شبكة قدس الإخبارية

تحريض إسرائيلي على الانتشار العسكري المصري في سيناء... هل بدأت مرحلة الضغوطات؟

٢١٣

 

تحريض إسرائيلي على الانتشار العسكري المصري في سيناء... هل بدأت مرحلة الضغوطات؟

القاهرة - قدس الإخبارية: بالتوازي مع إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن مشروعه لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، تصاعد الحديث في دوائر مختلفة في دولة الاحتلال الإسرائيلي حول الانتشار العسكري المصري، في سيناء، والتركيز على أن "البنية التحتية العسكرية التي أقامها الجيش المصري هناك تخالف اتفاقية كامب ديفيد".

لم يكن هذا الحديث جديداً على دولة الاحتلال الإسرائيلي بل شهدت السنوات الماضية، تصريحات من شخصيات متقاعدة من أجهزة استخباراتية وسياسية وعسكرية، اعتبرت أن "سلوك الجيش المصري في سيناء يحمل تهديداً لإسرائيل"، حسب وصفها، وحرضت حكومات الاحتلال المتعاقبة على التحرك لوقف الإجراءات المصرية.

إلا أن المرحلة الحالية تحمل خصوصية بعد أن أعلنت فيها الإدارة الأمريكية ودولة الاحتلال علانية تحديها للأنظمة العربية، وخاصة مصر والأردن، أنها ماضية في مخطط لتهجير الشعب الفلسطيني، رغم إدراك الدوائر الأمنية والعسكرية والسياسية الأمريكية والإسرائيلية المخاطر التي تهدد الأمن القومي المصري والأردني والعربي جراء هذه الخطط، وهو ما قد ينعكس في المستقبل على الأمن الإسرائيلي ذاته، بعد عقود من الأمن شبه المطلق على أطول حدود لفلسطين المحتلة، بسبب اتفاقيات التسوية الإسرائيلية مع هذه الأنظمة.

ماذا تقول اتفاقية "كامب ديفيد"؟

حددت وقيَدت اتفاقية "كامب ديفيد" التي وقعها الرئيس المصري السابق أنور السادات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي خطوط وحجم انتشار قوات الاحتلال في سيناء، كما هو في البنود التالية:

المنطقة "أ":

  • المنطقة "أ" يحدها من الشرق الخط "أ" (الخط الأحمر) ومن الغرب قناة السويس والساحل الشرقي لخليج السويس.
  • تتواجد في هذه المنطقة قوات عسكرية مصرية من فرقة مشاة ميكانيكية واحدة ومنشآتها العسكرية وكذا تحصينات ميدانية.
  • تتكون العناصر الرئيسية لهذه الفرقة من:
  1. ثلاثة ألوية مشاة ميكانيكية،
  2. لواء مدرع واحد،
  3. (جـ) سبع كتائب مدفعية ميدانية تتضمن حتى 126 قطعة مدفعية،
  4. (د) سبع كتائب مدفعية مضادة للطائرات تتضمن صواريخ فردية أرض / جو وحتى 126 مدفع مضاد للطائرات عيار 37 مم فأكثر.
  5. (هـ) حتى 230 دبابة،
  6. (و) حتى 480 مركبة أفراد مدرعة من كافة الأنواع،
  7. (ز) إجمالي حتى 22 ألف فرد.

المنطقة "ب":

  • المنطقة "ب" يحدها من الشرق الخط "ب" (الخط الأخضر) ومن الغرب الخط "أ" (الخط الأحمر).
  • توفر الأمن في المنطقة "ب" وحدات حدود مصرية من أربع كتائب مجهزة بأسلحة خفيفة وبمركبات عجل تعاون الشرطة المدنية في المحافظة على النظام في المنطقة، وتتكون العناصر الرئيسية لكتائب الحدود الأربع من إجمالي حتى 4000 فرد.
  • يمكن إقامة نقاط إنذار ساحلية أرضية قصيرة المدى ذات قوة منخفضة لوحدات الحدود على ساحل هذه المنطقة.
  • تنشأ في المنطقة "ب" تحصينات ميدانية ومنشآت عسكرية لكتائب الحدود الأربع.

المنطقة "جـ":

  • المنطقة "جـ" يحدها من الغرب الخط "ب" (الخط الأخضر) ومن الشرق الحدود الدولية وخليج العقبة.
  • تتمركز في المنطقة "جـ" قوات الأمم المتحدة والشرطة المدنية المصرية فقط.
  • تتولى الشرطة المدنية المصرية المسلحة بأسلحة خفيفة أداء المهام العادية للشرطة داخل هذه المنطقة.
  • توزع قوات الأمم المتحدة داخل المنطقة "جـ" وتؤدي وظائفها المحددة في المادة السادسة من هذا الملحق.
  • تتمركز قوات الأمم المتحدة أساساً في معسكرات تقع داخل مناطق التمركز التالية، على أن تحدد مواقعها بعد التشاور مع مصر:
  1. في ذلك الجزء من المنطقة في سيناء التي تقع في نطاق 20 كم تقريباً من البحر المتوسط وتتاخم الحدود الدولية.
  2. في منطقة شرم الشيخ.

المنطقة "د":

  • المنطقة "د" يحدها من الشرق الخط "د" (الخط الأزرق) ومن الغرب الحدود الدولية.
  • تتواجد في هذه المنطقة قوة إسرائيلية محدودة من أربع كتائب مشاة ومنشآتها العسكرية وتحصينات ميدانية ومراقبي الأمم المتحدة.
  • لا تتضمن القوة الإسرائيلية في المنطقة "د" دبابات أو مدفعية أو صواريخ فيما عدا صواريخ فردية أرض / جو.
  • تتضمن العناصر الرئيسية لكتائب المشاة الإسرائيلية الأربع حتى 180 مركبة أفراد مدرعة من كافة الأنواع وإجمالي حتى 4000 فرد.

ويسمح باجتياز الحدود الدولية من خلال نقاط المراجعة فقط والمحددة من قبل كل طرف وتحت سيطرته ويكون هذا الاجتياز وفقاً للقوانين والنظم المعمول بها في كل دولة، وتتواجد بهذه المناطق التحصينات الميدانية والمنشآت العسكرية والقوات والأسلحة المسموح بها والمحددة وفق ملحق الاتفاقية. 

"تحريض قديم"

في السنوات الماضية، كان من أبرز الشخصيات التي حرضت ضد الانتشار العسكري للجيش المصري، في سيناء، هو إيلي ديكل الضابط السابق في جهاز الاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال، الذي تولى خلال فترة خدمته العسكرية مسؤوليات متابعة عدة دول عربية.

يزعم ديكل أن الجيش المصري أقام بنية تحتية عسكرية، في سيناء، "خلافاً لاتفاقية كامب ديفيد"، وادعى أنه رصد إقامة أنفاق مصرية في هذه المناطق، وحرض على التحرك لمنع تسليح القوات المسلحة المصرية.

وخلال الحرب الحالية على قطاع غزة وفي لبنان، قال سفير دولة الاحتلال السابق في مصر والمغرب، دافيد جبرين، إن البنية التحتية العسكرية التي يؤسسها الجيش المصري، في سيناء، تشكل تهديداً مستقبلياً لـ"إسرائيل"، حسب زعمه.

وأكد أن النظام المصري متمسك بالسلام مع دولة الاحتلال، على أنه خيار استراتيجي، إلا أنه حذر من أن هذه القدرات العسكرية قد تقع في المستقبل في يد جهات أخرى، كما حصل مع صعود الإسلاميين إلى الحكم عقب ثورة 2011.

وفي هذا السياق جاءت تصريحات سفير الاحتلال لدى الولايات المتحدة الذي زعم أن مصر "تنتهك اتفاق السلام بشكل كبير وقامت ببناء مواقع عسكرية هجومية في سيناء"، وأن "إسرائيل ستتعامل مع ذلك قريباً".

المحلل السياسي في القناة "14" العبرية، تامير بورغ، قال صباح اليوم تعليقاً على ما قال إنها مخاوف بين الإسرائيليين حول نية مصر الهجوم على دولة الاحتلال: 

  • تعزيز الجيش المصري يمثل مشكلة حقيقية ومعروفة وقد تم إهمالها من قبل الجيش الإسرائيلي لسنوات، إن لم يكن لعقود. فقط في العام الماضي، وبشكل متزايد، بدأ الوعي الحقيقي بهذا التحدي وبدأ في تلقي الاهتمام من النظام.
  • المصريون تجاوزوا مرارًا وتكرارًا الحد المسموح به للقوات بموجب اتفاقيات كامب ديفيد في سيناء - وبشكل غير منطقي، فعلوا ذلك (على الأقل جزئيًا) بموافقة إسرائيل. أول تجاوز كبير حدث منذ عام 2013 واستمر بشكل متقطع حتى عام 2021، بحجة مكافحة فرع "داعش" في سيناء. أما التجاوز الكبير الثاني فقد حدث في بداية الحرب الحالية، عندما قرّبت مصر قواتها العسكرية إلى حدود قطاع غزة بحجة منع تسلل الفلسطينيين من غزة إلى سيناء.
  • حفرت مصر ممرات تحت قناة السويس، مما يسمح لجيشها بعبور القناة بقوات كبيرة في وقت قصير نسبيًا. بالإضافة إلى ذلك، جميع سيناريوهات التدريبات العسكرية المصرية تحاكي حربًا ضد إسرائيل، وليس ضد دول مجاورة أخرى.
  • في الأيام الأخيرة، صدرت تصريحات مقلقة من عدة مسؤولين مصريين، خاصة من المستوى الثاني، حول احتمال نشوب حرب مع "إسرائيل". ومع ذلك، لم يطرأ أي تغيير كبير في انتشار أو تمركز القوات المصرية في سيناء خلال هذه الفترة.
  • تصريح السفير الإسرائيلي في واشنطن، يحيئيل لايتر، بشأن انتهاكات مصر لمعاهدة السلام وزيادة الوجود العسكري المصري في سيناء، تم الإدلاء به قبل حوالي ثلاثة أسابيع، لكنه اكتسب زخمًا في وسائل الإعلام وعلى الإنترنت فقط خلال اليوم الماضي، على خلفية الحديث عن احتمال هجوم مصري. كان تصريح لايتر تعبيرًا عن قلق عام وليس ردًا على أي مؤشر حديث أو مستجد.
  • الجيش الإسرائيلي لديه استجابة جيدة نسبيًا لهجوم منظم من الجيش المصري من خلال فرقه المدرعة. كما يتم إعداد خطط لمواجهة سيناريوهات أكثر تحديًا.
  • تعزيز الجيش المصري ووجوده في سيناء يمثلان مشكلتين حقيقيتين، لكن لم يحدث في الأيام الأخيرة أي تطور ميداني استثنائي يبرر قلقًا غير عادي بشأن هجوم فوري. ومع ذلك، بعد 7 أكتوبر، يجب أن يكون الجيش الإسرائيلي مستعدًا لأي سيناريو متطرف في أي لحظة، حتى لو بدا احتمال حدوثه منخفضًا.

ما وراء هذه التصريحات؟

  • دخول الجيش المصري إلى هذه المناطق كان بموافقة إسرائيلية في 2013 لمحاربة التنظيمات الإسلامية وداعش كما أعلن حينها رسمياً
  • قد تستخدم دولة الاحتلال والإدارة الأمريكية هذا الملف في الضغط على مصر وابتزازها للموافقة على مخطط تهجير الفلسطينيين
  • الحديث الإسرائيلي حول الانتشار العسكري المصري في سيناء يندرج ربما في هذا السياق وهو الضغط على مصر في المقام الأول خلال هذه المرحلة
  • لا يظهر في الواقع والمعطيات الواقعية أن النظام المصري يظهر توجهاً نحو الصدام المادي مع دولة الاحتلال
  • تؤكد التصريحات الإسرائيلية على أن دولة الاحتلال تشكل تهديداً للمنطقة حتى للأنظمة التي دخلت في علاقات سياسية واستراتيجية معها
  • على المدى البعيد تهدد التصريحات والمخططات الإسرائيلية والأمريكية استقرار مصر والنظام المصري رغم أن القراءة الاستراتيجية تقول إن انفلات الأوضاع أو أية تطورات في مصر تشكل تهديداً لدولة الاحتلال نفسها
  • قد تلجأ مصر في الفترة المقبلة لخطوات سياسية على صعيد التصريحات أو العمل الدبلوماسي أو التنسيق مع الدول العربية أو تحسين العلاقات مع الفصائل الفلسطينية رداً على مخططات الاحتلال
  • الخيار العسكري والصدام يبدو مستبعداً في الفترة المقبلة