في خضم الحرب المتصاعدة في غزة، تأتي تصريحات الصحفي الإسرائيلي "جاي بيلج" لتلقي الضوء على أزمة كبيرة تواجهها إسرائيل اليوم. تعبير بيلج، "أي أحد يستطيع أن يضرب إسرائيل"، يعكس حالة من القلق والانهيار في الردع الإسرائيلي، وهي حالة أصبحت أكثر وضوحًا بعد الهجوم المباغت لحركة حماس في 7 أكتوبر 2023.
في هذا المقال، نناقش كيف أن الطائرة المسيرة التي أُطلقت من اليمن وضربت تل أبيب تعتبر نقطة تحول هامة. هذه الحادثة تؤكد تآكل قوة الردع الإسرائيلية التي استمرت لعقود، وترسل رسالة واضحة بأن إسرائيل قد تكون عرضة لهجمات أكثر في المستقبل. علاوة على ذلك، فإن الخيارات المتاحة لإسرائيل في حال استهداف اليمن تتسم بالصعوبة والتعقيد، مما يضع إسرائيل في موقف صعب.
الردع الإسرائيلي في حالة انهيار
لطالما كانت إسرائيل تعتمد على قوتها العسكرية وتفوقها التكنولوجي لتأمين حدودها وحماية مواطنيها. ومع ذلك، فإن الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر 2023 كان بمثابة صدمة أظهرت مدى هشاشة هذا الردع. الهجوم لم يكن مجرد حادث عسكري، بل كان بمثابة تأكيد جديد على أن منظومة الردع في انهيار.
الهجوم الذي وقع مؤخراً، والذي تمثل في طائرة مسيرة أُطلقت من اليمن وضربت تل أبيب، كشف ضعفاً كبيراً في النظام الدفاعي الإسرائيلي. الطائرة المسيرة التي قطعت مسافة تزيد عن 2000 كيلومتر، ومرّت عبر الأجواء المصرية، قبل أن تصل إلى هدفها، تسلط الضوء على نقاط ضعف كبيرة في الأمن الإسرائيلي.
الطائرات المسيرة: تهديد جديد للأمن الإسرائيلي
الهجوم الأخير بالطائرة المسيرة ليس مجرد اختراق أمني، بل هو دليل على تحول في ميزان القوى. الطائرة التي ضربت تل أبيب بعد رحلة طويلة من اليمن مرورًا بمصر، لم تقتصر على كشف ضعف منظومة الدفاع الإسرائيلية، بل أثارت أيضًا تساؤلات حول قدرة إسرائيل على مواجهة تهديدات جديدة. هذا الهجوم يعكس قدرة متزايدة للخصوم على تهديد قلب إسرائيل، وهو ما يضع ضغوطًا هائلة على الحكومة الإسرائيلية للتعامل مع هذا التهديد.
ضغوط لوقف الحرب في غزة
الهجوم بالطائرة المسيرة يوجه ضغوطاً هائلة على إسرائيل لوقف الحرب في غزة. فمن الواضح أن الوضع في القطاع قد تحول إلى ساحة قتال تستنزف الموارد البشرية والمادية لإسرائيل، ويعد إعتراف الجيش الإسرائيلي أمام المحكمة العليا بنقص في الدبابات والمدرعات أوضح دليل على ذلك. في الوقت الذي تزداد فيه الضغوط من الداخل والخارج، فإن الرسالة واضحة: التصعيد في الجبهات الأخرى، مثل لبنان أو اليمن، قد يعرض إسرائيل لمزيد من التهديدات.
التهديدات القادمة من إيران
الهجوم بالطائرة المسيرة من اليمن هو أيضًا تذكير بقدرة إيران على توسيع نطاق تهديداتها الإقليمية. إيران، من خلال دعم الحوثيين في اليمن، تسعى إلى فرض ذاتها في المنطقة بشكل عام. الطائرات المسيرة، التي يُعتقد أنها من صنع إيراني، تؤكد أن هناك تهديدًا حقيقيًا يمكن أن يطال ليس فقط تل أبيب ولكن أيضًا المدن الأخرى في إسرائيل.
خيارات إسرائيل المحدودة
في ظل تصاعد التهديدات، تجد إسرائيل نفسها أمام خيارات محدودة. استهداف اليمن قد يؤدي إلى زيادة الهجمات الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر، ما قد يهدد حركة التجارة العالمية. من جهة أخرى، الهجمات بالطائرات المسيرة قد تتسارع من قبل جماعات في العراق ولبنان، مما يزيد من تعقيد الوضع العسكري الإسرائيلي.
ضربة للجيش الأمريكي أيضًا
الحادثة الأخيرة، التي شهدت الطائرة المسيرة تهبط في تل أبيب بعد عبور مصر، ليست فقط فشلاً للمنظومة الدفاعية الإسرائيلية بل هي أيضًا ضربة للجيش الأمريكي وقواعده العسكرية في المنطقة. فهذا الهجوم يوضح أن التقنيات العسكرية الحديثة يمكن أن تتجاوز حتى أكثر الأنظمة الدفاعية تطوراً، ويعكس فشل التنسيق بين إسرائيل والولايات المتحدة في مواجهة تهديدات الطائرات المسيرة.
هل فقد العرب بصيص الأمل؟
فلاديمير جابوتنسكي، أحد أهم المفكرين الصهاينة في القرن العشرين، وضع في رؤيته ما يُعرف بـ "الجدار الحديدي". وفقاً لجابوتنسكي، فإن هذا الجدار يمثل "صهر وعي العدو " مضافًا إليه القوة العسكرية بحيث يمنع أي تهديدات للأمن الإسرائيلي، من خلال تعزيز التفوق العسكري على الأعداء. لكن، في ظل الوضع الراهن، يبدو أن هذا الجدار في انهيار.
الجدار الحديدي لجابوتنسكي كان يرتكز على افتراضات يرى أنها كافية لضمان الأمن، ولكن الهجمات الأخيرة تكشف أن هذا الافتراض قد لا يكون كافياً في العصر الحديث. التهديدات غير التقليدية، مثل الطائرات المسيرة والهجمات السيبرانية، تتطلب استراتيجيات جديدة تتجاوز مجرد تعزيز القوة العسكرية.
في ظل هذا الوضع، يبرز تساؤل أساسي: هل يمكن لإسرائيل استعادة قدرتها على إرساء الجدار الحديدي الذي طالما كانت تعتمد عليه؟ في ظل الاستراتيجيات الحالية والتقنيات الجديدة المستخدمة من قبل جماعات لا دولاتية، يبدو أن الجدار الحديدي الذي أرساه جابوتنسكي في انهيار.