رام الله - خاص قدس الإخبارية: "التصريح مقابل حسن السلوك"، معادلة يحاول الاحتلال فرضها أثناء منحه الفلسطينيين في الضفة الغربية لتصاريح دخول الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، ولطالما تكررت في الواقع الفلسطيني قصص الابتزاز التي يمارسها الاحتلال في حق الراغبين في استصدار التصاريح، للإيجاد فرصة العمل في الداخل المحتل، أو العلاج، أو الزيارة.
يسعى الاحتلال بمعادلته إلى أن يطمس ملامح الوعي الفلسطيني تجاه النضال الشعبي، وإعادة صياغة الحاضنة الشعبية الفلسطينية تجاه أي شكل من أشكال المقاومة، مستخدمًا العقاب الجماعي بحرمان ذوي الأسرى والشهداء من التصاريح، إضافة إلى أي فلسطيني عبّر قولًا أو فعلًا عن رفضه الاحتلال، وما يرافقه ذلك من إغلاق الحواجز ومنع حاملي التصريح من الدخول.
في حديثه لـ "شبكة قدس" يرى الباحث في الشأن الإسرائيلي عادل شديد أن الاحتلال يستخدم التصريح كأداة لضبط السلوك الفردي الفلسطيني، معقبًا: "إن الفلسطيني بالمجمل لا يوجد شيء يخسره، لكن من يحصل على التصريح، سيّما للعمل، يسعى في الحفاظ عليه، خاصة في ظل عدم قدرة النظام الاقتصادي الفلسطيني في إيجاد حلول اقتصادية للشعب الفلسطيني."
ويوضح شديد أن التصاريح لا تستهدف فقط طمس الوعي المقاوم، بل ترتبط بشكل تام مع واقع الاستيطان في الضفة، "وألا يرى الفلسطيني المستوطنات كعدو بل كمناطق صناعية تشغل عشرات الآلاف من الفلسطينيين."
وبحسب آخر الاحصائيات، يعمل ما يقارب 142 ألف فلسطيني في الداخل المحتل والمستوطنات، ومع مطلع أغسطس\ آب الماضي، صادقت حكومة الاحتلال على زيادة عدد تصاريح العمل في قطاع البناء لعمال من سكان الضفة الغربية المحتلة بــ 15 ألف تصريح إضافيّ.
وبحسب الباحث في الشأن الإسرائيلي فإن الاحتلال ماضٍ في دمج المجتمع الفلسطيني في الضفة بشكل فردي، من خلال تصاريح التجارة ورجال الأعمال، مشيرًا إلى اعتقاد الاحتلال أن الاستقرار الاقتصادي سيولّد مزيدًا من الاستقرار الأمني والهدوء والتكيّف مع الواقع الحالي.
بدورها، تعتبر أستاذة الإعلام في جامعة بيرزيت والأسيرة المحررة د. وداد البرغوثي التصاريح "أداة يستخدمها الاحتلال كورقة ضغط أحيانًا مستغلًا حاجة الفلسطيني لفرص العمل وانسداد الآفاق، فيحاربه في لقمة عيشه، ويحاربه في عواطفه تجاه أهله وأسراه الذين حال الاحتلال وجبروته دون وصالهم."
وتشير البرغوثي، في حديثها لـ "شبكة قدس"، إلى لجوء الاحتلال استخدام التصاريح كوسيلة لتعويض خسائره المترتبة عن المقاطعة الفلسطينية الشعبية له، مستدركةً:" لو أدركنا هذه المعادلة بالشكل الصحيح، لجعلنا حربهم علينا حربًا عليهم، ولتستمر المقاطعة."
وحول ومنع الاحتلال إصدار التصاريح لذوي الأسرى والشهداء، تقول الأسيرة المحررة: "يهدف الاحتلال بذلك إلى الضغط العاطفي والمعنوي، ليشعرونا باليأس فنكفر بالنضال، لكن الواقع أن ذلك لا يزيدنا إلا تمسّكا بحقوقنا المشروعة."
وتؤكد على أن هذه الأساليب ستفتح أعين الجيل الجديد على بطش الاحتلال، مؤكدة على قاعدة أن الضغط يوّلد الانفجار، مضيفة: "ولنا فيما يجري في القدس وفي كل شبر من أرض الوطن عبرة."
من جانبه، يقول أستاذ الدراسات الثقافية في جامعة بيرزيت د. غسان الخطيب: "على امتداد تاريخ الاحتلال يكون هناك تصاريح عمل، وفي نفس الوقت، يكون هناك رفض لهذا الاحتلال والتصدي له والنشاط ضده على مستوى جماهيري."
ويرى الخطيب، في حديثه لـ "شبكة قدس"، أن أسلوب الاحتلال في استخدام التصاريح كأداة ابتزاز وكيِّ وعي الفلسطيني لم ينجح، مضيفًا: "لم ألاحظ خلال السنوات السابقة، أن الهبات والانتفاضات الشعبية تتأثر بزيادة عدد التصاريح، وبالتالي لم ينجح هذا الأسلوب في أن يحد من رفض الشعب الفلسطيني للاحتلال والعمل على مقاومته."