شبكة قدس الإخبارية

"إسرائيل" ومعضلات خطة ترامب: حماس والصراع المفتوح 

1-1784454

ترجمات خاصة - قدس الإخبارية: اعتبر المحلل السياسي الإسرائيلي نداف إيال أن خطة ترامب المطروحة للتوصل إلى صفقة مع حركة حماس تكشف عن جملة من المعضلات التي تواجه "إسرائيل" بعد عامين من الحرب. فالمخاوف، كما يصفها، مشروعة: خشية أن تحتفظ الحركة ببعض الأسرى، أو أن تستعيد قوتها بعد وقف إطلاق النار، تبقى قائمة، بينما تظل المعلومات حول تفاصيل الصفقة متغيرة من ساعة إلى أخرى بما يعكس حالة ارتباك عميقة لدى المؤسسة السياسية والأمنية.

يرى إيال أن "إسرائيل" استنفدت ما يمكن تحقيقه عسكريًا، وأن ما تبقى لا يمكن انتزاعه بالقوة. فالنجاحات التي سجلتها في مواجهة حزب الله وإيران لم تتكرر في غزة، حيث واجه الجيش تحديًا غير مسبوق، ودفع ثمنًا بشريًا وسياسيًا باهظًا. حتى في السياق الفلسطيني، عشرات آلاف الشهداء، كثير منهم مدنيون، ودمار واسع النطاق، لم يقودوا إلى نصر بل إلى أزمة شرعية متفاقمة، وضغط دولي متصاعد أجبر الولايات المتحدة على وضع حدود لاستمرار العمليات العسكرية.

الصفقة المطروحة، بحسب إيال، تحمل في طياتها إنجازًا لإسرائيل يتمثل في استعادة الأسرى، لكنها في المقابل تفرض انسحابًا تدريجيًا من القطاع، وتسليم إدارة غزة لسلطة فلسطينية بمشاركة عربية أو إقليمية. هذا الترتيب يقيّد حركة جيش الاحتلال ويترك حماس قائمة كقوة اجتماعية وسياسية راسخة حتى بعد تدمير بنيتها العسكرية. وهنا يوضح إيال أن خطاب “القضاء التام على حماس” لم يكن يومًا واقعيًا، لأن تحقيقه يستلزم احتلالًا عسكريًا طويل الأمد لم تملك "إسرائيل" الإرادة للمضي فيه.

منذ أكثر من عام، طرح رئيس أركان جيش الاحتلال ثلاثة خيارات لمستقبل غزة: بقاء حكم حماس، عودة فتح، أو إدارة عسكرية إسرائيلية مباشرة. لكن "إسرائيل" لم تحسم أي خيار، وفضّلت إبقاء الساحة في حالة فراغ سياسي وإداري. النتيجة أن هذا الفراغ ملأه المجتمع الدولي والإقليمي، فيما تتحول الصفقة الحالية إلى مخرج إجباري لإسرائيل بعد استنزاف طويل.

المعضلة الكبرى لا تكمن في الصفقة نفسها بقدر ما تكمن في ما بعدها. فكيف يمكن لإسرائيل أن تضمن ألا تعود حماس للسيطرة مجددًا؟ في تقدير إيال، الحركة ستظل موجودة طالما وُجد الفلسطينيون، ولن يكون بالإمكان القضاء عليها كفكرة أو كحركة اجتماعية. المواجهة معها ستستمر على المدى الطويل في صورة صراع يشبه صراع "إسرائيل" مع حزب الله، أي صراع مفتوح بلا حسم نهائي.

في الوقت نفسه، تكشف استطلاعات الرأي داخل "إسرائيل" عن ميل متزايد نحو القبول بالصفقة، حتى بثمن بقاء حماس. فقد أظهرت نتائج القناتين 12 و13 أن أكثر من 70% من الإسرائيليين يدعمون إنهاء الحرب مقابل استعادة الأسرى، بما في ذلك غالبية من ناخبي أحزاب اليمين. هذه الأرقام تعكس أن الجمهور الإسرائيلي بات يبحث عن مخرج من الحرب بدل البحث عن “نصر كامل”، وهو ما يمثل تحوّلًا في المزاج العام بعد سنتين من الاستنزاف.

يخلص إيال إلى أن ما يمكن تحقيقه اليوم لا يتجاوز استعادة الأسرى وفتح المجال لإدارة بديلة لغزة، بينما يظل الصراع مع حماس قائمًا لسنوات وربما لعقود. فإسرائيل لم تحصد من حربها سوى خسائر فادحة في الدماء والشرعية، فيما يفرض الواقع معادلة جديدة قوامها أن حماس باقية متجذرة، وأن الصراع معها لن ينتهي بصفقة أو بحملة عسكرية، بل سيبقى مفتوحًا بلا أفق واضح للحسم.