الضفة الغربية- خاص قدس الإخباري: لم يعد الاعتقال التعسفي على خلفية الانتماء السياسي وارتفاعه في الآونة الأخيرة وحده ما يؤرق الشارع الفلسطيني والمؤسسات الحقوقية، فالتوقيف على ذمة المحافظ انضم للائحة الاعتقال التعسفي الذي تنفذه الأجهزة الأمنية في ظروف أقل من الإنسانية.
المحامي في الهيئة المستقلة الوطنية لحقوق الإنسان محمد الكنجي، بين أنه ومنذ الانقسام تم رصد العديد من الشكاوى والحالات التي اندرجت تحت بند الاعتقال التعسفية على خلفية الانتماء السياسي أو حيازة السلاح، مشيرا إلى أن الهيئة اعتبرت الاعتقال بالتعسفي بأنه يخالف القانون الفلسطيني حيث لا يوجد نص قانوني يجيز هذا الاحتجاز.
الاعتقال على ذمة المحافظ
وأوضح الكمنجي لـ"شبكة قدس"، أن الاحتجاز على خلفية الانتماء السياسي قل من ناحية عدد الأشخاص وخاصة في مدينة جنين، ولكن ما رصد بشكل ملفت وواضح في المقابل ارتفاع التوقيف على ذمة المحافظ.
والتوقيف على ذمة المحافظ يتم استنادا على قانون الأردني المطبق في الأراضي الفلسطينية والذي يجيز للمتصرف "المحافظ" أن يوقف على ذمته أي شخص يهدد الأمن العام أو السلم الأمني، ويبين الكمنجي أن مدة التوقيف على ذمة المحافظ لا يجوز أن تتجاوز ستة أشهر.
الحالة الأخيرة التي رصدت في مدينة جنين وتم تطبيق التوقيف على ذمة المحافظ عليها، كانت بحق (40) شابا تم اعتقالهم من قرية اليامون.
معتصم زايد شقيق الشاب محمد زايد (24) عاما - والذي احتجز لشهر - يقول إن مناوشات اندلعت بين دورية شرطة فلسطينية والشبان في قرية اليامون، إثر عملية قتل وقعت في القرية.
وأضاف أنه تم اعتقال (40) شابا من العائلة من ضمنهم محمد إثر هذه المناوشات، حيث تم توقيفهم كلهم لمدة أسبوع على ذمة المحافظ ثم عرضوا (14) شابا منهم على القضاء وأفرج عن الآخرين.
وبين أن القضاء أصدر قرارا بالإفراج عنهم في ذات اليوم بشريطة دفع كفالة لكل شخص بقيمة ثلاثة آلاف دينار، ليفاجئوا بوجود توقيف آخر بحقهم على ذمة المحافظ لمدة أربعة أيام.
ولفت إلى أن الشبان احتجزوا في مقر المباحث في ظروف سيئة للغاية تعرضوا خلالها للضرب والتعذيب والإهانات والشبح وحرمانهم من الأغطية والطعام.
ارتفاع الظاهرة
ويعلق الكنجي على أن التوقيف على ذمة المحافظ، ارتفع في الآونة الأخيرة بشكل ملفت، "صحيح أن القانون أجازه ولكن في ظروف خاصة واستثنائية"، مضيفا أنه ما دام القضاء موجود ويعمل فمن الأصل المحافظة عليه خاصة أن التوقيف على ذمة المحافظ يؤثر على استقلالية القضاء.
ويبين الكمنجي أن استغلال هذا التوقيف يخلق سلطتين للتوقيف، فالنيابة العامة تصدر قرارات بالتوقيف والتفتيش، فيما تصدر محكمة الصلح قرار بالتوقيف لـ (15) والتمديد فيما بعد، وتجيز كلاهما توكيل محامي لدفاع عن المتهم، "كل ضمانات المحاكمة العادلة منتفية تمام في التوقيف على ذمة المحافظ.
وعن عدد الحالات الموقفة على ذمة المحافظ، أو التي تم إيقافها، لفت الكمنجي أن يوجد رصد مستمر شهريا لهذه الحالات ولكن لا يمكن التصريح بالتفاصيل حيث أنه يتم رصدها بهدف التوثيق وليس النشر.
وبين أن الأجهزة الأمنية من أمن وقائي أو مخابرات تقوم بتحويل ملف المتهم إلى التوقيف على ذمة المحافظ، فالمحافظ يوقع على التوقيف لمدة معينة، "يتم التوقيف داخل الأجهزة الأمنية ولكن يكون على ذمة المحافظ"، لافتا إلى أن المبرر يكون دائما الحفاظ على السلم الأهلي والنظام العام، ويتم إخفاء مجريات التحقيق و حيثيات التهم اللذان يكونا في منتهى السرية وتمنع الهيئة وعلى الرغم أنها مؤسسة رقابية من الاطلاع عليها.
حظر التعذيب
وأكد على أن التوقيف داخل الأجهزة الأمنية يحمل مخالفة لأحكام المادة (115) من القانون الإجراءات الجزائية، والذي ينص على توقيف المعتقل داخل النظارة لمدة (24) ساعة ثم يتم تحويله إلى السجن المدني حيث يتم تمديد اعتقالهم لأكثر من (24) ساعة، مشيرا إلى أن هذا من بعض المخالفات القانونية التي ترصدها الهيئة والتي تحول الاعتقال من قانوني إلى تعسفي.
تنفذ الهيئة المستقلة زيارات في سجون الإصلاح والتأهيل في الضفة وغزة، وترصد الظروف القانونية والمعيشية والصحية والتواصل مع المحامين والأهل، فيقول الكمنجي "إن الملاحظات تتفاوت من جهاز لآخر"، مؤكدا على أن بعض المقار بحاجة لمعالجة وتعديل رافضا الكشف عن مزيد من التفاصيل للمحافظة على سلامة المحتجزين.
وبين أن إبداء الملاحظات المستمرة من المؤسسات الحقوقية استطاعت الضغط وتغير الواقع إلى أفضل، معطيا مثالا على ذلك أن ومنذ شهر أيلول 2009 صدر تعليمات في الضفة تحظر التعذيب وتم رصد انخفاض التعذيب داخل سجون الأجهزة الأمنية، إلا أنه عاود وارتفع، تلاها إصدار تعليمات مشددة تحظر التعذيب.
وأكد على أنه وبناء على تقارير للهيئة المستقلة عام 2013 تم إصدار تعليمات أخرى مشددة من الرئيس الفلسطيني تحظر التعذيب في سجون الضفة.
وأضاف أنه تم تسليط الضوء على الحقوق المدنية والسياسية من احتجاز وتوقيف وقمع التجمعات وإغلاق المؤسسات في ظل الانقسام، هو أمر بمنتهى الأهمية للارتقاء بالحقوق الإنسانية وصولا لتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.