شبكة قدس الإخبارية

خيارات الاحتلال لإقامة ميناء في غزة ودور مصر في تعطيل "مبادرة بلير"

هيئة التحرير

ترجمات عبرية-خاص قدس الإخبارية: نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية مقالة للكتاب والمحلل السياسي "أليكس فيشمان" تحدث فيه عن الفرص المتاحة أمام حكومة الاحتلال الإسرائيلي لإقامة ميناء في قطاع غزة والكواليس التي أحاطت بالمفاوضات التي قادها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق "توني بلير" مؤخرا لتثبيت تهدئة طويلة مع قطاع غزة.

ويكشف "فيشمان" في مقالته عن بحث أجراه الجنرال "يوسي اشكنازي" الضابط في سلاح بحرية الاحتلال الإسرائيلي والذي كان بعنوان "ممر إنساني لغزة"، وهو الضابط الذي اسمه في الاتصالات السرية مع حركة حماس – المباشرة وغير المباشرة.

البحث المذكور يفحص الخيارات المتاحة لحكومة الاحتلال الإسرائيلي لإقامة ميناء يخدم قطاع غزة في المستقبل، والذي يهدف بحسب البحث "لكبح التسونامي القادم من قطاع غزة"، ويتحدث عن أربعة خيارات، الاول: إقامة منارة خاصة بغزة في ميناء أسدود. الثاني: إقامة ميناء في العريض يخدم القطاع، الثالث: إقامة ميناء في قبرص أو اليونان، والرابع: إقامة منارة عائمة في المياه العميقة تبعد عدد من الكيلومترات عن شاطيء القطاع أو جزيرة اصطناعية مع تواصل بري مع القطاع.

وتقول الصحيفة "بالنسبة للخيار المصري تم فحصه من وزارة الجيش ومنسق العمليات في المناطق، وتم إسقاطه من الحساب، فالمصريون لن يقدموا لإسرائيل رافعة تساعدها في القطاع، وبالنسبة لخيار أسدود فإن إسرائيل تفضله وهو سيحل الكثير من مشكلات الفحص الامني وسيعود بالفائدة الاقتصادية، إلا أن حماس ترفضه".

ويتابع "بالنسبة لخيار قبرص أو اليونان فهناك من يرفضه داخل الأجهزة الأمنية وحتى المستوى السياسي، لأنه لن يكون هناك إمكانية لحماية وحراسة الممر المائي للقطاع، لا يمكن اجراء الفحص لآلاف الحاويات يوميا في قبرص أو اليونان، فكل حاوية مثل شاحنة كبيرة، وأصغر سفينة تحمل 500 حاوية على الاقل، لا يمكن فحص عينات وبالتالي يجب إفراغها وإجراء فحص أساسي الأمر الذي يتطلب ليس فقط أجهزة للفحص بل القوى العاملة ايضا، كما أنه من المفروض مرافقة هذه الحاويات في طريقها الى غزة".

أما الخيار الذي يتحدث عن إقامة المنارة العائمة أو الجزيرة الاصطناعية هو الحل الذي يفضله الغزيون، لكن البناء قد يستمر فترة طويلة، فيمكن إقامة منارة تبعد 2 كم عن شاطيء غزة، ويصل عمق المياه هناك من 16 – 20 مترا. وبعمق كهذا تستطيع السفن التي تحمل بين 7 – 10 آلاف حاوية أن ترسو، إلا أنه يجب اجراء فحص شفاف لكل حاوية، الامر الذي سيحول الممر الانساني الى كابوس ونقطة احتكاك، إن حل كهذا يمكن أن يتم كإجراء مُكمل لإقامة ميناء فلسطيني في قبرص أو اليونان".

ويشير الكاتب إلى إلى ان قائد سلاح البحرية للاحتلال عبر عن موافقة سلطات الاحتلال على إقامة ميناء بحري بالأشكال المذكورة سابقا لكن بشرط أساسي هو ان يكون خارج قطاع غزة، وتحت عين الإسرائيليين".

ويتطرق "فيشمان" في مقالته للجهود التي بذلها بلير في سبيل تثبيت وقف طويل لإطلاق النار، ويقول: "قادة حماس أقروا هذا الاسبوع للمرة الاولى أن مبادرة بلير لم تعد قائمة، هذه المبادرة التي سمحت لحماس إمكانية جس نبض الإسرائيليين، وخداع الفلسطينيين بإمكانية التوصل الى اتفاق مع إسرائيل على وقف اطلاق النار مدة 15 سنة مقابل رفع الحصار وإعمار القطاع، ويتضح الآن أن هذه المبادرة تأسست على عُرف دجاجة".

ويشير الكاتب إلى تصريحات رئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو" قبل اسبوعين حول "مبادرة بلير" والتي قال فيها: "إن التعاطي معها سيتسبب بأضرار كبيرة لاسرائيل ويدفع أبو مازن الى الاستقالة الذي يعتقد أن المبادرة هي خيانة للموضوع الفلسطيني، وأن كل مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع حماس ستعطي الاوروبيين الشرعية للاعتراف بالمنظمة".

ويكشف فيشمان عن أن مصر بقيادة عبد الفتاح السيسي مارست الضغوط على حكومة نتنياهو لوقف مبادرة بلير، ويقول: "رسالة نتنياهو وصلت الى المصريين، ومن المصريين الى حماس في غزة، وفي هذه المرحلة أدرك الفلسطينيون أن قصة بلير هي خدعة وأن اسرائيل لا تعتبره وسيطا، وهذا لم يمنع بلير من الالتقاء مع اشخاص مثل خالد مشعل على سبيل العلاقات العامة".

ويقول "فيشمان" بعد عملية الجرف الصامد في غزة بثلاثة اسابيع بدأت حماس في ارسال الوسطاء لاسرائيل وهم يحملون رسالة ثابتة تتحدث عن وقف لإطلاق النار بعيد المدى، والشروط التي قدمتها لم تكن مقبولة على اسرائيل: رفع الحصار، إقامة ميناء بحري وجوي، حرية الحركة، وقف طلعات سلاح الجو الإسرائيلي في سماء القطاع، رفع القيود عن الصيد والتصدير والاستيراد وما أشبه، وكان من بين الوسطاء رجال اعمال غزيين وجهات أجنبية تزور القطاع، وجدت طريقها الى منسق الأعمال في المناطق والى رئيس القسم السياسي الامني عاموس جلعاد والى وزير الجيش ومكتب رئيس الحكومة".

ويضيف "في إسرائيل يعتقدون أن حماس غير مستعدة بعد لاستئناف المواجهة مع إسرائيل، "الشباك" حدد موضوع التهريب للقطاع كموضوع رئيس للعلاج بالتعاون مع المصريين، والنتائج ملموسة على الارض، وحماس نجحت في تجديد 15 – 20 بالمئة فقط من عدد الصواريخ التي أطلقتها أو فقدتها في عملية الجرف الصامد، التي تُنتج محليا، والمصريون يحفرون حاجزا مائيا على طول منطقة فيلادلفيا، ويعتقلون أعضاء الذراع العسكري لحماس عند خروجهم من القطاع ويلحقون الضرر بمخازن السلاح لحماس في سيناء".

ويتابع "فيما يتعلق بالانفاق لا تزال حماس بعيدة عن الهدف الذي وضعته لنفسها، لكن كل هذا لن يمنع اندلاع المواجهة العسكرية من أجل كسر الجمود.

ويشير إلى أن ما يسمى بمنسق الاعمال في المناطق، "يوآف مردخاي" قد أعد خطة لمواجهة الازمة في غزة، وفي المقابل توجد خطة لتغيير طريقة التعامل مع السلطة الفلسطينية وسكان الضفة الغربية، وحسب رئيس الاركان والاجهزة الامنية، فانه بدون التعاون مع أبو مازن وبدون التأييد المصري لا يمكن تنفيذ الخطة في غزة، وقد بدأت خطة غزة بالتدحرج تحت عنوان “اعمار غزة”. المرحلة الاولى هي تحسين دراماتيكي للبنية التحتية والطاقة مثل الكهرباء والغاز. وحسب هذه الخطة ستضيف سلطات الاحتلال خطوط كهرباء للضغط العالي في القطاع وستساعد على إقامة ألواح الطاقة الشمسية على مساحة 100 دونم شمال القطاع، ستوفر 30 ميغاواط كهرباء وتسمح بوصل غزة مع حقول الغاز الطبيعي الاسرائيلية.

في المرحلة الثانية يتم انشاء محطات تحلية للمياه التي ستمنع تدفق 100 ألف لتر من مياه المجاري الى البحر يوميا. اسرائيل ضاعفت كمية المياه التي تدخل الى القطاع، لكن ما زالت حاجة الى اقامة موقعين كبيرين لتحلية المياه، إلا أن هذه المواقع تحتاج الى كمية من الطاقة يستطيع سكان غزة أن يحلموا بها فقط.

المرحلة الثالثة هي فتح التصدير من غزة الى العالم العربي والأراضي المحتلة عام 48، واقامة مناطق صناعية قريبة من الجدار واقامة مصانع بملكية اسرائيلية داخل القطاع. توجد ايضا خطط لتجديد عملية نقل البضائع في كارني.

في هذه الاثناء تسمح سلطات الاحتلال بدخول 1500 غزي واجنبي من معبر ايرز يوميا، وفي نهاية الاسبوع تسمح بدخول مئات الغزيين للصلاة في المسجد الاقصى، وفحص الشاحنات في كرم سالم – بواسطة اجهزة هولندية متقدمة – الامر الذي يسمح بدخول 700 شاحنة يوميا، وتسمح سلطات الاحتلال أيضا باستيراد سيارات وشاحنات جديدة للقطاع عن طريق ميناء اسدود".

ويقول الكاتب: "إعمار قطاع غزة يسير ببطء، ومن بين آلاف المنازل التي هدمت، بدأوا ببناء 660 وحدة سكنية فقط، الاموال من الدول المانحة لا تتدفق، والأهالي الذين حصلوا على المواد الخام لإعمار منازلهم باعوها في السوق السوداء بأربعة اضعاف قيمتها من أجل سد الاحتياجات اليومية. فبدل الاسمنت والزجاج يستخدمون النايلون لإغلاق الثقوب في الجدران".

هنا دخلت قصة الميناء التي قد تحدث قفزة في موضوع اعمار القطاع وإزالة الشعور بالحصار، الاموال للمشروع موجودة، فالمبعوث الخاص لأمير قطر وهو محمد العمادي يؤتمن على أكثر من مليار دولار، وهو ينتظر ما ستقوله "إسرائيل من أجل إطلاق الأموال، إنه أحد المصادر لتمويل خطة تخفيف الحصار، الأمر الذي سيُبين للغزيين ما الذي سيخسرونه اذا قرروا تحطيم الأدوات".