أشارت القناة العبرية الثانية، إلى أن الاتحاد الأوروبي أقرّ الثلاثاء حظر دخول المستوطنين الإسرائيليين الضالعين بارتكاب أعمال عنف ضد الفلسطينيين إلى دول الاتحاد البالغ عددها 28 دولة، وذلك وسط بوادر تغيير يشهدها المزاج الأوروبي حيال الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
القناة العبرية كانت قد نقلت تصريحات لدبلوماسيين أوروبيين، أكّدوا فيها على وجود قائمة أوروبية سوداء، تضم أسماء ما بين 100 إلى 200 مستوطن، أدين بعضهم على يد محاكم إسرائيلية بتهم الاعتداء على الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية، حيث تمتد مئات البؤر الاستيطانية على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، ويعدّ تشييدها مخالفاً للقانون الدولي، ويعتبرها الأوروبيون غير شرعية.
القرار الذي نقلته وسائل إعلامية أوروبية، وقالت إنه سيدخل حيز التنفيذ خلال الفترة المقبلة، لم يصدر بشأنه تأكيد أو نفي رسمي من الاتحاد الأوروبي، لكنه يأتي منسجماً مع خطوات سابقة انتهجها للضغط على إسرائيل، بغرض إيقاف تغوّلها الاستيطاني في كل من الضفة والقدس الشرقية، اللتين يعيش فيهما اليوم ما يزيد عن 650 ألف مستوطن، وفق معطيات نشرتها وزارة الداخلية الاسرائيلية مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
حظر السفر الذي سيُفرض على مرتكبي العنف من المستوطنين، لم يكن الإجراء الوحيد ضد الاستيطان، إذ سبقه قرار أوروبي صادقت عليه دول الاتحاد، يقضي بوسم البضائع الواردة من المستوطنات الإسرائيلية، بعلامة "صنع في الأراضي المحتلة"، ابتدأت به المملكة المتحدة عام 2009، ولحقت بها أكثر من نصف دول الاتحاد عام 2013 الماضي، وذلك بعد جدل طويل كاد أن يعصف بالعلاقات الأوروبية – الإسرائيلية، امتد لأربع سنوات.
وإن كان الجدل حول البضائع المصنّعة على أراضٍ منهوبة من الفلسطينيين، وفق توصيف الاتحاد الأوروبي لبضائع المستوطنات، قد انتهى بوسم البضائع وتحديد مصدرها للمستهلك الأوروبي من تجار ومواطنين، الذين سيكون لهم القرار بشرائها أو مقاطعتها، فإن تزامنها مع حركات المقاطعة التي قادتها أحزاب ونشطاء أوروبيون، حعلها تنال من المبيعات الإسرائيلية في دول الاتحاد بصورة غير مسبوقة، إذ قدّرت "حركة مقاطعة إسرائيل" التي تضم نشطاء من العرب وأوروبيين، حجم الخسائر المترتبة على مقاطعة منتجات المستوطنات بثمانية مليارات دولار سنوياً، وفق تقرير نشرته في فبراير/ شباط الماضي.
ولم تكن الخسائر الاقتصادية التي منيت بها دولة الاحتلال، هي الضرر الوحيد، إذ تساهم خطوة كهذه في تعزيز شعور العزلة ضد دولة الاحتلال، وتكرّس صورتها ككيان يمارس المخالفات ضد القانون الدولي، باستمراره في سياسة الاستيطان.
الحرب الأخيرة على قطاع غزة الذي وضع أوزاره في أغسطس/ آب الماضي بعد 51 يوماً من العدوان المتواصل، صبَّت هي الأخرى في كفة جهود اللوبيات والشخصيات الداعمة لفلسطين في أوروبا، إذ تكشّفت بوادر تبدّل في المزاج العام الأوروبي، لصالح دعم الحق الفلسطيني، إلى جانب ارتفاع السقف في انتقاد إسرائيل وسياساتها.
ولعل هذا التحول هو جزء من تغيّر يطرأ أكثر على مزاج الناخب الأوروبي، الذي بات أميل نحو أحزاب اليسار، التي جاءت بهم الإرادة الشعبية في السويد إلى سدة الحكم مؤخراً، ليعلن رئيس الوزراء الجديد، ستيفان لوفين، عن تعهّده خلال خطاب التنصيب في البرلمان، بأن حكومة بلاده المتشكلة من حزبيّ الاشتراكيين الديموقراطيين والخضر، تعتزم "الاعتراف بدولة فلسطين، في إطار احترام المطالب المشروعة للفلسطينيين والإسرائيليين فيما يتعلق بحقهم في الأمن وتقرير المصير"، في خطوة أشارت هي الأخرى إلى تغيّر في مزاج الشارع وقادة الرأي الأوروبيين، وانعكاس ذلك على حكوماتهم المنتخبة وموقفها من القضية الفلسطينية.
وبالتوازي؛ فإن الانتقادات التي حظيت بها السويد، من قبل الخارجية الإسرائيلية، التي استدعت سفيرها في ستوكهولم احتجاجاً، لم تثنِ البرلمان البريطاني عن المضيّ قدماً في اعتماد مشروع قراره الذي يوصي حكومة البلاد بالاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967.
وعلى الرغم من رمزية التصويت على قرار الاعتراف بدولة فلسطينية، والذي رفعه حزب العمال وحاز على الموافقة بواقع 274 صوتاً مقابل 12، وكونه مجرّد توصية غير ملزمة للحكومة الحالية التي امتنع نوابها المحافظون عن التصويت، وتغيَّب رئيسها ديفيد كاميرون عن الجلسة، إلاّ أنه يعدّ إجماعاً غير مسبوق لصالح الفلسطينيين، من دولة طالما شكّلت حليفاً استراتيجياً لدولة الاحتلال التي قامت على وعدٍ من وزير خارجيتها "بلفور" عام 1917.
السفير البريطاني في تل أبيب ماثيو غولد، عقّب على القرار لصحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، بقوله إنّ على الإسرائيليين أن يقلقوا من خلفيات هذا التصويت، إذ إن صورة إسرائيل في بريطانيا قد تغيرت، وأن الحرب الأخيرة على غزة شكلت قفزة في هذا التغيير، مضيفاً أن اعتراف مجلس العموم البريطاني بالدولة الفلسطينية، هو أحد تجليات هذا التحول القادم، وفق تعبيره.