لماذا قرر نتنياهو اغتيال المبحوح في دبي؟
عندما وصل بنيامين نتنياهو مجدداً إلى منصب رئاسة حكومة الاحتلال مرة ثانية، لمحت الصحف الإسرائيلية إلى احتمال تجدد المواجهة مع خالد مشعل بعد مرور 12 سنة على محاولة اغتياله في عمان (25 أيلول – سبتمبر 1997)، والمعروف أن جهاز "الموساد" لم ينجح يومها في اغتيال مشعل... ولكنه قرر قتل القائد العسكري للحركة محمود المبحوح.
لماذا؟
على مكتب رئيس وزراء الاحتلال ملف أزرق تتصدره عبارة "سري جداً"، والملف يتضمن معلومات خاصة وموثقة عن دور محمود المبحوح في أسر وتصفية جنود إسرائيليين خلال كمائن خطط لها ونجح من خلالها في توجيه ضربات موجعة لـ"إسرائيل"، وكان طبيعياً أن تسعى لاغتياله وأن تبدأ لعبة القط والفأر حسب التفاصيل التالية:
غادر المبحوح غزة في عام 1989 بعد أن اعتقلته شرطة الاحتلال عام 1986 وظل بسجن السرايا لمدة عام كامل بعد إدانته بحيازة أسلحة وانضمامه لحركة إسلامية، وأفرج عنه عام 1987بعد اندلاع انتفاضة الحجارة الأولى، وتوطدت علاقته بالشيخ أحمد ياسين الذي كلف أحد قادة التنظيم بتدريب المبحوح على الأمن الشخصي وكيفية الاختفاء والتمويه وتنفيذ العمليات السرية، وانضم إلى الشيخ صلاح شحادة مؤسس كتائب عزالدين القسام، وكلف المبحوح بتأسيس وحدة عسكرية أطلق عليها الوحدة رقم 101 يكون هدفها الأساسي هو خطف الجنود الصهاينة، وذلك بتكليف من صلاح شحادة.
بدأت الوحدة 101 في تنفيذ المهمة المكلفة بها، حيث قام في عام 1988 بالتخطيط وتنفيذ العملية الأولى، والتي قام بتنفيذها هو شخصياً ومعه عنصران آخران من وحدته، وذلك بارتداء ملابس رجال الدين اليهود والتخفي في شخصية متدينين يهود، ودخلوا إلى مدينة جولس المجاورة لمدينة عسقلان وتمكنوا من اختطاف الجندي الإسرائيلي آفي سنبورنس والوصول به إلى مقر قيادتهم وصدر لهم الأمر بقتل هذا الجندي الصهيوني.
وتم قتله بعد خطفه بنحو عشرة أيام .. ثم بدأ المبحوح في التخطيط للعملية الثانية التي نفذها بعد 81 يوماً من تنفيذ العملية الأولى، وذلك بخطف الجندي الإسرائيلي إيلان سعدون من قرية المسمية، حيث نفذ فيه حكم الاعدام بعد خطفه بخمسة أيام في غزة.
استطاع جهاز الشاباك (جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي) أن يحدد شخصية محمود المبحوح وأحد رفاقه ويدعى عبد ربه أبو خوصة بأنهما وراء عمليات الخطف والتصفية للجنديين الإسرائيليين، وبدأت فرق الأمن الإسرائيلية بعمليات البحث والمطاردة له ولزميله لمدة أربعة أشهر متواصلة حتى استطاع الخروج من غزة عبر الأراضي المصرية إلى الحدود الليبية، ودخل ليبيا لعدة أيام إلى أن غادرها إلى سوريا التي أقام بها حتى تاريخ مغادرته، ومنها إلى دبي التي لقي حتفه بها على أيدي وبتخطيط عملاء الموساد.
قرر الموساد تصفية المبحوح بعد أن صادق مائير داجان رئيس الموساد شخصياً على الخطة وتشكلت مجموعة التنفيذ التي تدربت على الخطة بناءً على تخصيص مهام محددة.
تشكلت المجموعة من 11 فرداً، عشرة منهم مقسمون إلى خمس مجموعات، كل مجموعة فردان ويرأسهم المدعو بيتر إيلفينجر المتهم الأول باستئجار الغرفة رقم 237 المقابلة تماماً لغرفة المبحوح رقم 230 في فندق البستان روتانا، ثم سلم مفتاح الغرفة أو الكارت المغناطيسي لفتح الباب إلى أحد أعضاء المجموعة في موقف سيارات الفندق، ثم غادر الفندق إلى المطار وأقلعت طائرته قبل تنفيذ المهمة، الخمس مجموعات كانت مهامها تنحصر في مراقبة المبحوح من وقت وصوله للمطار وحتى دخوله غرفته بالفندق، والثانية للدعم الفني والثالثة لتعطيل أي محاولات للقبض على الأفراد إذا ما ساءت الأمور، وكذا تأمين عملية انسحاب الأفراد وخروجهم من الفندق بعد تنفيذ العملية.
بعد وصول محمود المبحوح إلى فندق البستان روتانا بدبي سجل نفسه في استقبال الفندق باسم حركي غير اسمه وصعد إلى الغرفة رقم 230 ووضع حقيبته بها وظل بها إلى أن غادر الغرفة.
الساعة السابعة وأربعون دقيقة مساءً نزل إلى بهو الفندق لاحتساء مشروب ساخن، وفي هذه اللحظة أخطر أفراد المراقبة مجموعة التنفيذ التي كانت داخل الغرفة رقم 237 المواجهة تماماً لغرفة المبحوح بأنه قد غادر الغرفة فخرج أحد أفرادها وهو يرتدي زي عامل من الإدارة الهندسية للفندق ومعه جهاز إلكتروني مصمم لفتح أبواب الغرف بدون استخدام الكروت الممغنطة وقام بفتح باب الغرفة 230 ودخل معه فردان آخران، وانتظروا المبحوح داخل الغرفة إلى أن صعد ودخل الغرفة في تمام الساعة الثامنة والربع مساءً، فقامت مجموعة التنفيذ بالسيطرة عليه وصعقه بالصواعق الكهربائية اليدوية عدة مرات إلى أن فقد وعيه فقاموا بخنقه باستخدام إحدى وسادات سريره، وغادرت مجموعة التنفيذ الغرفة في تمام الثامنة وخمس وعشرين دقيقة، بعد أن قاموا بترتيب الغرفة لكي تبدو في صورتها الطبيعية دون إظهار أي آثار توضح وقوع أي مقاومة أو آثار لعنف أو جريمة ووضعوا لافتة رجاء عدم الازعاج على باب الغرفة من الخارج وأغلقوا باب غرفة المبحوح في الوقت الذي كان يتواجد أحد أفراد مجموعة التأمين في نهاية الممر الرئيسي للغرفة بزي أفراد النظافة ووضع علامات بلاستيك أرضية تفيد بمنع الدخول المؤقت لحين الانتهاء من أعمال النظافة وغادرت المجموعات الفندق فوراً إلى المطار وغادروا دبي إلى عدة دول أوروبية وآسيوية.
بعد ظهر اليوم التالي الموافق العشرين من يناير دخلت عاملة النظافة إلى غرفة المبحوح بعد أن طرقت الباب عدة مرات دون أن تسمع رداً من الداخل مستخدمة مفتاح الماستر الذي بحوزتها فوجدت جثمان المبحوح مسجّى على سريره وآثار دماء جافة خارجة من أنفه وفمه فأخطرت الإدارة التي أرسلت طبيب الفندق الذي قرر بعد الكشف الظاهري على الجثة بأن الوفاة طبيعية نتيجة نزيف داخلي يحتمل من المخ أو جلطة المخ أدت إلى الوفاة وتم نقل الجثمان إلى المستشفى بصفته مواطناً أجنبياً عادياً بناء على الاسم المستعار المسجل بالفندق.
قامت المستشفى بعمل بعض الفحوص الطبية وأخذ عينات من الجثمان وأعلنت أن الوفاة جنائية نتيجة خنق المجني عليه وصعقه كهربائياً، وأعلنت حماس اتهامها للاحتلال الإسرائيلي بقتل المبحوح كما سبق واغتالت خليل الوزير في تونس وعز الدين الشيخ خليل في سوريا وحاولت قتل خالد مشعل بالسم في الأردن.
وبدأت السلطات الأمنية والشرطية في دبي في التحقيق وتوصلت إلى معرفة تفاصيل القضية وأعلنت أسماء وصور القائمين بالعملية وجنسياتهم التي اشتملت على ستة بريطانيين وثلاثة أيرلنديين وفرنسي واحد وألماني واحد وأن جميع جوازات السفر غير مزورة.
[caption id="attachment_36883" align="aligncenter" width="610"] والد الشهيد المبحوح يحمل صورته[/caption]رحلة البحث عن المبحوح
ظل الموساد نحو خمسة أعوام يبحث عن أي معلومة تدله على هذا الشاب "المبحوح" الذي كان في ريعان العمر عندما اختار أن يتزوج القضية الفلسطينية ويمنحها أوراق زهرة عمره، ويعتبر المهندس الفلسطيني لعمليات قنص وخطف الجنود الإسرائيليين، وله شعبية كبيرة في أوساط قادة حماس وكان البعض يعتبره أسطورة نظراً لقدرته على التخفي، بعيداً عن عيون وجواسيس "إسرائيل" فضلاً عن موقعه العسكري الرفيع، فهو ضمن قلائل لديهم خريطة كاملة عن أماكن صواريخ القسام التي تم توزيعها على خنادق عديدة حتى لا يستطيع الاحتلال إصابتها، وكذلك لديه اتصالات مع الورش التي تقوم بتصنيع أو تجميع الصواريخ، كما هو همزة الوصل بين قيادة حماس السياسية والقيادة العسكرية، وباختصار هو الرجل رقم واحد في الخريطة العسكرية لحركة حماس.
وفي الملف أيضاً كانت هناك معلومات عن عدة محاولات إسرائيلية فاشلة لاغتياله أو حتى معرفة معلومات دقيقة عن مكانه فقد كان يتحرك في سرية مطلقة وبدون حراسة، ولا ينام الليل في مكان واحد بل يبدل أماكنه بسرعة، ويغير من شكل وجهه وتسريحة شعره، وكانت هناك توصية من الموساد تطلب استصدار قرار من نتنياهو شخصياً بتنفيذ عملية اغتيال الرجل الغامض في حركة حماس، واعتبر الموساد أن اغتياله ضروري لسببين اعترف بهما رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي عوزي أراد، حيث قال إن "روح الانتقام منه متوفرة منذ عشرين عاماً، ونحن نكره هذا الرجل ونريده حياً أو ميتاً"، مصيفا بأن ملاحقة المبحوح بدأت منذ اتهامه بخطف جنديين وقتلهما عام1989.
أما السبب الثاني لاغتياله حسب المسؤول الإسرائيلي فيعود إلى سلسلة عمليات قام بها خلال العشرين سنة الماضية، أهمها تهريب صواريخ "جراد" إلى غزة يصل مداها 60 كيلومتراً، أي أن حماس صارت قادرة على ضرب "تل أبيب"، وأنه المسؤول الأول عن ترتيب جدول تدريب لكوادر حماس على إطلاق الصواريخ، وهذه التدريبات تتم خارج فلسطين المحتلة وفق جدول زمني ومجموعات تسافر سرياً إلى دول عربية أو شرق أوسطية وتتلقى تدريبات ثم تعود إلى غزة.
تشير معلومات إسرائيلية إلى أن الموساد رصد اتصالات عن طريق الانترنت كشفت عن قافلة تهريب أسلحة قصفتها الطائرات الصهيونية شرق السودان، وهي في طريقها إلى غزة، أما وجوده في دبي فكان لإعداد خطة جديدة تضمن وصول الأسلحة إلى غزة ضمن مسارات مختلفة أو عن طريق البحر بعد إغلاق الأنفاق واكتشاف الاحتلال الإسرائيلي لخط سير قوافل الأسلحة الذي كانت تتبعه حماس.
وأكدت صحيفة "يديعوت أحرنوت" في تقرير لها أن الموساد أطلق وصف "الرجل الخفي" على المبحوح لأنه لا أحداً يعرف شكله ولا مكانه ولا تحركاته.
وقد وصفته صحيفة "هآرتس" العبرية بأنه "المرعب"، مشيرة إلى أنه "ذو عقل جبار يمتلك مواهب عديدة في التخطيط السري المحكم، والتنكر وقد حصل على دورات في فنون تضليل الاستخبارات وقد نجا من عدة محاولات لاغتياله رغم أن الموساد طرح 20 مليون دولار مقابل الوصول إليه، فهو الرجل الخفي الذي يقف وراء عمليات تمويل وتهريب السلاح إلى حركة حماس خاصة في غزة، فضلاً عن كونه مسؤولاً عن عمل خنادق سرية وأنفاق تحت الأرض لحماية قواعد إطلاق الصواريخ من طائرات العدو.
نتنياهو يتعشى في مقر الموساد
عندما قرأ نتنياهو ملف محمود المبحوح قال بصوت خافت "أريد رأس هذا الرجل" وصمت برهة وعاد إلى الكلام بصوت مرتفع "أريده بأي ثمن" في هذا التوقيت المناسب والمشحون بالغضب والإصرار على القتل تقدم مائير دوجان رئيس الموساد بورقة يطلب فيها مصادقة رئيس الوزراء على عملية قتل المبحوح.
رفع نتنياهو رأسه يريد التأكد من توفر كل عوامل نجاح العملية فلما وجد نظرة ثقة من داجان قام على الفور بتوقيع القرار تاركاً التفاصيل لرئيس الموساد.
تقول صحيفة صاندي تايمز البريطانية أن نتنياهو صادق شخصياً على عملية اغتيال المسؤول الحمساوي محمود المبحوح في دبي، وذلك خلال زيارة قام بها نتنياهو لمقر قيادة جهاز الموساد في مطلع شهر كانون الثاني/ يناير 2010.
وحسب الصحيفة البريطانية التقى نتنياهو هناك عدداً من كبار قادة الموساد والأجهزة الأمنية الأخرى، وقال لهم إنه يعتمد عليهم في التخلص من صداع هذا الرجل الخفي متمنياً لهم النجاح، وبعدها تناول معهم طعام العشاء.
ونشرت الصحيفة اللندنية تقريراً وافياً لمراسلها في تل الربيع المحتلة عوزي محانيمي عن عملية اغتيال المبحوح ووقوف الموساد وراء العملية – بحسب الصحيفة.
وقالت الصحيفة أن سيارتي ليموزين فاخرتين سوداوين من طراز (أودي) دخلتا في مطلع يناير 2010 البوابة الرئيسية لمبنى مقر الموساد المعروف باسم (مدراشاة – أي مدرسة) والكائن على تلة صغيرة في ضواحي "تل أبيب" الشمالية، وقد خرج بنيامين نتنياهو من إحدى السيارتين وكان في استقباله في البوابة رئيس الموساد مائير داجان، وبعد حديث هامس دخل نتنياهو بسرعة إلى المقر ومن خلفه بنصف خطوة كان داجان يتابعه، كان كل شيء معداً بالداخل، معلومات بسيطة عن عملية الاغتيال والمشاكل التي يمكن أن تترتب عليها لكن داجان كان واثقاً من نجاح العملية، لذلك لم يكن صعباً في أن يحصل على موافقة رئيس حكومة الاحتلال الضرورية "وبدونها لا تتم العملية إطلاقاً" خاصة وأن نتنياهو اعتبر أن اغتيال المبحوح هو هدف قومي لـ"إسرائيل" على حد وصف الصحيفة البريطانية.
وكتب المعلق العسكري الإسرائيلي يواف ليمور حول هذه الحادثة يقول إن عملية اغتيال المبحوح لم تنفذ من أجل الثأر للجنديين فحسب، كما تتصور حماس، ولكنها نفذت من أجل تحقيق هدفين: إظهار قوة الاستخبارات وذراعها الطويلة حتى في مدن بعيدة عن تطورات الصراع مثل دبي من جهة، وإفشال عمليات أخرى للحصول على أسلحة متطورة كان المبحوح يجهز لها، من جهة ثانية، وإلى ذلك أضاف أن المبحوح كان يخطط لأسر أكثر من جندي إسرائيلي حتى يتم مبادلتهم بالأسرى الفلسطينيين جميعا، وأشار ليمور إلى أن تنفيذ عملية اغتيال المبحوح سيترتب عليها أن تقوم حماس بمراجعة حساباتها ووقف خططها لأسر جنود إلى حين إيجاد بديل آخر يحل محله.
محاولة اغتيال بالسم
ولأن المقاومة تحرص في المجال الاستخباراتي أن لا تثرثر كثيراً عن عملياتها أو العمليات التي تنفذ ضدها لم تسرب حماس شيئاً مفيداً عن المبحوح، وكما عاش في الظل أرادت أن يستشهد في هدوء استناداً إلى أن كل معلومة عنه ولو بسيطة سوف يستفيد منها الاحتلال، لذلك ندرت التصريحات العملياتية المرتبطة بالرجل وأدواره ونشاطاته سواء في حياته أو حتى بعد استشهاده.
تقول مصادر فلسطينية مطلعة أن محمود المبحوح تعرض قبل ستة أشهر من اغتياله أي في يونيو 2009 لمحاولة تسميم نجا منها بفضل عناية الأطباء، كما تعرض لمحاولة خطف أو قتل أثناء وجوده في دولة عربية، لكنه قاوم الخاطفين وأجبرهم على الفرار ولم يشأ أن يُسجل ذلك في محاضر رسمية حتى لا يكشف نفسه.
جواسيس في طائرة وزير إسرائيلي
وإذا كان الأمر كذلك فإن السؤال المنطقي هو: كيف وصل كل هذا العدد من الجواسيس أو العملاء الذين شاركوا في الاغتيال وهم 26 شخصاً؟
وما هي المهام الموكلة لكل شخص وكيف شاركت بعض النساء في العملية وما هي أدوارهن؟
ارتبط بتوقيت الاغتيال مناسبة هامة ساعدت الموساد على بلوغ الهدف في سرية مطلقة، كانت المناسبة هي زيارة وزير الطاقة الإسرائيلي عوزي لانداو إلى الامارات للمشاركة في اجتماعات الوكالة الدولية للطاقة الجديدة والمتجددة، وقد جاء على متن طائرة خاصة، وكانت تلك فرصة لإدخال ستة من رجال الموساد إلى بطن الطائرة من ضمن الوفد الأمني والإعلامي المرافق للوزير وقد أيد محللون صهاينة ما أعلنته حركة حماس من أن عملاء الاستخبارات الخارجية (الموساد) تمكنوا من اغتيال القيادي المبحوح في دبي بعد أن وصلوا إلى أبو ظبي برفقة وزير البنى التحتية عوزي لانداو الذي شارك في مؤتمر بيئي في الإمارات العربية المتحدة قبل أيام من عملية الاغتيال.
لماذا الاغتيال في دبي وليس الخرطوم؟
لكن السؤال الذي طرحه رجال الاستخبارات في فلسطين وفي عواصم أخرى هو: لماذا اختار الموساد "دبي" بالذات مع أنه كان في خطة المبحوح الذهاب إلى الصين والسودان؟ وربما كان يمكن الإيقاع به في السودان على أساس وجود صراعات عرقية أو مناطقية وتتوفر إمكانية اغتيال القادة في بلد مضطرب أمنياً حسب التقديرات الصهيونية؟
ربما كان من السهل الإجابة بأن الاستخبارات السودانية قوية وهي اكتشفت من قبل بالتعاون مع جهاز استخباراتي عربي وجود الفدائي كارلوس المطلوب في عدة عواصم أوروبية من بينها فرنسا، أو أن الاستخبارات السودانية هي التي طلبت من أسامة بن لادن في التسعينيات مغادرة البلاد خشية تعرضه لعملية اغتيال، كما أن ظهور عناصر الموساد وكذلك العملاء وهم من ذوي السحنة البيضاء سيجعلهم محط الأنظار والمراقبة، لكن اختيار دبي كان نموذجياً في نظر الموساد فمن الطبيعي أن يأتي إلى دبي رجال أعمال وسياح من جميع أنحاء العالم، ولن يلفت نظر الجهات الأمنية تواجد كل هذا العدد من الرجال أو النساء الشقراوات في بهو الفندق أو بين الغرف فهذا أمر طبيعي.
[caption id="attachment_36885" align="aligncenter" width="514"] خالد مشعل توعد بالثأر للمبحوح في كلمته أثناء التشييع[/caption]حرب خارج الحدود... ماذا بعد الاغتيال؟
اغتيال المبحوح لن يمر بسهولة بل ينذر ببدء مرحلة أخرى من الحرب خارج الحدود بين حماس و "إسرائيل"، مماثلة لتلك التي وقعت قبل عدة عقود بين الاحتلال ومنظمة التحرير الفلسطينية، حيث تعهدت حماس بعملية انتقام مشابهة، وهددت بتوسيع نطاق عملياتها إلى مناطق في الخارج ضد مسئولين إسرائيليين، وصرح واحد من كبار مسئولي حماس، "لقد التزمنا من قبل بأن تكون المواجهة بيننا وبين العدو الصهيوني داخل الأراضي المحتلة، وتريد دولة الكيان تغيير قواعد اللعبة وفتح الساحة الدولية للمعارك وبالتالي سوف تكون مسؤولة عن رد فعل ملائم ومماثل من جانبنا".
المصدر: المجد.