الاحتلال ويقع عند مفرق الجلمة على الطريق العام بين حيفا والناصرة.
* المسكوبية: يقع في القسم الشمالي من مدينة القدس.
* بتاح تكفا: ويقع في مدينة بتاح تكفا داخل أراضي 1948.
* عسقلان: وهو فضلاً عن كونه سجناً فإنه يُستخدم كمركز للتحقيق.
في هذه المرحلة يتعرض المعتقل لأساليب تعذيب هجمية محرمة في القانون الدولي، وتشمل تعذيبا نفسيا وجسديا في حالات مختلفة.
وتعتمد سلطات الاحتلال خلال العقدين الأخيرين أساليب تعذيب نفسية وتفضلها على التعذيب الجسدي، ويستخدم التعذيب الجسدي عادة في حال وجود معلومات لدى سلطات الاحتلال بأن الأسير يخفي معلومات عن عمل مقاوم سينفذ لاحقا. لكن بشكل عام لا يخلو التحقيق من شبح الأسير أو وضعه بوضعية الموزة بحيث يتم تمديد جسد الأسير وتقييده من الخلف ليصبح جسده أشبه بالموزة.
ويجب الإشارة إلى أن سلطات الاحتلال تستخدم التعذيب الجسدي مع الأطفال أيضا، حتى دون وجود تهم ضدهم، فهي تعتمد هذا الأسلوب بهدف كسر إرادة الأطفال وإضعاف نفسياتهم حتى بعد الإفراج عنهم، وكثيرا ما تعرض اطفال للضرب داخل سجون الاحتلال ثم أفرج عنهم لعدم وجود أدلة ضدهم.
ومن أساليب التعذيب النفسي إدخال الأسير لغرفة التحقيق لساعات مع وجود المحقق فيها، وانشغاله عنه بهاتفه الشخصي أو جهاز الحاسوب، ثم مغادرة الغرفة دون توجيه أي سؤال للأسير وأحيانا دون الحديث معه على الإطلاق.
ومنها أيضا، ترك الأسير لساعات طويلة في الزنزانة الانفرادية دون التحقيق معه، أو أن يحضر إليه محقق يتظاهر بالغضب ويأخذ بالصراخ والصياح والتهديد، ثم يغادر الغرفة ليحل بدلا منه محقق هادئ يحاول التظاهر بالإنسانية ليحاول دفع الأسير إلى الاعتراف خوفا من المحقق الآخر.
كما يلجأ المحققون لمحاولة ابتزاز الأسير أو تهديده باعتقال عائلته، أو الزعم بأن أشخاصا آخرين اعترفوا عن أعمال قام بها رغم أن ذلك لم يحدث، بهدف دفع الأسير لليأس وفقدان الأمل والاعتراف.
وتستمر جلسات التحقيق لساعات وتطول أحيانا لتصل إلى 40 ساعة متواصلة، وقد يمنع خلالها الأسير من التوجه للحمام أو شرب المياه، وقد تتم إعادته إلى الزنزانة مع إصدار أصوات مزعجة خلال نومه لبث القلق داخله ومنعه من النوم.
وعلى فرض أن جميع الأساليب فشلت مع الأسير، تأتي غالبا أسوأ الأساليب وهي (غرفة العصافير)، بحيث يوهم ضابط التحقيق الاسير بأنه انتهى منه وغالبا يقول له بأنك انتصرت، وبعدها يجد نفسه في غرفة أسر طبيعية، فيعتقد أن فترة التحقيق انتهت، ليبدأ دور غرفة العصافير حيث يقوم العملاء فيها بممارسة دور المعتقلين، ويطلب بعضهم من الأسير الجديد الإدلاء بمعلومات عن نشاطاته، وإذا امتنع عن ذلك اتهموه بالعمالة واستخدموا بحقه مختلف أشكال التعذيب.
ويلجأ "العصافير" لانتحال شخصيات أناس متدينين أو قيادات في الحركة الأسيرة، والزعم بأنهم يملكون سجلات طويلة من الاتهامات وفترات اعتقال عالية، حتى يشعر الأسير بالأمان نحوهم بعد فترة التحقيق التي يشوبها القلق والتوتر.
وفي بعض الحالات كان "العصفور" يبلغ الأسير بأنه سينقل لسجن آخر، وأن عليه أن يكتب نشاطاته المقاومة على ورقة ليرسلوها إلى المسؤول عن الأسرى في السجن الذي سينقل إليه، بزعم أن هذه الطريقة ستضمن معاملة الأسير بشكل جيد وعدم الشك فيه، وعند كتابة الأسير اعترافاته تنقل لإدارة السجن ويواجه بها ثم تتم تثبيتها ضده.
ولتجنب السقوط في أفخاخ "العصافير" ينصح الأسرى المحررون دائما بالتزام الصمت، وعدم الإدلاء بأي معلومات وأي أسماء وأي نشاطات لأي أسير، كما ينصحون بعدم إشعار "العصفور" بأنه اكتشف الخدعة، حتى لا يتعرض للأسير للغدر منه أو من غيره في حال ضمت الزنزانة عدة "عصافير".
ولا ينتهي التعذيب بانتهاء التحقيق، فعلى الأسير أن يتوقع لاحقا العزل التام عن العالم الخارجي في زنزانة قديمة عفنة لأسابيع وشهور وأحيانا لسنوات، ويشمل ذلك حرمان الأسير من زيارات المحامين ومعرفة الوقت والمكان، مما يخلق أنواعا من الهلوسة واضطرابات نفسية وعصبية، وتستخدم هذه الطريقة عادة بعد صدور الحكم بحق الأسير.
***
- االمحاكمة: تقدم لائحة اتهام للمحكمة من ضابط التحقيق وتكون خلاصة فترة التحقيق لتبت المحكمة بقرار فترة السجن. ولكن دائما ما يتم تأجيل المحكمة عدة مرات قبل إصدار الحكم، وذلك بطلب من الضابط لكونه لم ينهي التحقيق ولم يثبت التهم، فالضباط يحاولون دائما زيادة غلة الاتهامات في سلة الأسير لدفع المحكمة إلى إصدار أعلى حكم ممكن بحقه.
***
توصيات وارشادات:
* من حقك ان تعرف سبب اعتقالك، ان تحافظ على الصمت وان لا تجيب على أسئلة المحققين، ومن حقك أيضا أن تطلب الاتصال بمحامي للتواصل معه وكشف ما يحدث لك.
* الصور ليست أدلة ضدك، الاعترافات ليست أدلة ضدك، من حقك إنكار التهم الموجهة لك مهما ووجهت بأدلة، ولذلك عليك أن لا تضعف إذا واجهوك بصور أو اعترافات من آخرين.
* لا تحاول مراوغة المحقق في الحديث واختصر في إجاباتك قدر الإمكان باستعمال لا و نعم .
* احذر كل الحذر من غرف العصافير، لذلك لا تحادث احد داخل المعتقل حول اسباب اعتقالك ولا تهتم بمظهرهم وفكر دائما أن لا أحد صديقي هنا .
* لا توقع على إفادتك إلا بعد قراءتها والتدقيق بأن ما هو مكتوب فيها هي أقوالك دون نقصان أو إضافات، امتنع عن التوقيع في حال كانت الإفادة مكتوبة باللغة العبرية التي لا تجيدها، وانتبه جيدا لأن يكون التوقيع تحت أقوالك مباشرة، فلا تقبل بوجود مسافة بين أقوالك والتوقيع حتى لا يملأها المحامي بما يريد.
* إذا قُدمت للمحكمة لتمديد اعتقالك، اطلب حق الكلام واشرح للمحكمة أي تصرف غير قانوني حدث معك اثناء التحقيق، (ضرب، شتائم، تهديد، الحرمان من النوم أو المنع من الذهاب للحمام.. الخ).
* تمالك أعصابك وانتصر على المحقق بالجَلَد والصبر والقناعة الكاملة بأنك صاحب الحق المنتصر وهو المهزوم.
* مهما طالت فترة التحقيق تذكر أن الوقت يمضي وسينتهي التحقيق وحافظ على صمودك ، وتذكر وأنت تحت الضغط أن لا شيء أغلى من الوطن.
* دائما فكر أني لن أقدم أي شيء ضدي أو ضد زملائي ولن أجعل مهمتهم سهلة .
* عندما تقرأ هذه الارشادات تذكر أن الأمر سيكون مختلفا في التحقيق، ستكون الأجواء معادية ولا تدرب نفسك على ظرف واحد، أطلق خيالك وفكر أنك قادر على الصمود تحت أي ظرف .
إعداد: جبهة العمل الطلابي التقدمية – جامعة النجاح تحرير: شبكة قدس الإخبارية