تجري الاستعدادات داخل نقابة الصحفيين الفلسطينيين على قدم وساق لخوض الانتخابات الصورية في 23-24 من هذا الشهر الجاري، بدلًا من إجراء انتخابات نزيهة يشارك فيها كل الصحفيين الفلسطينيين دون استثناء على أن ينتخب رئيسًا جديدًا لها.
وتتبع النقابة "الإجراء العرفي" الذي فرض عليها ليتحكم في مجلسها النقابي أشخاص معروفون للجميع بمكانتهم لدى الأجهزة الأمنية في رام الله، لأن إجراء انتخابات نزيهة وشفافة لا يعجب النقابة والقائمين عليها، التي تريد أن تجريها على طريقتها الخاصة.
وقد احتج الحراك الصحفي النقابي على سياسة النقابة واتهمها بتعطيل إجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، لعدم نيتها في إجراء إصلاحات على النقابة لتشمل جميع العاملين في مهنة الصحافة على قاعدة المساواة دون تمييز.
واستمرت النقابة على هذه الحالة دون رقابة على الإجراءات، ولا مراجعة على الممارسات، وظل يتعاقب على هذه النقابة أشخاص وهيئات لا يلتزمون بأنظمتها ولوائحها، واستمروا في تعطيل إجراء انتخاباتها.
وبالرغم من كل هذه الممارسات ظل الحراك الصحفي صامدًا ولم يستسلم لاختطاف النقابة من الذين ينتحلون شخصية مجلسها النقابي، الذي لا يستجيب للمطالب العادلة بالانتساب والانتخاب من خلال صندوق الاقتراع وهذا يعد حقًا مكفولًا للصحفيين بحسب القانون الأساسي والشرائع الدولية باختيار رئيس يقودهم نحو المزيد من الحريات للممارسات الصحفية، ويدافع عنهم ويمنع الانتهاكات بحقهم، لكن الواضح أن النقابة تسعى للالتفاف من جديد على الانتخابات، دون تصويب ملف العضويات، وتصفيته من الدخلاء الذين فرضوا أنفسهم على المهنة، سواء كانوا من المدراء العامين في وزارات السلطة، أو الشخصيات الأمنية التي لديها سجلات وظيفية في العمل ضمن الأجهزة الأمنية، وممارسة التعتيم على طبيعة عمل هؤلاء، والادعاء بأن لهم ملفات صحيحة دون أن تظهر، مثلما فعلت النقابة من قبل بعقدها ما سُمي بـ"المؤتمر الاستثنائي"، الذي أعطى "من لا يملك لمن لا يستحق"، إذ حشدت إليه موظفي التلفزيون الرسمي والإذاعة والوكالة الحكومية والجريدة الرسمية، ومنحت عضوية النقابة لإعلاميين أجانب تحت مسميات ما أنزل الله بها من سلطان، بدلا من آلاف الصحفيين الحاصلين على شهادات جامعية في الإعلام، ويمارسون الصحافة في عشرات المؤسسات الصحفية التي لا تريد النقابة الاعتراف بها، وتميز بينها لاعتبارات سياسية وفئوية، وشخصية، وكل ذلك يعني إصرار النقابة على مواصلة الخروقات للقانون الأساسي الفلسطيني بحق الصحفيين، وعدم البدء بإجراء تعديلات على نظامها الداخلي، لعدم رغبتها في الإصلاح والتجديد، بل جعل النقابة رهينة للسلطات الحاكمة سياسيًا وأمنيًا، بدلًا من جعلها كيانًا مدافعًا عن حقوق الصحفيين بصفة خاصة، والقضية الفلسطينية عامة.
إن وقوع النقابة بين مطرقة السلطة وسندان الاحتلال، ليصب في مصلحة التعاون الأمني بين الجانبين، ليس ضد المقاومة فقط، بل هو ضد حرية الرأي وتكميم الأفوه، فكم مؤسسة إعلامية أغلقت أو حذرت في الضفة، مثال على ذلك "صحيفة فلسطين"، وكم موقعًا إلكترونيًا حجب، إضافة إلى قصف مقرات إذاعية وتلفزة، حتى الإعلام الغربي لم يسلم من القصف إذ أباد الاحتلال برج الجلاء بأكمله وسط مدينة غزة في عام 2021، لأنه يحتوي على مكاتب صحافة وإعلام، ضمن سياسة تكميم الأفواه وحجب الحقيقية، ومن هذا نفهم رفضهم لأن تكون نقابة الصحفيين فاعلة ومقدار التغيير الذي يمكن أن تحققه لو كان لها صوت مهني ومحايد في كل الأحداث التي تدور، ولكن يراد لها جسم بلا فعل، أي مجردة من كل الحقوق لتقييد عملها، بل تبقى تحت رحمة الأجهزة الأمنية المتحكمة الحقيقية في كل فروع السلطة وفتح.
أقول حان الوقت للرجوع إلى صندوق الانتخابات والامتثال لقرار الشعب واحترام حقه باختيار من يمثله سواء كان على مستوى النقابات أو البلديات أو الدوائر الحزبية خاصة، أو التشريعية أو الرئاسية عامة، وإنهاء حالة التفرد بالقرار الوطني والمصير الفلسطيني، ونبذ القطبية الواحدة والمحاصصة والابتزاز من طرف السلطة المهيمنة عليها من فتح، لتغيير صورة الاشمئزاز لحالة الانقسام، الذي طال أمده، رأفة بهذا الشعب المكلوم لما يقارب الـ75 عامًا منذ النكبة في عام 1948، لذا نحن اليوم بحاجة إلى إعادة اللحمة والوحدة الوطنية لنكون يدًا واحدة، نحمي أنفسنا قبل أن نطالب العالم بحمايتنا من بطش الاحتلال الصهيوني.