جنين - قدس الإخبارية: منذ توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، التي مضى عليها أكثر من 31 عامًا، تستمر السلطة الفلسطينية في الجلوس والحوار مع الاحتلال الإسرائيلي دون تحقيق تقدم ملموس نحو إنهاء الاحتلال أو ضمان حقوق الشعب الفلسطيني، وفي الوقت ذاته، ترفض السلطة الاستماع لمطالب شعبها أو الدخول في حوار حقيقي مع المكونات الوطنية والمقاومة الفلسطينية.
مع دخول عملية السلطة في جنين ضد المقاومة الفلسطينية يومها الـ 19، أعلن الناطق باسم أجهزة أمن السلطة، العميد أنور رجب": "لا مفاوضات ولا تراجع ولا حلول مع هؤلاء (في إشارة إلى المقاومة)، وماضون حتى تحقيق العملية في جنين أهدافها".
وفي تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست قبل أيام، نقلت عن فراس أبو الوفا، أمين سر حركة فتح في جنين، أن وجهاء محليين، بينهم آباء لمقاتلين فلسطينيين قتلوا برصاص قوات الاحتلال، حاولوا التوسط للتوصل إلى هدنة بين المقاومة وأجهزة أمن السلطة. إلا أن السلطة رفضت تقديم أي تنازلات، مما زاد من حدة التوتر في المنطقة.
لن نتوقف كثيرًا إلى مدى تشابه تصريح رجب، بتصريح رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي قال قبل أيامٍ قليلة فقط: "لن أوافق على إنهاء الحرب قبل أن نقضي على حماس”.
يأتي تصريح رجب، ليؤكد توجه السلطة نحو استخدام القبضة الأمنية في التعامل مع المقاومة الفلسطينية في جنين وغيرها من المناطق، و"لا عودة، وفرض السيطرة على الضفة"، كما قال مسؤول في مكتب الرئيس عباس.
أوسلو: من وعود السلام إلى مفارقة المفاوضات
اتفاقية أوسلو، الموقعة في 13 سبتمبر/أيلول 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، كانت تهدف إلى تحقيق تسوية سلمية وإنشاء سلطة حكم ذاتي فلسطيني انتقالي في الضفة الغربية وقطاع غزة لمدة خمس سنوات، تمهيدًا لحل نهائي.
وتوقفت مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية منذ أبريل/نيسان 2014؛ لعدة أسباب بينها رفض الاحتلال إطلاق سراح معتقلين قدامى، ووقف الاستيطان. إلا أنه استمرت الاجتماعات بين الطرفين والتنسيق بين السلطة الفلسطينية وحكومة الاحتلال في اجتماعات مغلقة ثنائية، أو حتى مؤتمرات وقمم بحضور أطراف عربية، وعنوانها الأساسي فلسطين مثل قمتي "شرم الشيخ" و"العقبة" في عام 2023، قبل طوفان الأقصى.
وتواصل أجهزة أمن السلطة حصار مخيم جنين لليوم الـ19 على التوالي، وأغلقت الطرق المؤدية إليه وشدد إجراءاتها وحصارها، واستخدمت أمس قذائف RPG أطلقتها على منزل المطارد "يزن حنون، ما أسفر عن احتراقه وامتداد الحريق لأكثر من 10 منازل في المخيم.
وتحاصر أجهزة أمن السلطة مخيم جنين لليوم الـ 19 وسط اشتباكات مع المقاومين الرافضين لنزع سلاحهم،وأسفرت العملية عن استشهاد 5 فلسطينيين بينهم قائد ميداني في كتيبة جنين، وطفلين، إضافة إلى مقتل عنصرين من أجهزة أمن السلطة المشاركين في العملية.
وتشهد مدينة جنين، إضرابًا تجاريًاا، دعما لمخيمها والمقاومة أمام هجمة السلطة وحصارها للمخيم منذ 19 يوما.
في غضون ذلك، شهدت أجواء جنين تحليقًا مكثفًا لطائرات مُسيّرة إسرائيلية، وهو ما أشارت له "واشنطن بوست" في تقرير بمشاركة مسيرة الاحتلال السلطة في عمليتها ضد المقاومين في جنين.
واستخدمت أجهزة أمن السلطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الفلسطينيين أكثر من مرة خلال مظاهرات انطلقوا بها دعمًا للمقاومة في المخيم.ويأتي الحصار والعملية الأمنية في سياق خطة أشرف عليها المنسق الأمني الأميركي الجنرال مايك فينزل، وبمشاركة إقليمية من دول عربية مثل السعودية ومصر والأردن. ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها محاولة من السلطة الفلسطينية لتقديم أوراق اعتمادها للإدارة الأميركية المقبلة بقيادة دونالد ترامب.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، قتلت السلطة الفلسطينية 15 فلسطينيًا بين مقاومين وأطفال ومشاركين في مظاهرات مساندة لغزة، وهم الطفلة رزان تركمان، وفراس تركمان، ومحمود ابو لبن، ومحمد صوافطة، والطفل محمد عرسان، ومعتصم العارف، وأحمد أبو الفول، ومحمد الخطيب، وأحمد بالي، وأحمد هاشم عبيدي، وربحي شلبي، ويزيد جعايصة، ومحمد العامر، ومجد زيدان، ومحمد أبو لبدة.