"تخيل أن إسرائيل احتلت نصف أراضي الأردن أو مصر وقام الجنود باغتصاب بناتكم وقتل أبنائكم وسرقة أموالكم وتشريد جزء منكم إلى فلسطين والآخر إلى ما تبقى من أرضكم.
ثم استكمل مجازره واحتلكم عسكريا، وكل يوم منازلكم ومدنكم تحت الهدم والتفتيش، وسجون التعذيب ممتلئة، وحتى بياراتكم تمت مصادرتها.
بطاقتكم الشخصية فورا تحولت كلها بالعبرية إلا بعض كلمات عربية، لا مطار لكم ولا بحر ولا حدود، لا عملة ولا جيش..
تقاومون بكل شراسة، تصمدون في وجه هذا الاحتلال لحماية واسترجاع أمنكم القومي وحياتكم، وفجأة قمنا نحن أشقاؤكم وجيرانكم الفلسطينيون بالاعتراف بعدوّكم كدولة وحقوق وجوار وحدود ودوريات مشتركة وتطبيع.
وفي نفس الوقت نلاحقكم في دوائرنا الأمنية، نحاصركم في المطارات والحياة ونعتبركم خطرا على أمننا القومي، ونبقى نَعِدكم أننا معكم في وجه "عدوكم" الذي هو "حبيبنا وجار سلامنا ودولة باعترافنا"..
ثم نأتي بعد كل هذا لا لنكفر عن ذنبنا ونوقف عبثنا بأمنكم القومي؛ بل نحاول أن نفرض عليكم حلاً فيه ذلٌ لكم أكثر لتعيشوا فقط كالأنعام تأكلون وتشربون، ويجب أن تتنازلوا حتى عن كرامتكم وندخل عليكم قوات عربية.
تخيل عزيزي الأردني والمصري أن نكون عقدنا قمما أمنية لتدميرك بينما شرم الشيخ تقاوم والعقبة تصمد وتواجه، ونحن نعقد القمم الأمنية في جنين وغزة لسحق أمنك القومي المتبقي!!!
بماذا تصفني كنظام فلسطيني قمت بذلك وما زلت؟! وبماذا توصي شعبي ليمسح الخطيئة؟!".
انتهى التخيل ولك أن تعود للواقع..
ساهم النظام الأردني والمصري ومن تبعهما لاحقا من الدول العربية في سحق الأمن القومي الفلسطيني حينما اعترفا باحتلال على أنه دولة على أرض جارتهم فلسطين، استخفّا بأشقائهم الفلسطينيين الذين ذبحوا في مجازر وشردوا على يد عدوهم الذي تحول فجأة لجار صاحب سيادة مع اتفاقيات وتنسيق واقتصاد، ويتم استقباله في الفنادق والمنتجعات وفتح سفارات له، بينما ينظرون للفلسطيني من مدخل أمني يهان ويحتقر ويلاحق في المعابر والمطارات.
الأمن القومي الفلسطيني يا سادة دمرته أنظمة الاستبداد، حيث سرقوا أكثر من ٧٨٪ من فلسطين لصالح "إسرائيل" ثم فورا بدأوا يناقشون إدارة ما تبقى من الأرض تارة باتفاق اوسلو وأخرى بقوة عربية وثالثة بصفقة قرن ورابعة وخامسة.
فلا يحدثنكم أحدهم عن الأمن القومي، ولا تغرّنكم شعارات ثبت لكم ولنا أنها تصب في "الأمن القومي الأمريكي" وماسونية العالم.