شبكة قدس الإخبارية

عملية غور الأردن: دلالات المكان والزمان

168086454315404700
حسام الدجني

انتهت إسرائيل من إدارة الصراع وانتقلت إلى مرحلة حسم الصراع، وأعلنت الحكومة الفاشية بزعامة بنيامين نتانياهو عن ملامح اتفاق أركانها حول الرؤية من القدس، وأبرز خطوطها العامة أن القدس عاصمة موحدة لدولة إسرائيل، وعليه يتوجب العمل على دعم البناء الاستيطاني في المدينة وتحسين البنية التحتية وتقويض جهود السلطة الفلسطينية في القدس، وبإيجاز فإن الاتفاق بين الليكود (نتنياهو) والصهيونية الدينية (سموتريتش) وقوة يهودية (بن غفير) ينص على تغيير الواقع التاريخي في المدينة المقدسة.

اعتقدت إسرائيل في ظل الانقسام الفلسطيني والانشغال العربي والإسلامي ومع دوران قطار التطبيع بأن مسألة حسم الصراع في القدس ممكنة، دون أثمان سياسية، ولكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن الإسرائيلية، بحيث باتت المقاومة تزدهر، وفكرها وحواضنها تزداد، وفعلها أصبح أكثر تأثيراً، وهو ما حصل بالضبط بعد الهجوم الشرس للشرطة الإسرائيلية على المعتكفين في المسجد القبلي، والتي رسخ الفلسطينيين معادلة وحدة الساحات قولاً وفعلاً، فمن أهم تداعيات الاقتحام الصهيوني للمسجد القبلي والاعتداء على المعتكفين والمرابطين كان بمثابة صدمة لدولة الاحتلال، حيث توسعت رقعة الزيت لتنتقل من حدود فلسطين إلى لبنان، عبر إطلاق صواريخ على دولة الاحتلال كرد على المشاهد المستفزة لكل إنسان على هذه المعمورة.

ولم تكتف المقاومة برد لبنان، الذي قوبل بعدوان محدود مزدوج على جنوب لبنان وقطاع غزة، ليأتي الرد أسرع مما يتوقع الجميع، ومن مكان فاجأ الجميع أيضاً، ما يطرح التساؤل التالي:

ما هي  دلالات عملية شارع الحمرا في غور الأردن مكانياً وزمانياً...؟ وما هي تداعياتها على المشهد الإسرائيلي...؟

أولاً: دلالات العملية مكانياً وزمانياً.

وقعت عملية شارع الحمرا في غور الأردن شمال شرق الضفة الغربية المحتلة قبل ساعة من صلاة الجمعة تقريباً، وأسفرت عن مقتل ثلاثة مستوطنين. وهو ما يطرح تساؤل حول دلالات مكان العملية، والتي أستطيع أن نوجزها بالتالي:

1. مسرح العملية يعتبر من المناطق العسكرية، والتي يتواجد في محيطها العديد من معسكرات التدريب التابعة لجيش الاحتلال الصهيوني. 

2. من الناحية العملياتية يعتبر مكان العملية بعيداً عن مراكز المدن، والأحداث، وهو ما يدفع الأمن الصهيوني إلى التراخي الأمني في هذه المنطقة كون وصول منفذ إلى تلك المنطقة أمر ليس سهلاً، فالسير على الأقدام مستحيل نظراً لحجم الأماكن المكشوفة، والوصول عبر سيارة سيمر بحواجز عسكرية عديدة ومعقدة، وهو ما يدفع الاحتلال وأجهزة استخباراتها لاستبعاد تنفيذ أي عمل مقاوم بهذا المكان تحديداً.

3. اعتبر مسرح عملية شارع الحمرا في الغور من أكثر المناطق السياحية هدوءً من الناحية الأمنية منذ اتفاق أوسلو، وهي منطقة تتواجد بها بعض المستوطنات والحواجز ما يجعلها قبلة للسياح الصهاينة.

4. الجهد الاستخباري الصهيوني في هذه المنطقة ينصب على وقف عمليات التهريب، وهو ما يشكل ضربة للعقل الأمني الصهيوني.

5. شارع الحمرا شرق الضفة يربط بين مدينة أريحا وشمال فلسطين، وهنا التنقل بشكل عام فيه يكون للجيش ومليشيات مستوطنيه، لاسيما العاملين في قطاع الزراعة بالأراضي الفلسطينية المصادرة من قبل المستوطنين الصهاينة.

6. حاجز الحمرا يعتبر من أسوأ الحواجز وأكثرها تشديداً وإذلالاً على أبناء شعبنا الفلسطيني، واذا تم اغلاقه يتم فصل أريحا والأغوار عن شمال الضفة من المنطقة الشرقية.

7. توقيت العملية مهم جداً حيث تأتي كرد على الاعتداءات والانتهاكات الصهيونية بحق المرابطين في المسجد الأقصى، وأيضاً للرد على العدوان الصهيوني على قطاع غزة وجنوب لبنان وعلى أهلنا في الضفة الغربية والداخل المحتل. 

إن دلالات العملية مكانياً وزمانياً تدفعنا لتصنيف تلك العملية بأنها ذات طابع استراتيجي وبها اعجاز في الانجاز تمثل بالقدرة على التنفيذ والتضليل والتخفي، وعليه ستترك تلك العملية مجموعة من التداعيات على المشهد الصهيوني من أهمها:

· العملية ستزيد أزمة حكومة نتانياهو كونها تشكل فشلاً أمنياً واستخباراتياً وهذا سينعكس سلباً على الاستيطان وحالة الأمن للمستوطنين في تكرار لتجربة غزة عندما ركزت المقاومة في استهدافها المستوطنين وجنود الاحتلال فزادت التكلفة و اندحر الصهاينة عن تراب غزة.

· العملية أكدت على نتائج سيف القدس – 2021م عبر تجسيد وحدة الساحات قولاً وفعلاً، وباتت فكرة المراهنة على أن تصدير الأزمة تجاه غزة سيخمد المقاومة بالضفة غير قائماً، وهذا في حال تكرر فإن الفعل المقاومة الموحد سيزيد من قوة تأثيره على دولة الاحتلال، وهذا سيساهم في تآكل قوة الردع الصهيوني.

· ذكاء منفذ العملية سيشكل صدمة لدولة الاحتلال فاختياره التوقيت صباح الجمعة بحيث لا يوجد مارة إلا القليل والباقي مستوطنين أو جنود يعكس حجم التخطيط الجيد وتطور أداء المقاومة. وأيضاً طريقة التنفيذ ضد المستوطنين  عبر إجبار المركبة إلى النزول في حفرة وبعدها اطلاق النار على من فيها ، وهذا جعل الاحتلال يعتقد في البداية أنها حادث سير، ما سهل من عملية الانسحاب، والانسحاب يعني المطاردة وربما تنفيذ أعمال أخرى وهذا يستنزف قوات الاحتلال في الضفة الغربية.

المصدر: شبكة المقدسي

#عملية_الأغوار