رام الله المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: أظهر أداء السلطة الفلسطينية خلال العام 2021 وما كشف عنه خلال العام الحالي، فسادا طال كافة القطاعات دون استثناء، تمثلت أبرز مظاهر هذا الفساد، في ما عرف بـ"صفقة اللقاحات"، بالإضافة إلى وجود خروقات في اختيار المستفيدين من صندوق "وقفة عز"، والفساد في تعيينات الأقارب وترقياتهم في السلطة الفلسطينية.
صفقة اللقاحات
كشفت تقارير مختلفة، عن فساد ما عرف بصفقة اللقاحات، خلال حزيران 2021، والتي تم الكشف عنه بعد إعلان حكومة الاحتلال عن اتفاق مع الصحة الفلسطينية بتحويل نحو مليون جرعة شارفت تواريخ صلاحيتها على الانتهاء إلى السلطة الفلسطينية على أن تحصل في المقابل على الكمية ذاتها من الشركة المصنعة نهاية العام الجاري، بالإضافة إلى وجود خروقات في نقل اللقاحات وتخزينها قبل وصولها إلى الصحة الفلسطينية، وهو ما لاقى ردود فعل واسعة طالبت بإجراء تحقيق بشأن هذه الصفقة التي تراجعت عنها السلطة في ما بعد بفعل الضغط الشعبي قائلة إنها "مخالفة وغير مطابقة للمواصفات الواردة في الاتفاق".
فساد في تعيينات الأقارب والترقيات
على الرغم من أنه لم يرد نص قانوني واضح في تعيين الوكلاء والمحافظين وكبار الموظفين، لكن المادة 7 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي وقعت عليها فلسطين عام 2014 تنص على ضرورة اعتماد مبادئ الكفاءة، والشفافية، والمعايير الموضوعية، مثل: الجدارة، والإنصاف، والأهلية في نظم التوظيف والترقية، وهو ما تتم خلافه التعيينات والترقيات للمناصب العليا لدى مؤسسات السلطة، حيث تم رصد خلال عدد واحد فقط من الجريدة الرسمية نحو 35 قرار ترقية صادرة عن الرئيس محمود عباس، على الرغم من إصدار قرار رسمي بوقف التعيينات والترقيات وشراء العقارات والسيارات وتقنين بدلات السفر، وجملة من القرارات لتخفيف حدة الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة.
قطاع الأمن
وبحسب مقياس النزاهة، حاز قطاع الأمن على تصنيف متوسط ما يشير إلى مخاطر وفرص محتملة جدا للفساد، وتشير التصنيفات إلى أن الشفافية لدى قطاع الأمن العام ذات ضعف كبير.
وبينت التقارير، أن هناك فارقا كبيرا ما بين التشريعات وما بين الممارسات على الأرض، بالإضافة إلى وجود نقص واضح في اللوائح الناظمة للرقابة على أجهزة الاستخبارات لغياب آليات واضحة للنظر في ملاءمة المرشحين لرئاسة الأجهزة الأمنية، ونقص في التشريعات المتعلقة بتعزيز الشفافية لعدم إصدار قانون الحق في الوصول للمعلومات، ونظام حكومي لتصنيف الوثائق اللذين يحددان آليات التعامل مع المعلومات والوثائق الأمنية والحكومة والمدة الزمنية المصرح بها للإعلان عنها.
وأثر غياب غياب قوانين وأنظمة تفصيلية أخرى تنظم العلاقة في عمل المؤسسة الأمنية على منظومة النزاهة في عمل المؤسسة الأمنية ومن أبرزها قانون الحق في الحصول على المعلومات. فاستخدام مصطلحات مطاطة، مثل "الأمن القومي"، دون تحديد يؤدي إلى حجب المعلومات عن المواطن.
التلاعب في السجل الانتخابي
في فبراير 2021، اشتكى عدد من النشطاء من تغيير ونقل مراكز اقتراعهم دون علمهم، وهو ما أكدته لجنة الانتخابات المركزية بالقول، إن المشكلة المذكورة تركزت في منطقة الخليل، في حين اعتبر آخرون أن التلاعب في السجل الانتخابي يعتبر مؤشرا خطيرا لما يمكن أن تواجهه العملية الانتخابية من تدخلات، وأنه أمر يمس بنزاهة العملية الانتخابية.
يذكر أن الرئيس الفلسطيني أصدر قرارا بإلغاء الانتخابات في أبريل 2021.
صندوق وقفة عز
كشف تقرير الرقابة الصادر عام 2021، عن خروقات في اختيار المستفيدين من صندوق "وقفة عز" الذي خصصته الحكومة لتوزيع مساعدات، على الفئات التي تضررت في المرحلة الأولى من انتشار فيروس "كورونا"، في الضفة وغزة، وأشرفت عليه وزارة العمل.
وأظهر التقرير، صرف مساعدات مالية من الصندوق لثلاثة أشخاص يحملون جواز السفر الدبلوماسي، وأشار إلى خلل في عدم وضع معايير بشأن أعداد المستفيدين من الأسرة الواحدة، مما أدى لصرف مساعدات مالية لستة أفراد من نفس الأسرة في بعض الحالات. كما أن بعض المستفيدين تتجاوز رواتبهم 11 ألف شاقل، وبعضهم يعمل في البنوك الفلسطينية تتجاوز رواتبهم 16 ألف شاقل، كما أن مستفيدين آخرين يعملون في شركات الاتصالات وتبلغ قيمة رواتبهم 8 آلاف شاقل، في مخالفة واضحة لمعايير الصرف التي وضعتها الوزارة.
متنفذون في مكتب الرئيس ومقربون منهم يتدخلون في إعداد القوانين
في نوفمبر 2021، قال مستشار مجلس إدارة ائتلاف أمان لشؤون مكافحة الفساد عزمي الشعيبي، إن هناك إشكالية تكمن في تدخل متنفذين في مكتب الرئيس أو مقربين منهم في إعداد القوانين والاعتماد على خبراء من الخارج. مشيرا إلى أنهم، غير مطلعين على الواقع المُرَكّب وعلى خصوصية النظام القانوني وترتيب الأولويات في الواقع الفلسطيني، في ظل عدم وجود مجلس تشريعي.
وأشار، إلى أن مسؤولية التشريع تقع على كاهل الحكومة، متسائلا على إصرارها في مناقشة بعض القضايا في جلساتها الأسبوعية بسرية دون اطلاع الأهالي بشأنها أو الإعلان عنها أو نشرها على الملأ، ما يثير العديد من التساؤلات، خاصة في ظل عدم وجود قانون الحق في الوصول إلى المعلومات.
بمئات الملايين من الشواقل.. فساد لدى اللجنة الوطنية للقدس عاصمة للثقافة العربية
كشف ديوان الرقابة الإدارية والمالية في تقريره السنوي المنشور في عام 2021، عن وجود تجاوزات خطيرة في عمل “اللجنة الوطنية للقدس عاصمة دائمة للثقافة العربية”، حيث قامت بتفريغ الحساب البنكي الخاص بها إلى ستة حسابات أخرى، دون تنسيق مع وزارة المالية أو وجود ما يبرر القيام بذلك، ولم تقم بإغلاق أي من السلف الممنوحة لها منذ عام 2011 والبالغة قيمتها 2.3 مليون شاقل.، كما أنه تم صرف بقيمة آلاف الشواقل محروقات لمركبة وكيل وزارة الثقافة السابق، وهي مركبة خاصة وليست حكومية، خلافاً لأحكام القانون.
كما تم الكشف عن صرف سلف بأكثر من 23 ألف دولار منها 13 ألف دولار سفريات خاصة لوكيل وزارة الثقافة السابق، كما أن اللجنة لم تلتزم بالبروتوكول الثقافي مع جمهورية العراق بقيمة 2.8 مليون شاقل، الأمر الذي حرم مدينة القدس من الاستفادة من ميزات هذا البروتوكول.
كما وقامت اللجنة بشراء هدايا بقيمة 182 ألف شاقل بشكل مباشر دون وجود أي اتفاق، دون وجود أي إثبات على استلام اللجنة للبضاعة المشتراة أو القيام بتوزيعها، والصادم الذي كشف عنه التقرير، أن أعمال اللجنة الوطنية للقدس عاصمة دائمة للثقافة العربية سواء القديمة أو الجديدة، اقتصرت على نفقات رواتب وبدل سـفـر ومكافآت أما فيما يخص الموضوع الجوهري والمتمثل بالاحتفال بالقدس عاصمة دائمة للثقافة العربية وإبراز مكانتها الثقافية والتاريخية، فإن اللجنة لم تقم بأي نشاط يساهم في تحقيق الهدف منه.
فساد في اختيار الحجاج
كشف تقرير الرقابة، عن وجود مخالفات واضحة في موسم الحج، وتحديداً في إجراءات القرعة العلنية لاختيار المشاركين، حيث تم حذف سجلات المسجلين للحج من النظام الإلكتروني بشكل غير مبرر، وإضافة أسماء آخرين للقرعة قبل استيفاء تسديد الرسوم من قبلهم، كما وتم حذف أسماء بعض الفائزين في القرعة العلنية من السجلات النهائية، ولم يتم تسجيل بيانات عدد من المسجلين للحج ضمن القرعة، فيما تم تكرار أسماء بيانات المسجلين بشكل غير مبرر.
وأشار التقرير إلى أنه تم إدخال بيانات بعض الحجاج خارج فترة التسجيل المسموحة من قبل الوزارة وقبل إجراء القرعة العلنية بأيام، لافتاً إلى إدخال بيانات لحجاج ضمن تصنيف حجاج معتمدين لم يكن لديهم أي سجلات عبر كشوفات انتظار عام 2011، كما وتم إدخال بيانات بصفة فائز في القرعة الخاصة بالحج قبل تنفيذها مما يؤثر سلباً على مصداقية النتائج، عدا عن أنه لا يتم تسجيل تاريخ وآلية اختيار الفائز.
فساد في الرقابة على الأغذية
أظهر تقرير ديوان الرقابة الإدارية والمالية، عدم وجود رقابة على الأغذية المستوردة وعدم وجود آلية لدى وزارة الصحة للإحاطة بكافة الأغذية المستوردة ومتابعة التجار ومستوردي الأغذية، بالإضافة إلى عدم قيام وزارة الصحة بفحص المنتجات الزراعية سواء في المزارع أو في الأسواق، من حيث وجود بقايا مبيدات حشرية أو كيميائية أو بقايا عقاقير بيطرية في منتجات اللحوم وغيرها. كما أن الوزارة توافق على تجديد الترخيص للمنشآت الغذائية دون التأكد من أن الحرف والصناعات الغذائية القائمة أو المقترحة، أو مطابقة الشروط الصحية والبيئية.
كما وأظهر، ضعف الرقابة على الأمراض والأوبئة المرتبطة بسلامة الغذاء، نتيجة لضعف الاتصال والتواصل بين دوائر وزارة الصحة ذات العلاقة، حيث تشير الخطة الاستراتيجية لسلامة الغذاء إلى أن معظم تلك الأمراض تم تسجيلها لأسباب غير معروفة، كما لا توجد آلية لدى وزارة الصحة لرصد ومتابعة الأمراض المنقولة بواسطة الغذاء.
تجاوزات وخروقات لدى المحكمة الدستورية
كما وكشفت التقارير أن المحكمة الدستورية قامت شراء بعض المشتريات من خارج عطاءات دائرة اللوازم العامة في وزارة المالية خلافا للقانون والأنظمة المعمول بها، وتمت تجزئة عدد من الفواتير ولم يتم تنظيم سندات إدخال عند شراء بعض اللوازم خلافا لأحكام قانون الشراء العام. كما أنه تم صرف بدل هاتف نقال لجميع الموظفين لدى المحكمة الدستورية دون وجود ما يثبت أن مصلحة العمل تقتضي إبقاء الاتصال معهم، خلافا لما نصت عليه مواد النظام المالي الفلسطيني.
ونحو 53% من موازنة المحكمة الدستورية مخصصة للرواتب والمكافآت، نتيجة عدم وجود أسس واضحة وتخطيط منظم لعملية رفد المحكمة بالموظفين، فقد تم تعيين نحو 42 موظفا في المحكمة باستثناء القضاة، وتم نقل بعض الموظفين من مؤسسات أخرى دون وجود أسس واضحة تظهر الاحتياج الفعلي، ودون وضع تصورات لحجم وطبيعة العمل المخطط تنفيذه، بالإضافة إلى تعيين موظفي عقود ومياومة بعضها زائد عن حاجة المحكمة.
وقامت المحكمة ذاتها بتعيين بعض الموظفين في المحكمة خلافا للقانون، ودون الإعلان عن توفر شواغر، وتم حصر المقابلات بالمعرفة الشخصية لموظفين في المحكمة الدستورية خلافا للفقرة 4 من المادة 26 من القانون الأساسي الفلسطيني.
هيئة مكافحة الفساد
كشفت التقارير، أن هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية لم تقم بإعادة الفائض من موازناتها السنوية للأعوام (2010 - 2018)، والذي تزيد قيمته عن (13.5) مليون شاقل لحساب الخزينة العامة، خلافاً للقانون، ولم تقم بإعداد موازنتها السنوية وفقاً لأسس إعداد الموازنات. بالإضافة إلى عدم التزام الهيئة بالنص الدستوري بشأن التنافس في إشغال الوظائف، واستعارة موظفين من المؤسسات العامة للعمل في الهيئة. كما وتم الكشف أن "الهيئة لم تقم بإعداد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد للأعوام (2015 - 2018)، خلافاً لصلاحياتها، وفقاً لأحكام المادة رقم (8) من قانون مكافحة الفساد رقم (1) لسنة 2005 وتعديلاته، وذلك على الرغم من قيام الهيئة بتخصيص مبلغ بقيمة مليون دولار سنوياً في موازنات الأعوام (2016 - 2018) تحت بند الاستراتيجية الوطنية".