ترجمة خاصة - قدس الإخبارية: كشفت تحقيقات لقناة CNN الأمريكية أن القادة السابقين لكتيبة "نيتساح يهودا"، تمت ترقيتهم إلى مناصب رفيعة في جيش الاحتلال، ويشاركون الآن في تدريب قوات الاحتلال البرية، ويديرون العمليات العسكرية في قطاع غزة.
واطلعت القناة الأمريكية على شهادة جندي سابق في الوحدة، وصف فيها القيادة التي شجعت على استخدام القوة دون قيود، وهو ما أكدته تحقيقات وزارة الخارجية الأمريكية.
وكتيبة "نيتساح يهودا"، هي وحدة عسكرية إسرائيلية، واتهمتها - كتيبة نتساح يهودا وأربع وحدات أخرى- الولايات المتحدة بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ضد الفلسطينيين في الضفة المحتلة قبل السابع من أكتوبر\تشرين الأول الماضي، وأشارت إلى أن أربع من هذه الوحدات "أصلحت نفسها" في أعقاب تلك الانتهاكات، بينما لا تزال تقرر ما إذا كانت ستقيد المساعدة العسكرية الأمريكية للوحدة المتبقية: كتيبة نيتساح يهودا.
حينها، أثار خبر احتمال حجب المساعدة الأمريكية رد فعل غاضب من كبار المسؤولين الإسرائيليين، بمن فيهم رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي قال: "إذا كان يعتقد أي شخص أنه يمكنه فرض عقوبات على وحدة من الجيش الإسرائيلي، فسأقاتل بكل قوتي."
وفي رسالة حصلت عليها CNN، أخبر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن رئيس مجلس النواب مايك جونسون أن الولايات المتحدة تعمل مع الاحتلال "لتحديد مسار للإصلاح الفعال" لكتيبة نيتساح يهودا. ولم تذكر الرسالة اسم الوحدة، لكن المسؤولين الأمريكيين الحاليين والسابقين أكدوا أن بلينكن كان يشير إلى نيتساح يهودا، التي اتُهمت بسلسلة من الانتهاكات في الضفة الغربية المحتلة على مدى السنوات العشر الماضية، بما في ذلك قتل رجل فلسطيني-أمريكي يبلغ من العمر 78 عامًا في عام 2022.
وتتبعت CNN الصورة القادمة من قطاع غزة، باستخدام تقنيات التعرف على الوجه، واكتشفت أن ثلاثة من القادة السابقين لكتيبة نيتساح يهودا - الذين كانوا يتولون قيادة الوحدة في وقت الانتهاكات في الضفة المحتلة - قد قتلوا في صفوف جيش الاحتلال.
وتحدث جندي سابق في الوحدة، عن المعاملة القاسية بشكل مفرط ودون حدود للفلسطينيين في الضفة المحتلة، مضيفًا إن قادة الوحدة دعموا عنف المستوطنين، من خلال تأييد هجمات المستوطنين أثناء حدوثها أو الترويج لها.
وأوضح الجندي السابق، الذي طلب عدم الكشف عن هويته خوفًا على سلامته، أن الوحدة كانت معروفة بفرض "العقاب الجماعي على الفلسطينيين". وأعطى مثالًا على ذلك، عندما اعتدت قوات الكتيبة على قرية فلسطينية، حيث ذهبت من باب إلى باب باستخدام قنابل الصاعقة والغاز كرد على رشق بعض الأطفال المحليين بالحجارة.
وخلال تحقيقها الذي استمر لشهر، تحدثت CNN مع عدة مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين، الذين كشفوا عن الإحباطات الشديدة داخل إدارة بايدن بشأن المعاملة الخاصة التي يتلقاها الاحتلال من الولايات المتحدة عندما يتعلق الأمر بمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان من قبل القوات الأمنية.
وأوضح المسؤولون الأمريكيون السابقون أن استمرار ترقية القادة السابقين لنيتساح يهودا في صفوف جيش الاحتلال كان نتيجة مقلقة للتقاعس الأمريكي ويمكن أن يكون له عواقب وخيمة.
وجدت CNN أن اثنين من القادة الذين أشرفوا على نيتساح يهودا - المعروف أيضًا باسم الكتيبة 97 من لواء المشاة كيفير - في وقت الانتهاكات في الضفة الغربية قد تمت ترقيتهم أيضًا.
حادثة اغتصاب طفل المسكوبية والوحدات الأخرى
وكشفت CNN أن شبكة الانتهاكات والتحقيقات تتعدى كتيبة نيتساح يهودا لتشمل وحدات أخرى في جيش الاحتلال.
وارتكبت الوحدات الخمسة التي اتهمتها أمريكا بممارسة انتهاكات حقوق الإنسان في الضفة جرائم مختلفة، أبرزها قتل أحمد جميل فهد، الذي زُعم أنه أطلق عليه الرصاص من قبل قوات اليمام في جيش الاحتلال ، بالقرب من رام الله في الضفة الغربية المحتلة في مايو\أيار 2021، وقتل سند سلام الهربد على يد شرطة الاحتلال في مدينة رهط المحتلة في مارس\أيار 2022؛ واغتصاب طفل يبلغ من العمر 15 عامًا من قبل محقق من قوات الأمن الداخلي للاحتلال في مسكوبية القدس في يناير\كانون الثاني 2021.
وبحسب جوش بول، الذي عمل كمدير في مكتب الشؤون السياسية والعسكرية بوزارة الخارجية الأمريكية لأكثر من 11 عامًا، واستقال في أكتوبر 2023 احتجاجًا على نقل الأسلحة إلى الاحتلال، إنه "لا يوجد أدنى أساس" للاقتراح بأن وحدات اليمام، الشرطة الإسرائيلية وقوات الأمن الداخلي المتصلة بمركز مسكوبية - قد قامت بأي شيء للإصلاح."
وأشار بول إلى حادثة الاغتصاب، بقوله إن جمعية خيرية كانت قد لفتت انتباه لجنة التحقيق في وزارة الخارجية الأمريكية التي كان عضوًا فيها إلى هذه الحادثة.
قال إن هذه الحادثة موثوقة وتم رفعهت إلى حكومة الاحتلال وأوضح: "هل تعرف ماذا حدث في اليوم التالي؟ دخلت قوات جيش الاحتلال إلى مكاتب الجمعية وصادرت جميع أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم وأعلنتهم كيانًا إرهابيًا."
واستمرت جرائم الوحدات الأربعة حتى بعد السابع من أكتوبر، على الرغم من قول وزراة الخارجية الأمريكية إنها أصلحت نفسها.
فشاركت وحدة اليمام في مجزرة النصيرات في 8 يونيو\حزيران الحالي، والتي حررت أربعة أسرى إسرائيليين وقتلت أكثر من 270 فلسطينيًا.
وأطلقت شرطة الاحتلال النار وقتلت فتاة فلسطينية تبلغ من العمر 3 سنوات في الضفة الغربية المحتلة في يناير، وصبي فلسطيني يبلغ من العمر 12 عامًا في القدس المحتلة في مارس\آذار 2024.
وقال بول إن حقيقة أن الولايات المتحدة لم تفرض عقوبات على أي وحدة عسكرية إسرائيلية تظهر "عدم وجود الإرادة السياسية والشجاعة الأخلاقية لمحاسبة إسرائيل."
الدعم الأمريكي للجرائم
تعد الولايات المتحدة أكبر مورد للأسلحة للاحتلال، وساهمت مساعدتها العسكرية في تشكيل عمليات الاحتلال في غزة.
وقال بول لـ CNN إن تنفيذ الاحتلال للحرب في غزة كان سيبدو مختلفًا تمامًا لو أن الولايات المتحدة طبقت التشريع المعروف باسم قانون ليهي، الذي يحظر على الولايات المتحدة تقديم المساعدة لأي وحدات أمنية أجنبية تتورط بشكل موثوق في انتهاكات حقوق الإنسان.
وقال بول: "لو استخدمت الولايات المتحدة النفوذ الذي يوفره قانون ليهي على مر السنين لتشجيع الجيش الإسرائيلي على القضاء على السلوك السيئ وإخماد ثقافته الحالية في الإفلات من العقاب، لكان لدينا على الأقل انضباط وحدات أقوى مما نراه في غزة الآن."
وأوضح أن لجنة الفحص التابعة لوزارة الخارجية بموجب قانون ليهي تدقق ليس فقط في الوحدة، بل أيضًا في قائدها.
‘فشل أخلاقي’
وأنشأ جيش الاحتلال كتيبة نيتساح يهودا في عام 1999 لتلبية احتياجات اليهود الأرثوذكس المتشددين، لتلبية متطلباتهم الدينية الأكثر صرامة، مثل الفصل بين الرجال والنساء. وجذبت الكتيبة القوميين الدينيين من حركة المستوطنين في الضفة المحتلة، وفقًا لأولئك الذين يعرفون الوحدة. وتشكل جزءًا من لواء كيفير، أكبر لواء مشاة في جيش الاحتلال.
كانت واحدة من أكثر الحوادث المروعة والمشهورة التي شاركت فيها كتيبة نيتساح يهودا هي قتل رجل فلسطيني-أمريكي يبلغ من العمر 78 عامًا، الذي تم احتجازه في قريته جِلجيليا في الضفة الغربية المحتلة في يناير 2022.