غزة-خاص قدس الإخبارية: احتاج التقرير مسافة سير طويلة استغرقت الساعة وأكثر خصوصا مع الدمار الذي لحق بالبنية التحتية للقطاع وسوء المواصلات، مررت على كثير من المناطق فاحتارت عيناي على أي جهة تنظر من الدمار الذي خلفه الاحتلال، إلى أن وصلت إلى مرادي وهي منطقة خزاعة إلى الشرق من مدينة خان يونس.
بالنظر إلى المساحات الشاسعة أمامك، تعتقد أنك في منطقة ضربها زلزال في الصين أو الهند، ولكن الحقيقة أنها خان يونس التي تحولت إلى منطقة مدمرة، تملؤها البيوت الجاهزة "الكرافانات" التي خصصت لإيواء المئات من العائلات.
[caption id="attachment_51938" align="alignleft" width="400"]
نازحو خزاعة قصة معاناة لا تنتهي[/caption] وطأت قدماي أرض خزاعة للحديث مع نازحيها عن أحوالهم في فصل الشتاء وما هي آمالهم المستقبلية فأخذت أتجول داخل المكان الذي يحتوي على 24 كرفانا، رأيت حياة البساطة في عيونهم فهناك طفلة على دراجتها الهوائية وبالمقابل تجلس أم تراجع دروس ابنها وأم تعد طعام الغداء لأبنائها.
البيوت المتنقلة عبء جديد
اقترن مع وجودي إصلاحات في المكان جراء المطر الذي هطل قبل عدة أيام وكان لقائي مع عدد من تلك العائلات التي طالبت بأن ينظر كل العالم إلى الحالة غير الإنسانية الموجودة داخل المكان فتقول أم أحمد "في أول 5 دقائق فقط هطلت علينا الأمطار سقط سقف الكرفان علينا وغرقنا من شدة المطر واضطررنا للخروج من المكان بعد أن أصبح الماء تحت أقدامنا" وتضيف الحاجة التسعينية أم محمد التي اكتسحت التجاعيد وجهها: "عايشت هجرات كثيرة من النكبة إلى آخر حرب مرت علينا إلى اليوم أثناء هروبي من المطر وما خفي أعظم".
خلال التنقل بين البيوت ورؤيتنا للأرض التي لم تجف التقينا بمسئول لجنة الطوارئ للمنطقة يوسف النجار قال "نحن نشكر هيئة الأعمال الخيرية التي جاءت لإصلاح ما تم تعطله بسبب الأمطار ونحن نطالب المسئولين للنظر إلى حالة المنطقة فالشتاء الأشد قادم على الطريق فيجب عليهم التحرك بأسرع وقت ممكن".
وفي أحد البيوت يجلس الطفل محمود ذو العشرة أعوام على فرشته جراء إصابته بصعقة كهربائية من نزول الأمطار والذي مكث على إثرها 3 أيام في المستشفى يعاني من ردود في جسمه.وفي حكاية أخرى مع المطر تنظر في عيني الطفلتين إكرام ودينا النجار في حضن والدتهم وهي تبكي قائلة: "استيقظت من النوم على صوت المطر لأجد الماء تحت أبنائي وهم غرقى في الغرفة فأسرعت لإنقاذهم خوفا عليهم من الصعقات الكهربائية" وخلال إنقاذها لأطفالها أصيبت بصعقة كهربائية قذفتها إلى خارج الكرفان ولولا عناية الله لأصبحت في عداد الموتى، لكن كتب لها عمر جديد".
تحت أنقاض البيوت
[caption id="attachment_51939" align="alignleft" width="400"]
عائلات فرت من تحت أنقاض بيوتها خلال المطر إلى الكرفانات لتجد الوضع أسوأ[/caption] وإلى بيت مقابل للكرفانات على الرغم من أنه غير صالح للسكن، يقطن فيه لعدم توفر ملجأ آخر لهم، فتقول الشابة ريما النجار: "لقد انهار على رأسي سقف المطبخ أثناء نزول المطر فلم أتمالك نفسي من البكاء ودعوت الله في تلك اللحظة أن يغير حالنا إلى الأفضل" في ذلك الوقت هربت ريم وأخواتها إلى "الكرفانات" لتجد الحال أصعب مما تخيل فالكل غرق.
وأعرب أهالي خزاعة عن استيائهم لعدم وجود حلول جدية تتعلق بمستقبلهم فهم ينتظرون أيام الشتاء القادمة وكأنهم ينتظرون الموت المحقق لهم جراء البرد الشديد وعدم توفر الأغطية اللازمة لتدفئتهم.
سعيد عمار الوكيل المساعد في وزارة الأشغال قال: "لا نخفي على الأهالي الظروف الصعبة التي تمر فيها الوزارة بسبب الخلاف السياسي والإداري في الحكومة لذلك لا يوجد خطط رسمية لدى الوزارة".
وبناء على هذا فإن قطاع غزة يعيش حالة من الفراغ السياسي والحكومي بس الخلافات بين فتح وحماس.
ويستمر عمار قائلا: "الخطط تحتاج إلى موازنات ورصد مالي وخصوصاً خطط الطوارئ ونحن نعاني من قلة الأموال في القطاع وقلة الأيدي العاملة بسبب توقف برامج التشغيل المؤقت و برنامج جدارة" وما يدير القطاع الآن فقط هيئات الإغاثة مثل اللجنة القطرية واللجنة العمانية".
ويقول عمار الأمر الذي أستطيع القول بأنه تم انجازه هو رفع الركام من الطرقات وهدم بعض البيوت الآيلة للسقوط ورفع الأنقاض لرفع جثث الشهداء.
وفي نهاية الحديث يأمل عمار أن يكون هناك حل سريع للوضع في غزة وإلا غزة ستغرق بالفعل خصوصا وأن دوائر الرصد الجوي تحذر من منخفض جوي قوي في طريقه للساحل الفلسطيني يصب في غضون الـ48 ساعة القادمة ويحمل لنازحي غزة بالإضافة إلى الخير، الغرق فوق منازلهم المدمرة.



