رام الله - قدس الإخبارية: في تغريدة على حسابه في تويتر، يتساءل مراسل شؤون الضفة الغربية في راديو جيش الاحتلال، شاحر غليك، عن سر كثافة بيانات جيش الاحتلال منذ شهر مارس الماضي، والاستمرار في استخدام اسم "كاسر الأمواج" في البيانات التي تشير للاعتقالات بالضفة، رغم أن هذا المسمى لعملية عسكرية تلت العمليات التي وقعت في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 في شهري مارس وأبريل الماضيين، ومن المعروف أن العمليات العسكرية تنتهي بانتهاء الحالة التي انطلقت لأجلها.
يقول غليك في تغريدته: "منذ أن بدأت بتغطية أحداث الضفة الغربية، يعتقل الجيش ما معدله 10 فلسطينيين كل ليلة. وهذا هو المعيار منذ سنوات، لكن منذ فترة وقوع عمليات شهري مارس وأبريل، يتم الإعلان عن هذه الاعتقالات في سياق أن ما جرى عملية خاصة ضمن عملية "كاسر الأمواج"، وفي كل صباح يوزع الناطق باسم الجيش بيانا صحفيا تحت هذا المسمى، فما هو الشيء الجديد والمميز في هذا الأمر؟".
وبحسب مركز الحارس للدراسات والبحوث فإن الاستمرار في استخدام اسم العملية العسكرية نابع من استمرار التقديرات الاستخباراتية لدى الاحتلال من إمكانية تجدد مثل هذا النوع من العمليات، وبالتالي ظل اسم العملية حاضرا منذ حوالي خمسة أشهر وحتى كتابة هذا التوضيح. بالإضافة إلى أن عمليات الاعتقال أصبح يرافقها في الغالب اشتباكات مسلحة، ومن وجهة نظر جيش الاحتلال، تصبح في هذه الحالة عمليات خاصة نتيجة محاولة التأثير على مسارها أو خطتها الأساسية من خلال السلاح.
لكن الأهم بالنسبة لمركز الحارس، هو الإحصائيات التي نُشرت بعد العمليات التي وقعت في المدن المحتلة خلال الشهرين المذكورين، والتي أشارت إلى تزايد ضعف الشعور بالأمن لدى "الإسرائيليين"، فبحسب استطلاع نشره معهد القدس للاستراتيجية والأمن، في أواخر يونيو الماضي، يشعر 82% من الإسرائيليين بانعدام الشعور بالأمن، وهذا النوع من الشعور يكتسبه الإنسان أو يفقده من خلال معدل ثقته بقدراته الذاتية وقدرات البيئة المحيطة والتي تشمل الجيش وأذرع الاستخبارات وغيرها.
وينعكس فقدان الشعور الشخصي بالأمن على نظرة الإسرائيليين لجيش الاحتلال، وتصبح الموارد التي تتاح للجيش أو الميزانيات المحولة له محل جدل نقاش، وهو ما اعتبره خبراء عسكريون إسرائيليون في أكثر من مناسبة أنه مساس بشرعية الدعم، وهذا أمر خطير للغاية بالنسبة لهم. تتقاطع هذه الاستنتاجات مع دراسة للرأي العام أجراها معهد دراسات الأمن القومي في يونيو 2021، بعد معركة سيف القدس، أعرب فيها 59% من الإسرائيليين المستطلعة آراؤهم عن تفضيلهم استثمار الموارد بشكل أساسي في القضايا الاجتماعية والاقتصادية حتى لو كان ذلك على حساب ميزانية الجيش والأذرع الاستخباراتية.
أزمة ثقة الإسرائيليين بالجيش تتكثف وتتصاعد منذ سنوات، وقد تكون العمليات الأخيرة ساهمت في ذلك، فمثلا يكشف استطلاع للرأي، اطلع عليه الحارس، ونشر في أكتوبر 2021 أن 72 - 78% من الإسرائيليين يعتقدون أن جيش الاحتلال لم ينتصر في معاركه ضد قطاع غزة وأيضا في حربه ضد لبنان عام 2006، ومثل هذه النسب تؤكد على أن الجيش فقد ثقة جمهوره به، وأصبح من وجهة نظرهم عاجز عن تحقيق الأمن لهم، وهو ما يساهم في تعزيز عدم الشعور بالأمن. نتائج استطلاع آخر، نشرت، في الفترة نفسها تشير إلى أن تأييد الإسرائيليين للجيش انخفض بنسبة 11% ما بين عامي 2019 - 2021.
في ضوء ما سبق، أوصى عدد من الخبراء العسكريين الإسرائيليين في ورقة نشرت في عام 2021 بعنوان "تراكم التحديات في العلاقة بين الجيش والجمهور: تداعيات وتوصيات" بتبني نهج جديد يقوم على تعريض الجمهور إلى أكبر قدر ممكن من المعلومات عن عمليات الجيش، وما يقوم به، والأنشطة الحالية والمستقبلية، وكذلك التطور في الصناعات العسكرية. وهذا ما يفسر اهتمام جيش الاحتلال بنشر التقارير اليومية عن عمليات الاعتقال تحت إطار أنها عمليات خاصة، بالإضافة لاهتمامه بنشر معلومات عن أسلحة جديدة استخدمها مؤخرا أو طورها، وفي هذه المهمة يلعب الإعلام الإسرائيلي دورا رئيسيا.