اسطنبول - قدس الإخبارية: ذكر مختصون أن تركيا تواجه أحد أكبر الزلازل في التاريخ، تزامنًا مع مجموعة من العوامل جعلت منه مدمراً بشكل خاص، بما في ذلك عمقه الضحل وموقعه على خط صدع هادئ نسبياً منذ قرون، فضلاً عن ضربه رقعة واسعة تملئها المباني القديمة والضعيفة.
ووفقاً لإدارة الكوارث والطوارئ التركية (AFAD)، بلغت قوة الزلزالين اللذين كان مركزهما ولاية قهرمان مرعش جنوبي تركيا يوم 6 فبراير/شباط الجاري، 7.7 و7.6 درجة على مقياس ريختر في كل من بازارجيك وألبستان على التوالي، وأثرت بشكل مباشر على أكثر من 13 مليون شخص على مساحة واسعة بلغت رقعتها أكثر من 450 كيلومتراً مربعاً، وأعقب الزلزال الأول عاصفة من الزلازل الارتدادية بلغ عددها أكثر من 1300 هزة.
فيما قال خبراء إن مجموعة من العوامل جعلت الزلزال القوي الذي ضرب تركيا وسوريا مدمراً بشكل خاص، بما في ذلك عمقه وموقعه على خط صدع هادئ نسبياً منذ مدة طويلة، فضلاً عن وجود العديد من المباني القديمة والضعيفة، والتي شُيدت قبل فرض قانون الإنشاءات وفق المعايير الزلزالية الذي صدر بعد زلزال عام 1999.
كيف تقاس قوة وحجم الزلازل؟
في البداية علينا تأكيد أنه فور حدوث الزلزال، يمكن فقط التعبير عن حجمه وفق مقياس ريختر كما تفعل مراكز الرصد، فيما تتحدد شدته بعد الزلزال تبعاً للأضرار التي خلفها في المناطق التي وصلتها الاهتزازات.
ومقياس حجم الزلزال هو مقياس لوغاريتمي ذو قاعدة من 10 (Log10)، لذا فإن الزلزال الذي تبلغ قوته 7.0 على مقياس ريختر أكبر بعشر مرات من الزلزال الذي تبلغ قوته 6.0 على مقياس ريختر. ويطلق الأول أيضاً 32 ضعف الطاقة التي يطلقها الأخير.
وفي حين أن الشدة هي مقياس يعتمد على تأثيرات الاهتزاز الناتجة عن الزلزال، مثل الأضرار التي لحقت بالمباني وقوة الاهتزاز المحسوسة، أما حجم الزلزال فهو مقياس لمعرفة الطاقة المنبعثة منه، ويعتمد على سعة الموجات الزلزالية التي سجلتها أجهزة قياس الزلازل، مثل مقياس ريختر.
وبينما يحتوي مقياس الحجم على 10 درجات لوصف الزلازل - فما أقل من 4 ريختر يعد زلزالاً ضعيفاً، ومن 4 إلى 6 ريختر يعد زلزالاً متوسطاً، بينما من 6 إلى 7 ريختر يعد زلزالاً كبيراً أو قوياً، ومن 7 إلى 9 يعد زلزالاً ضخماً، ومن 9 إلى 10 يعد زلزالاً رهيباً - فإن القوة أو الشدة ا لا يوجد مقياس علمي ثابت لقياسها؛ لأنها تعتمد على التقييم البشري للخسائر والآثار الكارثة.
وقد وضع العالم الإيطالي مركالي سلماً يحمل اسم (Mercalli Ruler | MM) ويتكون من 12 درجة (بالأرقام الرومانية) لتصنيف شدة الزلازل، وأجرى عليه علماء آخرون بعض التحسينات والتغييرات لاحقاً ليصبح (MMI)، والذي يتراوح من I (غير محسوس) إلى XII (تدمير كامل).
لماذا كانا مدمرَين إلى هذا الحد؟
أشار علماء الزلازل والمختصون من حول العالم إلى أن تركيا تواجه أحد أكبر الزلازل في التاريخ من حيث المساحة والعمق والشدة. فإلى جانب الدمار الذي لحق بتركيا وسوريا، شُعر بالزلزال أيضاً في لبنان وفلسطين وقبرص ومصر.
وعند وقوع الزلزال، يحدد معدَّل خطره بنظام PGV. وفي حال وصلت ذروة التسارع الأرضي (PGV) إلى ما بين 40 و70 سنتيمتراً في الثانية، يُصنَّف الأمر كزلزال شديد. أما في الزلزال الذي كان مركزه قهرمان مرعش، وصلت هذه القيمة إلى 200 سنتيمتر في الثانية، وتُعد القيمة تلك أربعة أضعاف نظيرتها في الزلزال الذي وقع بإيطاليا عام 2016.
وعن شدة وحجم الزلزالين اللذين ضربا جنوب تركيا وشمال سوريا، قال خبير الزلازل الدكتور بيرند أندرويغ: "لم تشهد المنطقة زلزالاً بهذا الحجم منذ قرون. نعتقد أن وقوع تلك الزلازل وتوابعها كان نتيجة لتراكم كبير للطاقة. لم أرَ في حياتي تأثر مساحة كبيرة بزلزال بهذا الشكل. وبالنظر إلى أنهما كانا زلزالين لا واحداً فقط، فقد اتسع نطاق المناطق المتضررة بشكل هائل".
من جانبه قال البروفيسور بيوتر شبالين: "بالنظر إلى الخطوط التي وقع بها الزلزال، فإننا نتحدث عن زاوية مقدارها 30 درجة. إنه وضع مختلف جداً. من النادر للغاية أن يتسبب الزلزال في حدوث زلزال آخر بدلاً من أن تتبعه هزات ارتدادية. ما حدث يشير إلى تراكم كمية هائلة من الطاقة، وهي ظاهرة يمكنها الحدوث مرة واحدة خلال قرون".
وفي سياق متصل، تحدث بروفيسور الزلازل التركي إيرول كالكان عن أن عمق الزلزالين الضحل كان من أبرز العوامل التي خلفت هذا الحجم من الدمار الهائل، إذا قال: "هذا الزلزال مختلف تماماً عما رأيناه من قبل، إذ انتشرت الطاقة على مساحة كبيرة جداً. إذا نظرنا إلى الزلازل التاريخية فسنجد زلازلَ حدثت في أمريكا أو ألاسكا بشدة 7 و7.5، لكن معظم تلك الزلازل كان مركزه عميقاً جداً، ولم يؤثر في البشر والبنايات بالدرجة نفسها".
المصدر: TRT عربي