فلسطين المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: أعادت الخطوات الأخيرة لعضو "الكنيست" عن القائمة العربية المشتركة، منصور عباس، تجاه عقد "صفقة" مع رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو أسئلة تدور منذ سنوات، حول المسار الذي دخله العمل السياسي الفلسطيني، في الداخل المحتل عام 48، بما يتجاوز صفة "الأزمة"، التي تعيشها أيضاً بقية الحركة الوطنية في الضفة والقطاع، إلى "قاع" لم يعد يتسع لحجم الانحدار الخطابي والسياسي والسلوكي، كما يؤكد نشطاء ومحللون.
منصور عباس الذي يشغل أيضاً نائب الحركة الإسلامية الجنوبية في الداخل المحتل، قرر في شهر أكتوبر الماضي، عقد "صفقة" مع نتنياهو، يتم فيها ضمان إلغاء قرار تشكيل لجنة تحقيق مع رئيس حكومة الاحتلال، في قضية الفساد المتعلقة بشراء غواصات ألمانية، في مقابل ما زعم عباس أنها "مصالح" سيحققها في المقابل، بينها محاربة الجريمة المتفشية بين فلسطيني الداخل، ووقف قانون هدم المنازل.
نشطاء بالداخل الفلسطيني ومحللون اعتبروا أن خطوة منصور عباس، "لم تنبت في الهواء"، بل كان لها مقدماتها التي قادت لهذه المرحلة "الهابطة" في العمل السياسي، بعضهم أعادها إلى توصية القائمة المشتركة على الجنرال بيني غانتس، مجرم الحرب الذي ارتكب مجازر بحق الشعب الفلسطيني، لتشكيل الحكومة، وهناك من أعادها إلى ظروف أعمق وأشمل تتعلق بالأزمة الفلسطينية في كل مكان تواجد الحركة الوطنية.
ما الذي أوصلنا إلى هنا؟
من جانبه اعتبر الكاتب والناشط السياسي علي حبيب الله، أن قراءة سلوك منصور عباس يجب تناوله من خلال النظر إلى سياقات أوسع، أولها شكل "السياسي" بين عرب الداخل.
ويتابع: حظر الحركة الإسلامية الشمالية يجب أن يقرأ في سياق سابق على سلوك القائمة المشتركة، بمعنى أن كل شكل سياسي لعرب الداخل، خارج الأرضية التي تقررها "الدولة العبرية"، تم حسمه في ما يتعلق بالقائمة كلها ومنصور عباس من ضمنها.
وحول الخطاب السياسي الذي ساد في طرح الحركة الوطنية بالداخل، يقول: "الخطاب الذي بدأ في التسعينات مع حزب التجمع، الذي كان يريد مقارعة الدولة، أو وضعها أمام تناقض بين يهوديتها وديمقراطيتها، في حينه كان صحيحاً كتكتيك سياسي، لكنه تحول إلى هدف بذاته، إلى حد أن الدولة أصبحت تستخدمه ضد العرب، وفي النهاية التجمع بعد أن رفض التوصية إلى غانتس، وهذا السلوك يجب رؤيته من إطار سياسات الترويض".
وأضاف: "الداخل متأثر بمحيطه، انسداد أفق المشروع الوطني الفلسطيني، والوضع العربي جميعه، أحد أسباب تبرير التطبيع الرسمي، كان جزء من إرهاصات هزيمة الربيع العربي، والحروب الداخلية والاقتتال والاصطفاف الطائفي". "الناس تبحث عن من يضعها على الرصيف وليس على الشارع".
السياسي يقتل نفسه: صناعة "مزاج عام" والخضوع له
يرى حبيب الله أن خطاب القائمة المشتركة ساهم في ما يسميه بناء "مزاج شعبي"، يركز على "كيف يمكن أن نؤثر على الحكم في إسرائيل؟".
ويضيف: رغم أنه يصعب الحديث عن الناس ككتلة واحدة، نظراً للتباينات في المصالح والأهواء بينهم، لكن هذا المزاج العام فرض أن يتشكل داخل المشتركة نهج يسمح بالتوصية على ضباط قادمين و"السكين بين أسنانهم"، وهذا خاضع لخطاب ِ"شعبوي" يطرح فكرة "التخلص من نتنياهو" واليمين وكأنه داخل "إسرائيل" "يسار".
ويشير إلى أن الذي كان يمثل هذا الخط داخل المشتركة هو أيمن عودة، وقد حاول بناء كتلة تكون المشتركة جزء منها للتخلص من اليمين، لكن منصور عباس أراد "اختصار الطريق"، بما أن اليمين هو "الأمر الواقع" بالتالي لماذا لا "نعمل مساومات لتحصيل وحل مشاكل معينة، مثل الجريمة"، وفقاً لمنطق عباس، ويضيف: "في الواقع نتنياهو لا يريد ولن يحل مشكلة الجريمة".
وأضاف: منصور عباس وشخصيات بالمشتركة خرجت لتبشير الجماهير العربية، بوقف عمليات الهدم، لكن في الأيام التالية هدمت السلطات الإسرائيلية منازل في كفر قاسم واللد.
صراع على الأضواء
يرى حبيب الله أننا أمام صراع على "من يخطف الأضواء" داخل المشتركة، ونشأ تنافس على "النجومية"، على من هو الأقدر على "تحقيق استحقاقات اجتماعية للعرب في الداخل"، ويضيف: أيمن عودة حاول بناء تحالف ضد نتنياهو، أتى منصور عباس وتوجه نحو مسار مختلف، والتجمع كأنه "يمشي على رؤوس أصابعه"، وجرى في النهاية ترويضه وذهب مع التوصية لغانتس.
وأكد أن الوضع العربي العام والانهيار الفلسطيني، والشكل السياسي الذي جرى ترويضه من خلال حظر الحركة الإسلامية تشكل أسباباً للوضع الراهن.
تنافس على الأسرلة
وقال: للأسف فإن قادة القائمة المشتركة يتصرفون "كدبلوماسيين"، أي وسيط بين "الدولة وجماهير شعبهم"، وفي النهاية نحن أمام صراع وتنافس على نهجين للوصول إلى هدف واحد هو "الأسرلة"، أو باختصار: بين منصور عباس وأيمن عودة.
خطاب الخدمات: مقتل السياسة الفلسطينية
ويؤكد حبيب الله على أنه جرى بالداخل تفعيل "خطاب الخدمات" على حساب الحقوق السياسية، وقال: واضح في داخل حزب التجمع الوطني الديمقراطي، الذي طرح خطاب "دولة المواطنين" وفي نفس الوقت "هوية لأقيلة قومية"، بمعنى هناك حقوق سياسية ولا نقدر أن لا نلتفت لمطالب الناس، لكن هذا انتهى حالياً وأصبح كل الخطاب مطلبي.
وقال: ليتنا نسمع حتى خطاباً خدماتياً بصيغة سياسية، بل يجري بصيغة "التوسط بين الناس والدولة"، مثلاً قضية هدم البيوت لماذا لا يتم تسيسها؟.
وحول الخطاب السائد داخل المشتركة حول حاجتها للعمل "ببراغماتية"، يقول حبيب الله: "البراغماتية" تكون عندما تملك مشروع، وخلال تنفيذه تضطر لعمل "مساومات ما" أو أن تحيد عن مسارك قليلاً لأجل غرض مؤقت ومحدود، لكن ما يحصل ليس براغماتية بل "ٌقصور سياسي".
كل فلسطين في مواجهة كل "إسرائيل"
يرى علي أن "سؤال العمل يجب أن متجاوزاً للجغرافيا السياسية الفلسطينية، في كل مكان وصلنا إلى الحائط، في غزة أخذ الناس خيار المواجهة ولكن للأسف لم يتم كسر الحصار، وفي الضفة واضح إلى أين وصلنا، والتهديد والوعيد بقضية قطع العلاقات مع "إسرائيل"، وحصلت تعبئة على الدول العربية التي أعلنت التطبيع، وفي النهاية أعادت السلطة العلاقات، وفي الداخل هناك أزمة، والقدس هناك مخططات اسرائيلية دون تصدي لها".
وأضاف: "نحن نحتاج إلى العودة إلى ما قبل التسعينات حين حصل الفصل بين مكونات الشعب الفلسطيني، وأن نعلن فشلنا، ونعود للتفكير بفلسطين كلها في مواجهة إسرائيل كلها، مع احترام خصوصيات كل تجمع، تحت مبدأ "لا يكلف نفساً إلا وسعها"، تحت خطاب جامع ناظم لكل هذه المكونات".
وواضح أن خطاب الدولتين انتهى، ومبرر وجود السلطة هو حماية المستوطنين في الضفة، وقد أصبح التوجه للعيش في المستوطنات "لأغراض الرفاه"، وفي غزة والداخل نعيش بأزمة، لذلك نحتاج لإعادة بناء منظمة التحرير ولا نبقى عالقين في خطاب "الدولة والدولتين"، والتوجه نحو "كيف يمكن تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني في كل مكان؟".
"تهميش الداخل"
وقال الكاتب والباحث السياسي، ساري عرابي: "هناك إشكالية لدى الحركة الوطنية الفلسطينية عموماً، حيث لم تنجح في تأطير فلسطيني الداخل، خلال مرحلة الثورة، وهذا يدل على أن جزء من شعاراتها في ذلك الحين كان يفتقد للمصداقية".
ويتابع: "الأخطر أن منظمة التحرير بعد أوسلو كفت عن تمثيلها لكل الفلسطينيين، وأحالت هذا الأمر للسلطة الفلسطينية الحاكمة للفلسطينيين في الضفة وغزة، وهناك إشكال إجرائي وتنفيذي يتعلق بالفلسطينيين بالشتات، وهذا دفع قطاعات من فلسطينيي الداخل لأن "يقلعوا شوكهم بأيديهم"، وبالتالي فإن خيار الدخول في انتخابات "الكنيست" خاطئ، لكنه مؤسس على ظروف متعددة بينها "فشل الحركة الوطنية" والاعتراف العربي والفلسطيني الرسمي "بالكيان الصهيوني".
الحركة الإسلامية الشمالية: بناء مجتمع عصامي
وأضاف: أرى أن أفضل الخيارات كان مشروع الحركة الإسلامية الشمالية، ببناء مجتمع "عصامي" لفلسطيني الداخل، وإدارة قضاياهم الاجتماعية والسياسية والإدارية بالاستغناء عن المؤسسات الإسرائيلية، لكن هذه الرؤية كانت بحاجة لتعاضد والاتفاق بين القوى.
وأكد أن "الدخول في الكنيست لم يحقق لفلسطيني الداخل أية مكاسب سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية، دولة الاحتلال لم تقابل هذه المشاركة بإزالة سياسة التمييز العنصري وبقيت قائمة، والدخول في اللعبة السياسية الإسرائيلية كان سيفضي إلى الحالة التي وصلنا لها، وتحولت المشاركة في الانتخابات الإسرائيلية لعبة نخبوية لخدمة القيادات المتنفذة في الأحزاب العربية وليس لتحقيق مصالح للمجتمع الفلسطيني".
المشاركة في "الكنيست": تجميل لصورة الاحتلال
وأضاف: "بنية الدولة الإسرائيلية استفادت من مشاركة العرب في تجميل صورتها، وتدجين واحتواء الجماهير الفلسطينية واحتوائها".
وتابع: "جرى تفريغ العمل الوطني الفلسطيني في الداخل المحتل، من مضمونه، وتحول إلى خطابات مضللة داخل الكنيست مع أحمد الطيبي الذي يملك في الوقت نفسه علاقات واسعة مع المؤسسات الإسرائيلية"، كما أن السلطة فرغت النضال في الضفة وغزة،
ماذا جنينا من الدخول في الشرط الإسرائيلي؟
جرى ذلك في الداخل أيضاً، أي دخول في الشرط الإسرائيلي للعمل السياسي، سيقود إلى خسارة فادحة، سواء على مستوى اتفاقية أوسلو أو انتخابات الكنيست".
وأشار إلى أن خطوات منصور عباس تعتبر حتى انسلاخاً عن توجهات السلطة الفلسطينية، التي دفعت المشتركة للتصويت على غانتس لرئاسة الحكومة، بهدف إقصاء نتنياهو.
وحول تأثيرات حظر الحركة الإسلامية على الواقع الحالي في الداخل، يرى عرابي أن "لدى الاحتلال عمل على تحويل الأحزاب العربية إلى أدوات، لتحقيق مصالح النخب المتنفذة، فلا يعقل أن تسمح هذه الأحزاب بالاستفراد بالشكل الذي جرى بالحركة الإسلامية الشمالية، وهو ما يؤدي بالنتيجة غداً بالاستفراد بأي حزب أو تجمع آخر، والاحتلال غير عاجز عن خلق الذرائع في استهداف أحزاب أخرى، وواضح أنه إما أن تكون ضمن الشرط الإسرائيلي أو يتم حظرك، ولو كان هناك وقفة جدية في وجه قرار حظر الحركة، لكانت هذه فرصة لتصعيد الحالة النضالية في وجه سياسات الاحتلال".
وتابع عرابي قائلاً: "قرار حظر الحركة الإسلامية الشمالية مؤشر مهم على أن الاحتلال يلاحق من هم أكثر تأثيراً، خاصة لدورها في منع الأسرلة ورفع الروح الوطني وخلق المجتمع العصامي وحماية المقدسات، وسعى الاحتلال لتحطيم هذه التجربة".
منصور عباس: مسارعة نحو الأسرلة
وأشار الناشط والكاتب علي زبيدات إلى أن مبرر منصور عباس في خطواته الأخيرة، جاء من "التوصية على غانتس"، واعتبر أنه "طالما صوتت المشتركة لجنرال حرب لماذا لا نعقد صفقة مع نتنياهو".
وأوضح أن عباس أقدم على عدة خطوات من هذه النوع، بينها التصويت لمراقب حكومة من حزب "الليكود"، وأصدر بياناً مشتركاً مع رئيس الكنيست "ياريف ليفين" علماً أن الأخير أحدث عتاة ما يسمى "باليمين الصهيوني" في دولة الاحتلال، ويقف خلف قوانين معادية للفلسطينيين مثل "قانون القومية" و"مكافحة الإرهاب".
ما هي مسؤولية باقي أحزاب المشتركة؟
واعتبر علي أن منصور عباس رهن موقفه السياسي مع نتنياهو، وقال: "الأطراف الأخرى في المشتركة تتحمل مسؤولية الوضع الراهن، وقد أوصلتنا إلى الحضيض، لديهم أوهام أنهم مثل وليد جنبلاط في لبنان "بيضة القبان" في السياسة، وهم من يرجح الكفة من خلال اللعب على تناقضات الصهيونية، وفي النهاية غانتس اتفق مع نتنياهو.
وأضاف: "هناك اختلافات بين أحزاب المشتركة، أيمن عودة جزء من الحزب الشيوعي الإسرائيلي، وهذا توجههم التاريخي، في المقابل من حدث لديه تغيير كبير، هي الحركة الوطنية الفلسطينية، وهنا الكارثة، لأنه جرى تشويه لوعي الناس".
وقال: "قادة هذه الأحزاب لا يفكرون بطريقة سياسية، بل ما يهمهم نجوميتهم على مواقع التواصل الاجتماعي وأمام الجماهير".
ملاحقة الإسلامية الشمالية والأحزاب الوطنية
وحول تأثير ملاحقة الحركة الإسلامية وحزب التجمع ونشطاء آخرين، قال: اعتقال 40 قيادياً من حزب التجمع قبل سنوات، أضعف الحركة الوطنية كلها، وحظر الحركة الإسلامية وملاحقة أبناء البلد، تأثيراتها ليست سهلة، أصبح هناك تموضع سياسي مختلف".
السلطة: تشجيع للأسرلة؟
ويتفق زبيدات مع الرأي القائل أن "السلطة والحركة الوطنية في الضفة وغزة مسؤولة عن القطيعة الراهنة مع فلسطيني الداخل"، وقال: "وصلنا إلى مرحلة أن يكون المسؤول عن التنسيق مع فلسطيني الداخل من جانب السلطة، هو رئيس لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي محمد المدني، وكان هناك دفع وضغوط من جانب السلطة لدفع الأحزاب العربية للتوصية على غانتس".
يُشار إلى أن منظمة التحرير دفعت عدداً من الأحزاب العربية، خلال انتخابات "الكنيست" في 1992، للتصويت لصالح حزب العمل بقيادة رابين، "بهدف إيصاله للسلطة وتوقيع اتفاقية تسوية".
ما العمل؟
وأوضح أن المطلوب للخروج من هذه المرحلة هو "أن تطرح الحركة الوطنية كل هذه الأخطاء، وأن تلملم نفسها، ومطلوب منها أن تصمد في ظل الظروف الصعبة في المنطقة والعالم، ثم تطرح سؤال ما العمل؟".
غياب استراتيجية سياسية
وحول الأسباب التي أدت لهذه المرحلة "المأساوية" في العمل السياسي الفلسطيني بالداخل، يرى الباحث رازي نابلسي هو "عدم وجود إطار سياسي يحكم العمل الفلسطيني، والقائمة المشتركة تم تأسيسها دون إطار سياسي أو ضوابط أخلاقية تحكمها، بل كانت توليفة أحزاب لتجاوز نسبة الحسم في الانتخابات الإسرائيلية".
وأضاف: "لمنع خروج أصوات مثل منصور عباس، يجب أن تكون هناك استراتيجية سياسية واضحة لدى فلسطيني الداخل المحتل".
وتابع نابلسي: "الإشكالية الكبرى هو عدم وجود سقف سياسي لفلسطيني الداخل، ومنذ البداية حذرنا من أن التوصية على غانتس ستفتح الباب أمام السلوك السياسي الذي يعتمد على الانتهازية دون ضوابط أخلاقية وسياسية".
"إسرائيل خلقت الوباء فهل نطلب منها الدواء؟"
وتعليقاً على قضية "منع الجريمة"، أكد أن "أحد أهم دوافع الجريمة في الداخل هو التيه الذي أصاب الهوية السياسية، لأن الهوية هي ما تنظم المجتمع وتحميه من الانجرار نحو الجريمة وأشكال أخرى من التفكك".
وأكد أن "التوجه نحو نتنياهو زيادة المشكلة بدلاً من حلها، الحل يأتي من بناء حالة سياسية في الداخل وتنظم الناس كشعب تحت احتلال، ومن المهم الإشارة إلى أن الحكومات الإسرائيلية هي المسؤولة عن وباء العنف، والحل هو في الصراع مع هذه الدولة".
ولا يعتقد رازي أن الجريمة سببها "تقصير من الحركة الوطنية"، بل "امتداد لتراجع الحركة الوطنية بعد عام 2000".، وقال: "السؤال اليوم هل نخرج من الجريمة شعب فلسطيني، أم نكون في وضع أسوأ من الجريمة وهو الصهيونية".
وقال: "الخدمات حقوق الناس وأن يكون لديها حد أدنى من مكونات الحياة الكريمة، والدولة العنصرية هي التي تربط بين الخدمات والمواقف السياسية، والغريب أنه بعد تنازلات أيمن عودة ومنصور عباس لم يحصلوا على شيء من هذه الحقوق".
وأكد نابلسي أن "الفلسطينيين في الداخل تاريخياً هم انعكاس للحالة الوطنية العامة، في الوقت الذي كانت فيه منظمة التحرير قوية كان العمل السياسي بالداخل قوياً، وبعد توجه المنظمة نحو اتفاق أوسلو أيضاً كان هناك رد فعل بالداخل، واليوم بعد انهيار المشروع الوطني ما نراه بالداخل نتيجة لذلك".
مبرر للمطبعين
في شهر أيار الماضي، بثت قناة "MBC" السعودية خبر انتخاب منصور عباس نائباً لرئيس "الكنيست"، ورغم الأخطاء الكبيرة في الفيديو، حيث قالت أن عباس هو نائب لرئيس الحركة الإسلامية في فلسطين، علماً أنه نائب لرئيس الحركة الجنوبية في الداخل المحتل عام 48، التي انفصل عنها القسم الشمالي بعد رفضه المشاركة في انتخابات "الكنيست".
ما يهم في المقطع الذي بثته القناة هو الرسالة التي يحملها، وهي موجهة للجماهير في الوطن العربي، أنه "طالما أن القادة الفلسطينيين يشاركون في مؤسسات إسرائيل، لماذا نرفض التطبيع؟"، رغم أن الفيديو يحمل الكثير من المغالطات، إلا أن يؤكد التحذيرات من استخدام الاحتلال لمشاركة الأحزاب العربية في "الكنيست"، لتجميل صورته.