غزة - خاص قدس الإخبارية: أنهى الاحتلال الإسرائيلي عملية بناء "العائق الأرضي" (جدار الأنفاق) على حدود غزة، بعد أربع سنوات من العمل المتواصل، إذ يمتد الجدار بطول 65 كيلو متر، وبحجم خرسانة مسلحة بلغت 2 مليون كوب من الباطون المسلح.
تم استخدام قرابة 140 ألف طن من الحديد، ومليون كوب من الرمال تم استخراجها من باطن الأرض نقلت عبر 330 ألف شاحنة، إضافة إلى استخدام 28 مصنع باطون متنقل إلى جانب 1200 عامل ومهندس تم جلبهم من شرق آسيا.
وبحسب الاحتلال فإن تكلفة المشروع ككل خلال فترة إنجازه قدرت بـ 3.5 مليار شاقل ما يعادل 1.1 مليار دولار أمريكي، خصصها الاحتلال أملاً في القضاء على سلاح الأنفاق الاستراتيجية "الهجومية" للمقاومة الفلسطينية في غزة.
وبعيدًا عن الحسابات الاقتصادية والمالية فإن الاختبار والتحدي الحقيقي بين الاحتلال والمقاومة يتمثل في مدى قدرة الأخيرة على تجاوز هذا الجدار المزود بمجسات تحت الأرض مهمتها اكتشاف الأنفاق الهجومية واعتراضها أو اعتراض أي هجوم لها.
ووفق التقديرات الإسرائيلية فإن المقاومة ستتجه نحو تعظيم القوة الصاروخية لها وتطوير سلاح الطائرات بدون طيار إلى جانب القدرات البحرية التي لم تكشف المقاومة عنها بشكل رسمي رغم إشارة الاحتلال عن امتلاك المقاومة قدرات بحرية قادرة على استهداف الزوارق الحربية الإسرائيلية والمنشآت البحرية الحساسة.
ويتفق مراقبون للشأن العسكري أن الجدار موجه بدرجة أساسية للجبهة الداخلية الإسرائيلية في ضوء الانتقادات المتكررة من المستوطنين لحكومتهم بعدم اتخاذ إجراءات حقيقية لضمان أمنهم وسلامتهم في ضوء تطور المقاومة الفلسطينية في غزة.
في السياق، قال المختص في الشأن العسكري رامي أبو زبيدة إن المُقاوَمَة عبر الأَنْفاق تجاوزت كثيرًا من الصعوبات، وأظهرت أنها قادرة على الإبداع والتكيف مع ظروف أي معركة يفرضها العدو، أو نتيجة الظروف الميدانية الصعبة والظروف السياسية.
وأضاف أبو زبيدة لـ "شبكة قدس" إن المقاومة بالتأكيد تمكنت من حفر عدد غير قليل من الأنفاق الهجومية ذات قدرات قتالية مختلفة وتشير تقديرات العدو أن بعضها قد اخترق الحدود بالفعل، مشيرًا إلى أن المقاومة لم تظهر حتى هذه اللحظة أي نوع من أنواع الخوف أو الإرباك أو التردد في المضي قدما في تطوير مشروع الأنفاق.
واستكمل قائلاً: "يظهر موقف المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة من الادعاءات الاسرائيلية ذكاء معينا، حيث لم تستدرج للرد على هذه الادعاءات بالنفي أو التأكيد، ولم تسهم بذلك في تعزيز الدعاية الاسرائيلية، وبالمقابل أظهرت المقاومة ثباتا ووضوحا في موقفها من استمرار مشروع المقاومة بكل أدواتها واعتمادها على سلاح الأنفاق الاستراتيجي للدفاع عن غزة".
وواصل أبو زبيدة: "المقاومة لم تتدخل جديا في تعطيل مشروع الجدار "التحت أرضي" بادراكها قواعد الاشتباك مع العدو، ولثقتها على ما يبدو بما تمتلكه من وسائل تتجاوز العقبات الاسرائيلية، قد ينجح الاحتلال أحياناً في حرب المعلومة وتسديد بعض النقاط، وكذلك المقاومة ليبقى صراع الأدمغة سيد الموقف في هذه المرحلة".
وأشار إلى أن مشكلة الأنفاق لم تنتهي بعد وأن التكنولوجيا المستخدمة وبعكس الشائع في وسائل الإعلام لم تحل المشكلة بشكل كامل، كل ذلك يؤكد وجود أهداف أخرى للعدو، معتبرًا أن الاحتلال يريد تأمين رعب مضادّ يحتاج إليه أمام رعب الأَنْفاق الهجومية، ويزيد المخاطرة المادّية التي تتكبّدها المُقاوَمَة مع كلّ نفق يُحفر.
في أعقاب معركة سيف القدس تحدث قائد حركة حماس في غزة يحيى السنوار أن إجمالي "المدينة الجهادية" في إشارة للأنفاق يقدر بـ 500 كيلو متر مربع من الأنفاق وأن كل قصة الاحتلال الإسرائيلي لم يحقق الكثير من الضرر فيها.
من جانبه، قال اللواء المتقاعد والمختص في الشأن العسكري واصف عريقات أن الجدار الـ "تحت أرضي" موجه لجبهة الاحتلال الداخلية ولمستوطنيه بالتحديد في مستوطنات غلاف غزة في ضوء تصاعد الانتقادات الموجهة له في الفترة الأخيرة.
وأضاف عريقات لـ "شبكة قدس" أن العائق ربما يؤدي إلى وضع صعوبات أمام المقاومة غير أن تجاوزه ليس بالأمر المستحيل خصوصًا وأن أي تقنية محوسبة يمكن اختراقها كما يجري مع القبة الحديدية التي يحاول الاحتلال منع صواريخ المقاومة عبرها.
ورأى المختص العسكري أن قدرة المقاومة الفلسطينية ما تزال قائمة لتجاوز العائق الأرضي وتنفيذ عمليات خلف الخطوط، معتبرًا أن الإقدام على تدميره لن يحل المشكلة بالنسبة للمقاومة وأن الأولوية ستكون نحو إيجاد بدائل وحلول تجعل الجدار شكليًا.
وشدد عريقات على وجود بعض الأهداف الأخرى للجدار منها محاولة التأثير على الروح المعنوية الفلسطينية وهو الأمر الذي سينسف عند تنفيذ المقاومة أول عملية إنزال خلف الخطوط باستخدام الأنفاق الأرضية الهجومية التابعة لها.