حوار مفعم بالمعلومات، هكذا أرادته مراسلة قناة أبو ظبي في فلسطين سابقاً ليلى عودة، وهكذا أراده محاضر الإعلام في الجامعة العربية الأمريكية في جنين ومدير مكتب وكالة وفا بالقاهرة سابقاً محمود خلوف، حيث دار الحوار عن كيفية التمكن من التأكد من صحة المعلومات التي ترد الصحفي من بعض المصادر، وعن نشر أخبار يتبين فيما بعد أنها خاطئة، وسألناهما عن الحلّ لتجاوز مثل هذه الاخطاء، مروراً بكيفية معالجتها بعد الوقوع بها.
كصحفيين تصلنا أخبار من هنا وهناك، كيف نتأكد من صحتها؟ أجابت الصحفية الفلسطينية ليلى عودة: "الأمر يعتمد على طبيعة الخبر أو المعلومة، هناك عدة آليات وتختلف طبيعتها وفقا للوقائع على الارض. فإذا كانت المعلومة متعلقة بأمور سياسية فيجب البحث عن مصدر رسميّ سياسيّ على دراية بشكل أو بآخر بالمعلومة أو الخبر، وإذا كانت أمنية فقد تكون فيها بعض الصعوبة ولكن يجب محاولة التأكد من دقتها بطرق عدة سواء رسمية لو كانت بالنفي او التأكيد أو البحث عن مصادر غير مباشرة لمحاولة الاقتراب من صحة المعلومة، على أن يتم ذكر ذلك في التقرير أو عند نشر الخبر بمعنى أننا حاولنا التأكد من صحة المعلومة او أننا لم نتمكن من تأكيد المعلومة او أشار إلينا مصدر فضل عدم الكشف عن اسمه".
وتابعت عودة: "وقد كانت لي تحديدا وخلال الانتفاضة الثانية طريقة خاصة في التعاطي مع المعلومات التي أحصل عليها مثلا تبني العمليات الاستشهادية كنت أتأكد من دقتها إما عن طريق بيان التبني أو في حال تعثر ذلك عن طريق التبني الهاتفي ولكن بآلية خاصة اتفقت عليها مع المعنيين بالأمر بتمييز الصوت لكل فصيل".
وأردفت: "الخشية دوما من الأخبار غير الدقيقة والتي قد تفقد القناة مصداقيتها ولكن الأهم أن تكون لدى الصحفي قاعدة واسعة من العلاقات على شتى الصعد وعلى مختلف المستويات، ثم البحث والتحري والسؤال".
[caption id="attachment_31995" align="aligncenter" width="362"] ليلى عودة مع رئيس الجامعة الأمريكية في جنين خلال زيارة سابقة للجامعة[/caption]من جهته قال محاضر الإعلام في الجامعة العربية الأمريكية محمود خلوف: "هناك عوامل كثيرة في مقدمتها الخبرة، ودرجة الثقة بمصدر المعلومة، ....الأصل أن أي شخص تكون لديه شبكة علاقات ويتأكد من المعلومات من مصادر رسمية مثلا رئيس بلدية، ناشط حقوقي، صحفي، أشخاص ثقة ...".
هل صادف أن قمتي بنشر خبر وتبين بعد ذلك عدم صحته؟ تساءلنا فأجابت ليلى عودة: "حصلت معي في خبر عالمي وهو تفجيرات 119 في نيويورك، تلقيت اتصالا هاتفيا دوليا ابلغني أن الجبهة الديمقراطية تتبنى التفجيرات، سارعت الى الاتصال بغرفة التحرير وتحدثت إلى رئيس التحرير وأبلغته بأني تلقيت هذا الاتصال وهذه المعلومة ولكم حرية التصرف بإذاعة الخبر أو لا، ثم تحدث الي رئيس النشرة وقال لي سنحجز لك البث لتعلني الخبر , وبالفعل تم ذلك وفورا نفت الديمقراطية الخبر وانتهى الموضوع".
في المقابل قال خلوف: "نعم هذا جرى، وتعلق الأمر بطفل جريح كان يعاني من موت سريري حيث سارع عمه المقيم في إحدى قرى رام الله للإعلان عن استشهاده والإعلان عن مراسم التشييع مفترضا بأن الطفل سيرتقى الى العلا خلال ساعات قليلة، ولكن منحه الله الحياة لمدة أسبوعين إضافيين فقمت بنشر توضيح لما حصل على وكالة وفا، ونشرنا خبرا مصححا للخبر الذي غرر من خلاله قريب الجريح".
مصداقية الإعلام الفلسطيني
بعيداً عن الأسئلة العامّة، ماذا عن الحالة الخاصة في فلسطين، وماذا عن مصداقية الإعلام الفلسطيني. قالت ليلى عودة: "هناك خلل بالإعلام الفلسطيني، يتمحور حول شح المعلومة، وضعف الطرح، وشبه السيطرة على وسائل الاعلام سواء السياسية أو الأمنية، المحسوبية التي تمنح الفرصة لطرح على حساب الاخر، الإعلام الفلسطيني الذي خرج من رحم المعاناة يجب أن يكون أكثر جرأة ومصداقية وقوة، ولا ننسى متاهة الخلاف الداخلي التي فرزت الاعلام بين فتحاوي وحمساوي أي أصبح الخطاب الاعلامي مسيساً".
ومن جهته قال محاضر الاعلام في العربية الأمريكية محمود خلوف: "هذا سؤال فضفاض، من الظلم الحكم على شيء دون الاستناد إلى دراسات علمية، وما أبدي رأي بشأنه يأتي في سياق الانطباعات لا الحكم العلمي، انطباعي أن المصداقية منقوصة ومجروحة في معظم وسائل الاعلام الفلسطينية، وهذا الجرح تعاظم وكبر منذ الانقسام الفلسطيني في أواسط 2007 ".
قالت ليلى عودة : "أن هناك عدة طرق لتحقيق المصداقية في وسائل الإعلام الفلسطينية ويكمن ذلك في رفع اليد الامنية والسياسية والرسمية عن الإعلام الفلسطيني ، جعل سياسة الرأي الاخر وحرية التعبير أمرا واقعا وليس كلاما يتم تسويقه فقط لفظيا ، اللجوء الى اسلوب التثقيف الإعلامي عن طريق تأسيس هيئات تعنى بالإعلام بالطريقة الصحيحة كي يكون أكثر فاعلية وكي يكون فعلا سلطة رابعة".
وأشارت عودة على وجوب أن يراعي الصحفي عدة أمور لتحقيق أكبر مصداقية ممكنة فدوره مكمل لما سبق ذكره، فيجب أن يتوفر في الصحفي ثقافته الشخصية لأن صحفي بلا ثقافة يعني أنه يتحول لناقل للخبر وليس إعلامياً حقيقياً، المثابرة والبحث عن المعلومة الدقيقة والصحيحة ، رقعة علاقات واسعة، الصدق في نقل الخبر، أن لا يكون محسوبا على أحد أو أية جهة.
أما خلوف: "يجب أن يكون هناك ادوات مهنية للرقابة الإيجابية على وسائل الاعلام من خلال نقابة الصحفيين أو أي تجمع مهني يتوافق حوله الصحفيون وقادة المجتمع كالاتفاق مثلا على إنشاء مجلس وطني للإعلام".