شبكة قدس الإخبارية

"دولة إسرائيل الثالثة" على وشك الظهور

هيئة التحرير
القدس المحتلة- قُدس الإخبارية: أفاد خبراء في الشأن الإسرائيلي، أن نتائج الانتخابات الأخيرة لكنيست الاحتلال، أسّست لـ "مرحلة تاريخية جديدة للدولة العبرية"، وأنها تعبر بوضوح عن "ظهور الدولة الإسرائيلية الثالثة والتي ستكون أكثر توجهًا نحو الدولة الدينية اليهودية الاستيطانية وأقل ديمقراطية". وقال الخبير في الشأن الإسرائيلي، انطوان شلحت، إن الدولة العبرية مرت بثلاث مراحل منذ قيامها، وامتدت المرحلة الأولى من عام 1948 وحتى 1977، واتّسمت هذه المرحلة بحكم "الحزب الواحد"، حيث هيمن حزب "مباي" سلف حزب "العمل" الحالي، وكان في صلبه تياران اشتراكي وآخر علماني اشكنازي. وأضاف شلحت، أن مرحلة الدولة الإسرائيلية الثانية بدأت منذ عام 1977، حيث فاز ولأول مرة حزب "الليكود" وفي مركزه حزب "حيروت" اليميني وشكل حكومة بقيادته، وتم استبعاد حزب "مباي" من السلطة، حيث أنه وبانتهاء الحزب الأخير انقسم المشهد الإسرائيلي إلى معسكرين أساسيين، الأول هو لليمين ويمثله "الليكود"، والآخر معسكر اليسار ويمثله حزب "العمل". وأشار إلى أن ما أسماها بـ "إسرائيل الثالثة الجديدة" تضم إضافة إلى حزب "الليكود" قوى وأحزاب أخرى من اليهود الشرقيين القدامين وأيضاً "الحريديم" الذين لا ينتمون إلى "الصهيونية الدينية" والأحزاب اليهودية المتشددة دينياً. وأضاف شلحت، أن حزب الليكود سعى لاستقطاب هذه المجموعات من خلال طرح اجتماعي يعبر عن واقع كل هذه الفئات المستضعفة اقتصادياً، وإلى جانب ذلك طرح خطاباً سياسياً يمينياً على مستوى السياسة الخارجية، استمر حتى اليوم وهذا عملياً شكل أساس المرحلة الثالثة، والانتخابات الأخيرة بدأت بتكريسها. وتتميز الدولة الثالثة، بأهن لا وجود لحزبين رئيسين كبيرين، وتشرذمت قوة الليكود والعمل، وتوزعت هذه القوى إلى أحزاب ذات قوة متوسطة وبدا صعود قوى حزبية فئوية جديدة، وهذا دشن لتشكيل حكومة تكون بحاجة لكثير من الأحزاب، أي أن الحزب الكبير سيكون بحاجة إلى أربع أو خمس كتل لتشكيل الحكومة". وأكد أن هذا التغير في المشهد الحزبي في تل أبيب سيؤثر بشكل أساسي على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأهم هذه التغيرات ارتفاع مستوى التديّن وشيوع بعض أنماطه المتشددة، وكذلك تداخل أمور الدين والدولة، والتحوّل المتسارع من "الخطاب اليميني الاجتماعي الليبرالي" إلى "خطاب يميني استيطاني نيو ليبرالي" مشبع بالمفردات الدينية ويعكس ذلك على المستوى السياسي صعود قوة جديدة في المجتمع الإسرائيلي وهي مستوطني الضفة الغربية الذين باتوا يشكلون نسبة 10 في المائة من تعداد سكان الدولة العبرية وأضاف أن هذه القوة باتت تشكل مصدر قوة "الليكود" واليمين المتطرف، بعد أن كان الحزب يعتمد سابقاً على اليهود الشرقيين، فالآن المستوطنين هم الذين يشكلون قوة الدعم له، وسيكون لهم دور كبير مع "الحريديم" والفئات الدينية في تحديد الأجندات السياسية والاجتماعية للحكومة القادمة، كما قال. ورأى المختص بالشأن الإسرائيلي، أن الموضوع الفلسطيني سيكون مغيباً، حيث سيطرح "معسكر اليسار الصهيوني" أجندة اجتماعية، فيما يطرح اليمين أجندة أمنية، و"هذا يعني أن إسرائيل ستواصل سياسة إدارة الصراع من جهة بشكل لا يؤدي إلى انفجار على شكل انتفاضة جديدة، والقيام بتغييرات على الأرض تحيل حلّ الدولتين إلى شبه مستحيل وتوقع شلحت، أن يواصل اليمين الجديد السعي نحو تعميق الهيمنة اليمينية الاستيطانية على الخطاب العام، وعلى مؤسسات المجتمع المدني، إلى جانب تآكل مستمر للحدود السياسية - الأيديولوجية الفاصلة بين المستوطنات من جهة وتل أبيب من جهة أخرى، وتزايد تمازج المستوطنين في المجتمع الإسرائيلي، باعتبارهم جزءاً طبيعياً من الطبقات والفئات الاجتماعية، واستمرار صعودهم في النخب وأوضح أن هذا يعني "أن الدولة العبرية ستكون في المرحلة القادمة أقل ديمقراطية وأكثر دينية وسن قوانين تضعف الجهاز القضائي وأخرى دينية أكثر تمنع المواصلات أيام السبت وتشدد إجراءات التهويد ومن هو يهودي". وعلى مستوى فلسطينيي الداخل، أشار الخبير السياسي إلى أن الحكومة القادمة ستواصل سن المزيد من القوانين العنصرية، وآخرها القانون الذي يطال ليس الفلسطينيين في الداخل فقط بل نشطاء اليسار المؤيدين للسلام وهو قانون تكريس المقاطعة الذي صادقت عليه المحكمة الإسرائيلية العليا قبل أيام، وينص على معاقبة كل من يدعو إلى مقاطعة منتجات الاحتلال في مناطق الـ 48، بحجة أن المقاطعة يمكن أن تتسبب بأضرار اقتصادية. من جهتها، قالت مديرة المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار"، هنيدة غانم، "إن التغييرات الديموغرافية ذات الخطاب الاستيطاني التي حصلت في "إسرائيل"، حوّلت حزب الليكود بالكامل إلى حزب مستوطنين بالإضافة إلى أنه تحوّل إلى الحزب الوحيد القادر على قيادة "دولة إسرائيل" وسيستمر". وتوقّعت غانم، اختفاء ما يعرف باليسار الإسرائيلي، وانقسام الدولة العبرية إلى "يمين ليبرالي" و"يمين استيطاني"، وفق تقديرها.