رام الله المحتلة - خاص شبكة قُدس: أجرت شبكة قدس الإخبارية، لقاء خاصا مع رئيس الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، عمار دويك، ضمن برنامج "حوار قدس" حول الوضع الحقوقي في فلسطين، وقضية الاعتقالات السياسية وانتهاكات حقوق الإنسان، بالإضافة إلى محاسبة المتهمين في قضية مقتل نزار بنات والاعتداء باستخدام القوة على المظاهرات في رام الله وقضية إنهاء أزمة المعلمين في المدارس الحكومية.
وحول تقييمه للوضع الحقوقي في فلسطين، قال دويك، إن الوضع الحقوقي في فلسطين صعب جدا نتيجة وجود احتلال استعماري تحول إلى نظام فصل عنصري، ولديه خطط للبقاء والاستمرار والتجذر، ويفصل الضفة الغربية المحتلة عن قطاع غزة والقدس عن محيطها، ويمارس جميع أشكال الحرب بحق الفلسطينيين.
أما على الصعيد الداخلي، أضاف: لدينا نظام سياسي منقسم، ولدينا حكومة في رام الله وأخرى في غزة، وكل واحدة منهما تنظر للأخرى بعين الريبة والتعامل معها بعقلية أمنية، وهناك غياب للمجلس التشريعي، وتوجد لدينا سلطة تنفيذية هي المهيمنة حيث تصدر التشريعات ولديها هيمنة على السلطة القضائية، وهذا المشهد موجود في قطاع غزة كذلك، والظروف غير مواتية ولا تخدم خلق بيئة تحترم وتصان فيها الحقوق والحريات بشكل سليم.
وأكد: مع ذلك، تبذل المؤسسات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني والهيئة المستقلة كل جهودها من أجل مواجهة أية انتهاكات لحقوق الإنسان والقيام بدور رقابي على أجهزة إنفاذ القانون ومراكز الاحتجاز لتوفير أكبر قدر ممكن من الحماية للحقوق والحريات.
وبشأن انتهاكات حقوق الإنسان في الفترة الأخيرة، أوضح دويك: في العام الماضي، عند صدور القرار الرئاسي بإجراء الانتخابات العامة وصدور لاحقا مرسوم رئاسي آخر بشأن تعزيز الحقوق والحريات، كانت هناك انفراجة حقيقية وتحسن ملحوظ في حالة الحقوق والحريات في الضفة والقطاع، وتم الإفراج عن عدد كبير من المعتقلين على خلفية سياسية، وكان هناك تراجع كبير في الاستدعاء والتوقيف على خلفية الرأي والنشاط السياسي، ولكن للأسف، جميع ذلك تراجع وحلّت مكانه خيبة أمل عند صدور مرسوم رئاسي بتأجيل الانتخابات، ومنذ ذلك الوقت شهدنا عودة إلى الوضع السابق من حيث التضييق على المعارضين السياسيين والاستدعاء على خلفية النشاطات النقابية والطلابية والسياسية وعدنا لبعض الأنماط مثل حالات سوء استخدام السلاح وسوء معاملة المحتجزين والتعذيب والاعتقالات التعسفية والتوقيف على ذمة المحافظين في الضفة الغربية والتوقيف على ذمة القضاء العسكري في القطاع، ولا زلنا نوثق انتهاكات بهذا الخصوص.
وذكر، أن الاعتقال السياسي ملف موجود منذ إنشاء السلطة الفلسطينية، وأحيانا يشهد تراجعا وأحيانا أخرى يزداد، والجهات الرسمية في الضفة تنكر وجود أي معتقل على خلفية سياسية وتقول إنها اعتقالات على خلفية جنائية وإذا ما دققنا في الخلفيات الجنائية المزعومة نرى أنها تستند في عدد منها إلى غسيل أموال مثل اعتقال نشطاء في الحركة الطلابية حصلوا على أموال لتمويل نشاطات طلابية، ويتم التعامل مع ذلك على أنه جريمة ويتم توقيفه وعرضه على النيابة، وهذا مستمر ولكنه أقل من الفترة السابقة، وفي قطاع غزة، يتم استدعاء وتوقيف أشخاص على خلفية ما يسمى التخابر مع رام الله، وهذه تعتبر غطاء لتوقيف أشخاص على خلفيات سياسية.
ويرى دويك، أنه في ظل استمرار الانقسام سنستمر في ملاحظة ومشاهدة هذا النوع من الانتهاكات، التي يجب معالجتها سياسيا، بإنهاء الانقسام أو على الأقل وجود تفاهمات سياسية كتلك التي جرت في فترة الدعوة لإجراء الانتخابات التشريعية، ونحن نتابع الموضوع من ناحية حقوقية وقانونية لكنها بحاجة إلى تدخلات سياسية.
وبشأن وجود ادعاءات بالتعذيب خلال التحقيق، أكد، أن "هناك العشرات وأحيانا المئات من الحالات التي تصلنا كهيئة مستقلة بسوء المعاملة والتعذيب خلال فترة الاعتقال والتوقيف أو التحقيق، وهذه الممارسة موجودة في الضفة والقطاع ولدى مختلف الأجهزة الأمنية، وبحسب الأرقام المتوفرة لدينا، فإن أكثر جهاز يمارس هذا النوع هو جهاز الشرطة وعلى وجه التحديد المباحث ومكافحة المخدرات، ونتابع هذه الادعاءات من خلال مراسلة الجهاز مطالبين بوجود تحقيق وتوضيح وأحيانا اللجوء إلى النيابة العسكرية والقضاء العسكري لأننا نعتبر سوء المعاملة والتعذيب جريمة، ولكننا نصطدم بحالة غياب قانون لمناهضة التعذيب في فلسطين، ولا يوجد لدينا تعريف لجريمة التعذيب بحسب ما ورد في الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، ولا زالت الأجهزة الأمنية تنظر إلى هذه الحالات على أنها مخالفات انضباطية، ونحن نرى أن التعذيب جريمة يجب المحاسبة عليه محاسبة جنائية وليس انضباطية، ونرى أن هناك في أحيان كثير تغطية على مرتكب الجريمة من قبل الجهاز الذي يعمل به ولا يكون هناك تحقيق جدي بالخصوص".
وقال: لا نستطيع أن نوسم التعذيب بأنه سمة عامة أو ممنهجة، وإنما هو ممارس باعداد كبيرة ومنتشر ولكنه ليس ممنهجا، ولكن انتشاره مع عدم وجود إجراءات كافية لمواجهته في الضفة وغزة، قد يرقى ويقترب من أن يكون ممنهجا، وإذا لم يتم تداركه من قبل الاجهزة الأمنية في الضفة والقطاع، سيضعون أنفسهم أمام المساءلة الدولية، ويمكن ان تكون هناك ملاحقة لبعض المسؤولين في حال استمرار الحال على ما هو عليه، ونحن نطالب بسن قانون فلسطيني لمناهضة التعذيب يكون فيه تعريف واضح للتعذيب وفرض عقوبات وتعويضات لضحايا التعذيب وعدم سقوط جرائم التعذيب بالتقادم.
وبشأن ملف عقوبات الإعدام في قطاع غزة، أكد على موقف الهيئة من الحكم بالإعدام، قائلا: موقفنا المبدئي هو مناهضة عقوبة الإعدام وهو موقف جميع المؤسسات الحقوقية في العالم باعتبار أنها عقوبة لا يمكن الرجوع عنها، وأن الأرقام تشير إلى أنها عقوبة غير فعالة في منع الجريمة، وهذا موقفنا منذ تأسيس الهيئة، وفي القطاع المحاكم ما زالت تصدر هذه العقوبة ومنذ 3 سنوات لم يتم تنفيذ عقوبة الإعدام، وهذا توجه باستمرار الإصدار دون تنفيذ في القطاع، ومن متابعتنا لجميع أحكام الإعدام سابقا؛ فإن توقيت الحكم في الغالب سياسيا وكثير من الأشخاص الذين حكموا بالإعدام لم يتلقوا جميع ضمانات المحاكمة العادلة.
وأكد: بالنسبة لنا المتهم بريء حتى تثبت إدانته بمحاكمة عادلة، مهما كانت التهمة المنسوبة إليه، ومن حقه أن لا يتعرض للتعذيب وسوء المعاملة، وهذه حقوق إنسان أساسية يجب أن توفر للجميع، ومن ملاحظاتنا على أحكام الإعدام في قطاع غزة أن كثيرا منها نفذت في توقيت سياسي وتم انتزاع الاعترافات فيها خلال التعذيب وبعضهم لم توفر لهم جميع ضمانات المحاكمات العادلة.
وحول وجود اتهامات للهيئة بالازدواجية في التعامل مع الانتهاكات بين الضفة وغزة، أشار دويك، إلى أن "هذا اتهام يوجه لنا دائما، وأحيانا كثيرا في الضفة يتهموننا في الضفة بأننا نسلط الضوء على الانتهاكات في الضفة والتساهل مع انتهاكات غزة، واتهامات أخرى معاكسة، وبالنسبة لنا ما يوجهنا في هذا الأمر هو الانتهاك نفسه وطبيعته والتدخل الأفضل للشخص أو الضحية "المصلحة الفضلى للضحية"، ولدينا سياسة في الهيئة نعتمدها في متى نتوجه للرأي العام في القضايا، وفي كثير من الانتهاكات التي تقع في غزة لا نتوجه بها إلى الرأي العام ولو توجهنا فيها قد يعطي التوجه نتائج عكسية على الضحية وكذلك في الضفة، ولدينا سياسة محددة بذلك، وليست كل حالات الانتهاكات نتوجه فيها للرأي العام".
وأضاف: في القطاع بشكل ممنهج تراقب الأجهزة الأمنية الاجتماعات في الأماكن المغلقة وهي بحاجة إلى موافقة مسبقة، وفي كثير من الأحيان حاولنا حل القضايا دون اللجوء إلى الإعلام، ولكن كل الانتهاكات نتابعها من خلال زيارة الموقوفين ومتابعة وضعهم القانوني والضغط من اجل السماح لهم بالزيارات العائلية وزيارة المحامي بعيدا عن الإعلام، ومن يسوق هذه الاتهامات يحاول زج الهيئة في الصراع السياسي ونحن لسنا طرفا في الصراع السياسي بين الضفة وغزة ولكن لدينا ضبط في السياسية الإعلامية ودورنا التدخل لتوفير الحماية ووقف الانتهاك.
وبشأن الحق في التجمع السلمي، شدد على أنه حق مكفول، مع بوجوب إعلام الجهات الرسمية التي من حقها طلب قيود على المسار للحفاظ على المرور والنظام العام دون فرض قيود تمنع التجمع السلمي، ولكن حتى عدم إشعار الجهات الرسمية لا يعطي الحق للأجهزة الأمنية لفضها بقوة، وحتى لو كانت فيها مخالفات للقانون فهذا لا يعد مبررا لاستخدام القوة المفرطة، وفي جميع الحالات التي كان فيها عرقلة لمسيرة سلمية تدخلت الهيئة لصالح الضحايا.
وبما يخص ملف نزار بنات، أوضح، أن الهيئة تراقب المحاكمة "وأصدرنا تقريرا حول قضية مقتل نزار بنات بالشراكة مع مؤسسة الحق، وقلنا إنه قتل نتيجة تحريض حصل عليه سبق عملية اعتقاله ومقتله بالشكل الذي جرى، وحادثة قتله يجب استخلاص العبر منها وعمل مراجعة شاملة لكيفية الاعتقال والتوقيف والتعامل مع المحتجزين بما يضمن عدم تكرارها، وكذلك أن لا تقتصر المحاسبة والمساءلة على العناصر الـ 14 وإنما محاسبة من أعطى الأمر بالاعتقال ومن كان يفترض به مراقبة المجموعة ولم يقم بدور الرقابة عليهم، والسلطة تنظر للقضية على أنها خطأ فردي ونحن ننظر له على أنه خلل مؤسسي، بحاجة إلى معالجة ومراجعة ومساءلة أشخاص أعلى من الأشخاص الـ 14 الذين شاركوا في الاعتقال ويحاكمون أمام القضاء العسكري، ويجب ضمان المحاكمات العادلة لهم، لا ندعم التوجه للقضاء الدولي ضد جهات فلسطينية، طالما أن باب العدالة الوطني مفتوح، ومن السابق لأوانه التوجه إلى جهات دولية".
وفي ملف محاسبة المسؤولين عن الاعتداء على المسيرات في رام الله عقب مقتل نزار بنات، أكد دويك، أن الاعتداء على المسيرات بالزي المدني ومن قبل الأجهزة الأمنية كان سلوكا معيبا مخالفا للقانون، وتقدمنا بشكوى نيابة عن الصحفيات اللواتي تعرضن لانتهاكات، ووثقنا الاعتداءات عليهن من خلال الطبيب الشرعي، ولاحظنا أن السلطة كان لديها نوع من التراجع، ولم يحصل مساءلة ومحاسبة. ونحن نطالب بمحاسبة ومساءلة جميع منتهكي حقوق الإنسان مهما كانت درجتهم، ولكن المنظومة القائمة لا تساعد بهذا الاتجاه وإذا حصلت فإنها تكون على مستوى العناصر وليس على مستوى أصحاب القرارات، وهذا أحد أسبابه غياب المجلس التشريعي.
وبخصوص ملف المعلمين، أكد، أنه تم البدء بتطبيق المبادرة التي تتعلق بخمسة بنود، وبشكل فعلي التزم المعلمون بالدوام، وبدأوا بالتعويض، رغم أننا نرى أن التعويض غير كاف، وبخصوص بند إعادة الخصومات للمعلمين، فإن الكشوفات بإعادة الخصومات رفعت، واطلعنا على كتاب لوزير المالية بالخصوص، وما يخص إقرار نظام مهنة تعليم يضمن زيادة 5% للمعلمين، والحكومة باشرت بذلك، وسيفتح للنقاش ونحن على تواصل مع الوزارة بالخصوص، أما صرف علاوة طبيعة العمل وتعديل الاتفاق بين الاتحاد والحكومة، فإنها تمت بالفعل، والحكومة تسير بالمبادرة والاختبار الحقيقي في بداية العام المقبل، وكجهة راعية للمبادرة سنتابع ونحاول تذليل أي عقبات وأداة الضغط هي المعلمين أنفسهم بخلقهم حالة غير مسبوقة، ولن نخجل عن الإعلان عن أي طرف يحاول أن يعطل المبادرة في حال جرى.
وحول موضوع المهننة، قال: هو ليس من اختصاص الاتحاد لذلك لم يذكر في الاتفاق بين الحكومة والاتحاد، وهذا الأمر لدى الوزارة ويحتاج إلى متابعة ونحن نتابع. أما بما يخص دمقرطة الاتحاد، فإننا بصدد تشكيل لجنة بالخصوص تضم ممثلا عن الاتحاد ومسؤول المنظمات الشعبية في منظمة التحرير بالإضافة إلى 7 شخصيات، وسنسعى بمراجعة جميع الإجراءات وتقديم التوصيات، ويجب أن تنهي اللجنة عملها خلال 3 أشهر.