فلسطين المحتلة - خاص قدس الإخبارية: في تطور خطير في الحرب المستمرة منذ أكثر من عام، ضربت طائرة مسيَرة انطلقت من لبنان مع ساعات الصباح مكان إقامة رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، في قيسارية شمال فلسطين المحتلة.
يمثل استهداف مقر إقامة رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، مباشرة باستخدام أدوات حربية بقصد الاغتيال المباشر حدثاً تاريخياً في سياق الصراع المستمر بين الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية مع دولة الاحتلال، رغم أن فصائل المقاومة نجحت سابقاً في استهداف شخصيات على مستوى عال في المنظومة السياسية والعسكرية والأمنية الإسرائيلية، وحاولت استهداف قادة حكومات ونتنياهو شخصياً، إلا أن هذه العملية وصلت إلى مستوى متقدم من ناحية الأدوات والنجاح في ضرب الهدف.
الضربة الأمنية الكبيرة التي أصابت المنظومة العسكرية والسياسية في دولة الاحتلال عبر استهداف رئيس الحكومة، قد تحمل هزة بعد "الانتشاء" الكبير الذي عاشه المستوى السياسي والمستوطنون بعد الاغتيالات لقيادات المقاومة في فلسطين المحتلة ولبنان، خلال الأسابيع الماضية، والحملة النفسية التي نفذتها الاستخبارات الإسرائيلية لتكريس فكرة في الأوساط الشعبية العربية وخاصة حواضن المقاومة "نحن نخترق كل شيء… مقاومتكم مخترقة".
في المقام الأول، استطاع موجهو الطائرة المسيرة الانفكاك بها عن طبقات الدفاع الجوي الإسرائيلي الموجهة إلى سماء فلسطين المحتلة، عبر إطلاق سرب من المسيَرات انشغلت الصواريخ الاعتراضية بها، ثم توجيه مسيَرة واحدة نحو الهدف، وهو ما يؤكد على خبرة اكتسبها الحزب في التعامل مع الدفاعات الجوية وأنه أجرى دراسة دقيقة لنقاط الضعف والقوة فيها.
الصورة التي انتشرت لطائرة مروحية لجيش الاحتلال وهي تحاول اعتراض المسيَرة، دون أن تنجح في ذلك، تختصر مراحل من العمل والتفكير والتجربة والأحلام بين المقاومين المحرومين من امتلاك سلاح يكسر التوازن مع الاحتلال، لتطوير أدوات تمنحهم قدرة إيلام المنظومة العسكرية والأمنية والسياسية الإسرائيلية.
والضربة الأمنية الأخطر في سياق العملية هو تحديد موجهي الطائرة المسيَرة منزل بنيامين نتنياهو، في قيسارية، وضربه مباشرة، رغم أن معلومة امتلاكه منزلاً في المنطقة ليست سرية وهي معلومة للعموم، لكن التحديد الدقيق يشير إلى امتلاك استخبارات المقاومة معلومات دقيقة عن الموقع والمبنى.
وجاء استهداف منزل بنيامين نتنياهو بعد أيام من الضربة التي لحقت بلواء "جولاني"، بعد استهداف حزب الله قاعدة له في وادي عارة شمال فلسطين المحتلة، بطائرة مسيَرة دمرت غرفة الطعام خلال اجتماع الضباط والجنود على العشاء، وقتلت أربعة منهم وأصابت العشرات.
وتحمل فكرة استهداف منزل رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، بطائرة مسيَرة تخترق الدفاعات الجوية أبعاداً نفسية متعددة أولها: انعدام الأمن لرأس الهرم السياسي الإسرائيلي المسؤول عن قرار الحرب المستمرة وليس فقط لتجمعات المستوطنين، وانقضاض طائرة مسيَرة على منزله تطور تاريخي بعد عقود من استخدام الاحتلال سلاح الجو في اغتيال القيادات الفلسطينية والعربية، وهي ضمن مساعي لتبديد "الغرور" والهياج الإسرائيلي بعد استشهاد عدد من قادة المقاومة الفلسطينية واللبنانية، ورسالة أن قيادة المستوى السياسي والعسكري في دولة الاحتلال ملاحقة بالصواريخ والمسيَرات وهو ما يقابل فكرة المطاردة والملاحقة للقادة الفلسطينيين والعرب.
وفي الأسابيع الماضية، زعمت مخابرات الاحتلال اعتقال إسرائيليين جندتهم إيران لتنفيذ عمليات تجسسية واغتيالات لشخصيات إسرائيلية، بالإضافة لمزاعم حول الكشف عن محاولة حزب الله اغتيال شخصية عسكرية كبيرة في دولة الاحتلال عن طريق عبوة ناسفة زرعت في حديقة بمدينة "تل أبيب" وسط فلسطين المحتلة، وهو ما يؤكد على مساعي الاستخبارات الإيرانية وأمن حزب الله لتوجيه ضربات للمستويات الأمنية والعسكرية والإسرائيلية العليا للرد على عمليات "الظل" والاغتيالات المباشرة التي نفذتها استخبارات الاحتلال بحق قيادات وعلماء وخبراء ورئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية وضباط في الحرس الثوري الإيراني، وقادة في حزب الله.
وعملية استهداف مقر إقامة نتنياهو تحمل جانباً من المفاجأة في سياق محاولة تبديد الضربات النوعية التي حققها الاحتلال، في بداية الحرب بشكلها الحالي على لبنان، بداية مع تفجيرات أجهزة الاتصالات التي حملت بعداً صادماً من ناحية التوقيت والطريقة والزمن وحجم الاستهداف، ثم اغتيال قيادة أركان فرقة الرضوان، وتتويجها باغتيال الأمين العام للحزب الشهيد حسن نصر الله.
ويبدد استهداف مقر إقامة نتنياهو مزاعم وزير جيش الاحتلال غالانت ورئيس الأركان هليفي ومختلف القيادات الإسرائيلية حول سلب حزب الله معظم قدراته الاستراتيجية، وهو ما ظهر خلال الأسابيع الماضية من خلال الرشقات الصاروخية التي لم تتوقف ووصلت إلى "تل أبيب"، وتأكد مع عملية اليوم
كما يكشف عن ثغرة أخرى في الاستراتيجية الإسرائيلية التي كان الخرق الأكبر فيها يوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وهي القتال في أرض العدو، حيث أصبح القتال في أكثر الأماكن حساسية في الأمن الإسرائيلي داخل فلسطين المحتلة، من القواعد العسكرية إلى مطارات سلاح الجو ومقر الاستخبارات العسكرية و"الموساد" وصولاً إلى مقر إقامة رئيس الحكومة