تداخلت الخطوط ببعضها وتشوشت المعادلات وتطورت الأحداث؛ فلا طوفان توقف ولا لبنان ارتعد ولا "جيش لا يقهر" انتصر، وهذا يُقرأ في إطارات أبرزها:
* عمليات حزب الله تكشف انتهاك الجيش الإسرائيلي للقوانين الدولية باتخاذه مدنيين دروعا بشرية داخل المستوطنات واستخدام منازلهم وملاعبهم وروضات أطفالهم مخابئ بل وعسكرتها ووضع ذخيرة فيها، وهذا الانتهاك باتت توثقه المقاومة اللبنانية بالتصوير، وتطابق ذلك مع مقاطع فيديو يصورها المستوطنون.
* محور المقاومة كان اسما للتهكم والسخرية وبعضهم يقول محور المماتعة والممايعة، ولكن مع طوفان الأقصى ظهر المحور بوحدة جبهاته وقوتها، وفضح محور الشر الأذلاء لسيدهم الأمريكي الأشداء على الشعوب المقهورة والحق الفلسطيني.
* يُظهر لنا سلوك المقاومة وساحاتها يوما بعد يوم دقة وعمق وهدوء الترتيبات بينهم وجاهزية مواقعهم وخياراتهم وجرأة انخراطهم بدءا من تشرين إلى اليوم على كل الصعد، ما يعني أن ما يجري ليس ردة فعل أو حفظا لماء وجه أو مجاملة، وهذا ما تدلل عليه خطابات قيادات المقاومة بكل جبهاتها، وقبل ذلك وبعده موقف المفاوض المقاوم الذي يتعرض لضغوط من محور الشر ووكلائه للموافقة على خديعة بايدن.
* تصاعد وتركيز المقاومة في الجبهات ضد أهداف الاحتلال يدلل على فشل عزل الساحات وكذلك فشل الترهيب والترغيب والردع والإبادة والضغط على الحاضنة الشعبية والاقتصاد وغيرها.
* مسيرة الأعلام التي كانت على مدار عقود محطة سيادة للمستوطنين وهيبة وتمرير رسالة القدس الكبرى ويهودية الدولة وسيادة الردع وأمن البقاء لهم والإذلال للفلسطينيين والعرب والمسلمين تحولت منذ عام 2021 الى يوم اللعنة وضياع الهوية وتشتت الوحدة لديهم بعد أن حظرت المقاومة تلك المسيرة بصواريخ وعمليات ومسيرات واحتجاجات إلى هذا اليوم الذي قالت فيه لبنان كلمتها في المسيرة، وهذا نذير شؤم يضع أسئلة على الطاولة، أبرزها هل السيادة موجودة بأمنها واستقرارها وجمهورها وعمقها وتوقيتها؟!
* صمود ومواجهة واستنزاف أفسد على الجيش خططه وعلى الأمريكي والعربان يومهم التالي في غزة، ويبدو أن الجيش والمرتزقة عالقون هناك في رمالها، وتم تحويل واستدعاء احتياط ووحدات لجولة تيه وضياع في جبال الأرز وأحراش جنوب لبنان.
* استماتة عيال بايدن وإصرارهم على تنفيذ مسرحية صفقة معلمهم لفصل الساحات واستغفال المقاومة وغزة والاستفراد بلبنان في إطار انتقام ذكرى تموز الهزيمة 2006 ومسحها، وطمس التضامن الدولي وإعلان انتهاء الطوفان باء بالفشل، ففصلُ الساحات قرارهم ولذلك يقومون بأدوارهم في مسرحية صفقة بايدن، ولكن المقاومة تعرف جيدا أن فصل الساحات هو الانتحار الاستراتيجي.
مرحلة متسارعة وأحداث تتوالى، ولكن العجيب في هذا كله أن الساعة ما زالت بتوقيت المقاومة، وعقاربها تشير إلى لعنة العقد الثامن بوضوح، حيث باتت كل أشهر السنة تحوي أياما صعبة وحزينة في ذاكرة "إسرائيل" ولم تقتصر على حرب قصيرة أو جولة قتال.. فالمشهد اليوم جيش وردع تائهان، وعزلة أخلاقية وسياسية دولية تتصاعدان.