فلسطين المحتلة - شبكة قُدس: جاءت واقعة اعتقال الصحافية المقدسية لمى غوشة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي لتسلط الضوء على استغلال الاحتلال للقوانين والتشريعات لملاحقة الصحفيين والنشطاء بسبب منشوراتهم على مواقع التواصل.
خلال فترة التحقيق مع غوشة التي أفرج عنها الثلاثاء، 13 سبتمبر / أيلول 2022، وجهت لها النيابة العسكرية الإسرائيلية تهمة التحريض عبر حسابها في مواقع التواصل الاجتماعي، قبل أن تقرر المحكمة الإفراج المشروط عنها بكفالة مالية كبيرة إلى جانب الحبس المنزلي والحرمان من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.
في السنوات الأخيرة، اعتاد الاحتلال على استخدام بعض القوانين من أجل ملاحقة النشطاء والصحافيين في القدس والداخل المحتل، إلى جانب بعض مناطق الضفة الغربية ليوجه تهمًا لهم متعلقة باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي.
في هذا الإطار، يقول المحامي خالد زبارقة إن تهمة التحريض على الكراهية أو "العنف" التي يوجهها الاحتلال للنشطاء الفلسطينيين مطاطة وتستهدف بشكل واضح قمع حرية الرأي والتعبير التي هي بالأساس مكفولة وفقًا للقانون.
ووفقًا لحديث زبارقة لـ "شبكة قدس"، فإن هناك عددًا كبيرًا من التهم التي وجهت سواء لناشطين أو صحافيين فلسطينيين أو حتى أشخاص عاديين، نتيجة لمنشوراتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصًا موقع في فيسبوك.
ويردف قائلاً: "الاحتلال يستخدم ورقة المنشورات بهدف الضغط على الفلسطينيين، ومن أجل محاولة هندسة الوعي الفلسطيني بما يخدم أهدافه وسياساته، وبما يحقق ثغرة في هذا الجانب استنادًا لحالة التطبيع القائمة مع الدول العربية".
ويؤكد على أن هذه التهم التي يوجهها الاحتلال للنشطاء أو الصحفيين هي بالأساس تمس بحقهم في التعبير عن الرأي، لكنه يستغل 3 قوانين موجودة لديه والتي هي عبارة عن التحريض عن العنف أو العنصرية أو الكراهية لملاحقة النشطاء.
وبحسب المحامي والناشط الفلسطيني فإن الاحتلال عادة ما يلجأ إلى قمع النشطاء إما بالحبس والتوقيف مستغلاً منشوراتهم أو فرض غرامات مالية كبيرة، إضافة إلى ملاحقة حتى بعض الشخصيات كما حصل مع الشيخ يوسف الباز المعتقل منذ نيسان/ أبريل الماضي.
الخبر الصحفي.. تهمة!
الصحفي محمد بدر تعرض للاعتقال بتهمة التحريض في شهر يناير 2018، ويقول في مقابلة مع "شبكة قدس" إنه جرى التحقيق معه على فيديوهات وأخبار صحفية، وقد اعتبرها المحققون بمثابة تحريض، رغم أنها لم تتجاوز حدود النقل الصحفي، ولذلك الأصل أن يرفض المعتقل التعرف على أي منشور من منشوراته أو الاعتراف على صفحة الفيسبوك الخاصة به.
وأضاف بدر أن المحققين يحاولون إيهام المعتقل أن العمل الصحفي مسموح به من أجل الإيقاع بالصحفي، وعندما يرفض الاعتراف بالمحتوى "التحريضي" من وجهة نظرهم يحاولون إقناعه بالاعتراف بأن صفحة الفيسبوك مسروقة أو مخترقة، وفي حال انساق المعتقل وراء هذه الفكرة تتم "إدانته" من قبل محاكم الاحتلال.
وأشار إلى أنه من المهم عدم الاعتراف بأي منشور أو صورة نشرت على الصفحة الشخصية للمعتقل حتى لو كانت غير سياسية، وأحيانا يلجأ المحققون لمسألة اعتقال أحد أقارب المعتقل من أجل التعرف على صوره المنشورة على الفيسبوك، من أجل ربط الصفحة بالمعتقل.
ازدواجية المعايير
في الوقت ذاته، يتعارض هذا الخطاب مع عملية التحريض والعنصرية التي تمارس بحق الفلسطينيين والتي تشمل مختلف المجالات ومناحي الحياة فضلاً عن القوانين العنصرية.
المختص في الشأن الإسرائيلي جمعة التايه يرى أن خطاب الكراهية والتحريض متأصل سياسيًا وفكريًا في الاحتلال، وموجه ضد الفلسطينيين بصورة واضحة، وعبر أنشطة متعددة وهو ما يتضح في قانون "يهودية الدولة".
ويقول التايه لـ "شبكة قدس" إن العنصرية متجذرة بهم وهي جزء من التكوين النفسي والمجتمعي لهم وتطال مختلف شرائح المجتمع الفلسطيني سواء داخل الأراضي المحتلة عام 1948 أو حتى الفلسطينيين في المناطق المحتلة عام 1967.
ويعتقد التايه، أن خطاب الكراهية تقوده مؤسسات إسرائيلية رسمية، وهذا الخطاب يتم العمل عليه من قبل مؤسسات تابعة للاحتلال أو المؤسسات التابعة للحركة "الصهيونية".